الدكتور [ ألفريد وايزمان ] بريطانيا هي التي زرعت [إسرائيل] وأميركا تعهدت بدعمها وحمايتها إلى الأبد


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الملاحظ أن الدراسات الغربية حول الديانات ـ حتى الوضعية مثل البوذية والهندوسية ـ غالباً ما تكون دراسات موضوعية بعيدة عن أي تجريح· ولكن الإسلام ـ وحده ـ من بين كل الأديان هو الذي يتعرض في الغرب للنقد والتجريح على الرغم من أنه دين يؤمن بالله, ويؤمن بموسى، وعيسى ويرفعهما فوق النقد بوصفهما من أنبياء الله - عليهم السلام -·

والمؤسف أن هناك بعض المستشرقين والمفكرين والفلاسفة الغربيين لا يزالون يرددون بصورة أو بأخرى مزاعم العصر الوسيط حول الإسلام· فإن عبَّر المسلمون عن استيائهم إزاء هذا التعامل الظالم على الإسلام من جانب بعض المستشرقين، فإن هذا يعني في نظر بعض الباحثين الغربيين عدم قدرة المسلمين على فهم الأمور فهماً علمياً!! ·

والإسلام ـ في نظر وسائل الإعلام الغربية ـ دين دموي، والإرهاب نابع من الإسلام، والإسلام دين لا يحترم المرأة، والجهاد يعني تدمير الحضارة الغربية ودمار البشرية، كما يجري الخلط بين الإسلام كدين وما نشاهده اليوم من تخلف وصراعات في العالم الإسلامي·

وبالرغم من كل هذا وذاك··· إلا أن هناك فريقاً من المستشرقين المعتدلين ـ وهم قلة ـ الذين أنصفوا الحضارة الإسلامية، وقاموا بإنجاز دراسات كثيرة في جميع مجالات العلوم العربية والإسلامية، وبخاصة في مجال المعاجم والقواميس اللغوية ··· ويأتي على رأس هؤلاء ـ ضيف هذا اللقاء ـ المستشرق الأيرلندي الموضوعي الدكتور <ألفريد وايزمان> ـ أستاذ الحضارة والعلوم الاجتماعية الذي أصدر أهم مجلة استشراقية متخصصة في أوروبا وهي مجلة <حضارة الشرق>، وهو فيلسوف صاحب عقلية موسوعية نادرة··· من أجل هذا وذاك كان لنا هذا اللقاء الذي جاء كما يلي:

بدءاً ما السر وراء العداء الغربي السافر ورفض الغربيين المطلق للإسلام وأهله وحضارته، على طول التاريخ وإلى هذا اليوم؟!

ـ الواقع أنه ليس بالأمر الغريب أن يختلف الغربيون مع المسلمين في الرأي حول الإسلام، ذلك لأن منطلق تفكير الغربيين بالنسبة للإسلام وحضارته يختلف عن المنطلق الذي يصدر عنه تفكير المسلمين، ولهذا تختلف وجهات النظر بين الجانبين وستظل مختلفة·

ولا ينتظر الجانب الإسلامي أن يتبنى الغرب وجهات النظر الإسلامية، ولا يطلب من كل غربي أن يغير معتقده ويعتقد ما يعتقده المسلمون عندما يريد أن يتحدث أو يكتب عن الإسلام، ولكن هناك أموراً أولية بدهية يتطلبها المنهج العلمي السليم، فعندما أرفض وجهة نظر معينة لابد أن أبيِّن للقارئ أولاً وجهة النظر هذه من خلال فهم أصحابها لها، ثم لي بعد ذلك أن أوافقها أو أخالفها·

لكن السؤال لا يزال قائماً هو مواجهة الإسلام بضراوة وخصوصاً بعد أحداث سبتمبر في الولايات المتحدة الأميركية؟!!

ـ من المفروض أن العرب والمسلمين ألا يسألوا مثل هذا السؤال أبداً، فمتى كان الغرب حليفاً للإسلام، فإذا كانت بريطانيا هي التي زرعت إسرائيل في قلب العالم العربي، فإن فرنسا هي التي أنشأت لها المفاعلات النووية وطورتها خلال العقود الماضية، أما الولايات المتحدة الأميركية فهي التي تعهدت بحماية ربيبتها <إسرائيل> براً وبحراً وجواً على النحو الذي يعرفه الجميع·

ولماذا ينتظر العرب والمسلمون خيراً من الأمة الأميركية التي ديدنها تدمير الأمم الأخرى، وتزكية روح الصراعات بين الدول الصغيرة والمغلوبة على أمرها، وممالأة اليهود واعتناقها الترعة الصهيونية لتخويف العالم كله، وفرضها <العولمة> لتسخير العالم لخدمتها وتنفيذ أغراضها·

ولا أكون مُبالغاً إذا قلت: إن علاقة أميركا بالعالم العربي ـ خصوصاً ـ هي علاقة الدور الأميركي بإضعاف العرب وتأمين السيطرة الإسرائيلية، ولن تغير أميركا موقفها من العرب إلا إذا غيَّر العرب موقفهم من أنفسهم، أي وحدوا جهودهم، ولو بشكل جزئي، وفي جميع الحالات فإن الموقف الأميركي من العالم العربي لن يتغير إلا بوجود عامل خارجي يفرض عليه ذلك·

المهم أن الصراع العالمي الآن في مواجهة الإسلام، تمحور في العقود الأخيرة في صورة الصراع العربي ـ الإسرائيلي، وجوهره وقوامه أميركيون يهود، يهندسون هزيمة الشعب الفلسطيني وانتصار إسرائيل· وبهذا المعنى فإن تاريخ العلاقات الأميركية ـ الصهيونية هو تاريخ العداء للشعب الفلسطيني، بقدر ما هو تاريخ علاقة واشنطن بالقضية الفلسطينية هو تاريخ دعمها المطلق لدولة إسرائيل·

وبداهة: فإن موقف واشنطن من فلسطين العربية هو موقفها الإجمالي من الشعب العربي <قلب الإسلام> الذي لم ير خيراً من الولايات المتحدة حتى اليوم·

باعتبارك أحد الباحثين الغربيين في العلوم الاجتماعية وعلم مقارنة الأديان ـ على وجه الخصوص ـ ترى ما مستقبل الإسلام في الغرب؟!

ـ الإسلام دين المستقبل، لو أحسن المسلمون عرضه، بسبب وضوحه الشديد، وعدم اصطدامه بالعلم والحضارة والرقي، وإعماله العقل والتفكير، ودعوته للتطوير والارتقاء الحضاري، وخلوه من التناقضات·

ففي غمرة ما تعرض له المسلمون في أميركا بعد أحداث 11 سبتمبر الماضي من أذى معنوي ومضايقات سياسية واجتماعية ومالية، ورغم إدانتهم الصارخة للإرهاب والإرهابيين، وحرص جمعياتهم ونخبهم الفكرية على التشديد والتمييز بين الإرهاب كفعل إجرامي لا يمكن تبريره تحت أي ذريعة كانت وبين الإسلام كدين محبة وسلام وتسامح وفكر وحوار, ورغم استدراك بعض المسئولين الأميركيين لعدم زج الإسلام والمسلمين بالمطلق في خانة الإرهاب العالمي، كل ذلك هيأ ما يشبه الصحوة في ضمير الأميركيين وعقولهم، وإن جاءت متأخرة، في محاولة جادة للتفهم والتبصر والتأمل بخلفيات وبواعث ما حدث ماضياً وحاضراً·

ومن المؤشرات البارزة على تلك الصحوة التي مازالت قائمة إلى اليوم هو تهافت الوسائل الإعلامية على إجراء مقابلات مع الفتيات الأميركيات اللواتي اعتنقن الإسلام حديثاً واللواتي تزايدت أعدادهن نحو أربعة أضعاف بعد أحداث أيلول الماضي·

كذلك إقبال الأميركيين على زيارة المساجد والمؤسسات الدينية والثقافية، واستضافة بعض المحطات التلفازية لبعض الشخصيات الإسلامية والأميركية للحديث عن القضية الفلسطينية والانتفاضة· التي تعرضت إثر ذلك إلى انتقادات عنيفة من قبل اللوبي الصهيوني·

كذلك التهافت الواسع على شراء نسخ من القرآن الكريم التي نفدت من الأسواق بسبب المنافسة على الشراء وغيرها من المؤلفات التي تتعلق بالعقيدة والتاريخ والحضارة الإسلامية·

ولئن اختلفت دوافع الأميركيين وراء تهافتهم على شراء الكتب الإسلامية، فلأن ذلك ـ بالتأكيد ـ سوف يصب في صالح الإسلام·

 

لماذا اعتقلتك السلطات الألمانية مدة سبع سنوات في حقبة السيتينيات من القرن الماضي؟

ـ عندما أصدرت كتابي عن الصهيونية بين الدين والسياسة والذي أحدث بدوره صدى واسعاً بين المثقفين والمفكرين الغربيين، فتعاطفت الحكومة الألمانية مع اليهود الصهاينة من أجل إرضائهم، وخصوصاً أن لليهود نفوذاً كبيراً في أوروبا الشرقية، وقد هددني اليهود بالقتل آنذاك، وأوضحت للعالم كله أن الصهيونية مذهب ديني احتلالي مستبد متطرف حاقد، يتمذهب به غُلاة اليهودية، وهو قائم على أساس السيطرة السياسية الجامحة، والغرور العنصري، والتعصب الديني الجانح الممقوت، وأنها ترمي إلى تقويض النظم السياسية للمجتمع الدولي بأسره، وإخضاعه لسيطرة اليهود، وفي سبيل تحقيق أهدافهم يلجأون إلى البطش الدموي والإرهاب الفكري والاجتماعي، وإهدار القيم الإنسانية جميعاً·

هل معنى ذلك أنك سبقت المفكر الفرنسي <جارودي> في مواجهة الصهيونية وكشف مخططاتها؟!

ـ بالفعل، فكتابي هو مسمار في نعش الصهيونية، بيد أن <جارودي> استطاع كشف مؤامرات المذاهب الغربية كلها، ثم فاجأ العالم بكتابه الشهير <أحلام الصهيونية وأضاليلها>، وهو الكتاب الذي مُنع من النشر في البداية بأمر الصهيونية العالمية، لما يتضمنه من حقائق اكتسب في طرحها من عقلية <جارودي> ما جعله ضوءاً كاشفاً للإنسانية في سبيل مقاومة السرطان الصهيوني، وهو كتاب يؤكد لنا أن <جارودي> لم يتردد في إعلان ما يؤمن به رغم التهديد بالقتل في وجه أعتى القوى وأكثرها عدوانية··· وهذا الكتاب الذي أعجبني كثيراً بمثابة مواجهة من هذا النوع بين مفكر مؤمن أقام إيمانه على اليقين والعلم والحقيقة، وبين ظاهرة سياسية من ظواهر عصرنا معادية للحق والعدل والإنسانية بأسرها·

ترى··· لماذا تطوعت للدفاع عن نظام الأسرة في الإسلام في كتابك الأخير <في مواجهة العواصف>؟!

ـ الذي دفعني لذلك رؤيتي ووجهة نظري التي أُؤمن بها، فللأسف أن الصورة السيئة التي في أذهان الغربيين عن الإسلام وحقوق المرأة فيه هي التي صنعها الغرب متعمداً التشويه·

كما أن المرأة الغربية المستعبدة من قبل الرجل الغربي تواجه قمعاً وانتهاكاً لحقوقها بشكل سافر، وبالتالي فإن دعوة الغرب للمرأة الشرقية أن تتخلى عن إسلامها وتلحق بأختها الغربية أمر له مغزى خطير جداً! ·

والمضحك أن المرأة الغربية ـ في الواقع ـ لم تكن لها أي حقوق في الماضي، وليس لها في الحاضر إلا دور واحد فقط هو إشباع غرائز الرجل جنسياً واقتصادياً، فأي تحرير تعيشه المرأة الغربية!! ·

إنها أوضاع مؤسفة وفلسفات شاذة تلك التي يعتد بها الغربيون ويريدون أن يفرضوها على غيرهم تحت مختلف المسميات والدعوات المتهافتة.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply