باكثير رائدا للأدب الإسلامي


 

بسم الله الرحمن الرحيم

- ضمن نشاطات رابطة الأدب الإسلامي العالمية.

- ريادة الأديب علي أحمد باكثير للأدب الإسلامي!

 

عقد المكتب الإقليمي لرابطة الأدب الإسلامي في الرياض ملتقاه الأدبي الشهري في السابع والعشرين من ذي الحجة 1424هـ، وكان عنوان اللقاء: (ريادة باكثير في الأدب الإسلامي.. المفهوم والتطبيق) تحدّث فيه الإعلامي الدكتور محمد أبو بكر حميد، وأدار الملتقى الناقد الأستاذ د. سعد أبو الرّضا نائب رئيس تحرير مجلة (الأدب الإسلامي)، وقد حضر الملتقى حشد من أعضاء الرابطة ومثقفيها وجمهورها.

 

الثبات على المبدأ:

بدأ د. محمد أبو بكر حميد محاضرته بالتحدث عن سيرة الأديب باكثير، فقال: لقد اتضحت الرؤية الإسلامية لدى هذا الأديب الكبير منذ كتاباته الأولى، فلم يغيّر يوماً جلده أو مبدأه، وكان ثباته هو سبب ما تعرّض له من تضييق وإهمال متعمد لأعماله الكثيرة، ويكفي هنا أن نستشهد بكلمة فاروق خورشيد عنه إذ يقول: \"لم يظلم النقد الأدبي كاتباً كما ظلم علي أحمد باكثير، إنه مرض المواقف وهذه شهادة لعلي أحمد باكثير ولكنها بعد وفاته،

وهنا يتضح أن هذا الأديب أخذ بمواقفه الإسلامية الناصعة الثابتة وأدبه المعبّر عن الرسالة الخالدة للأمة، وهي رسالة الإسلام في وقت برز فيه الفكر الماركسي وأدبه وكتاباته وإعلامه.

 

المضمون الإسلامي المشرق:

انطلق الأديب علي أحمد باكثير - رحمه الله - في أدبه من فكر إسلامي مشرق، وهو يطرح فكره بطريقة غير مباشرة في كثير من الأحيان مركزاً على فنيّة الأدب وجماله الأخاذ، ولذلك وصل إلى مضمونه الإسلامي من خلال عدّة محاور هي:

 - الحياة المعاصرة.

 - التاريخ الإسلامي.

 - تاريخ وأساطير حضارات ما قبل الإسلام.

 - أساطير مسيحية.

واستطاع باكثير أن يضفي على الأساطير التي تناولها مشاعره وأحاسيسه الإسلامية، وينتشلها بأسلوبه مما وقعت فيه من انحرافات لصالح الإنسان السويّ، والفكر القويم.

وهذا لا يتسنى إلا لأديب متمرسº فمن أفضل الأعمال التي كتبها من حضارات ما قبل الإسلام مسرحية (أخناتون ونفرتيتي) وأخناتون الملك الفرعوني هو الوحيد الذي دعا إلى التوحيد من بين ملوك الفراعنة، وبذلك استفاد الأديب علي باكثير من الحضارات الغابرة، ليؤكد فكره ومضمونه الإسلاميّ، وهنا يحتاج الأديب إلى أدواته الفنية بمهارة حتى لا يقع في المحظور الإسلامي أو في المباشرة الفجّة. وتعد مسرحية (فاوست الجديد) من قمة مسرحياته. ولعل للأديب الراحل رأيًا في تناول الموضوعات والأساطير في تلك البلاد، إذ يرى ضرورة ذلك لتحقيق عالمية الأدب الإسلامي، وفي مسرحية (مأساة أوديب) نجد أنه عرّاها من الوثنية وجعل الشر من الكاهن وليس من الإله!!.

أما في مسرحية (فاوست الجديد) فإن (فاوست) بدأ مؤمناً ثم استجاب زمناً لإغراءات الشيطان ليحقق ما يريد من الشهوات والغرائز، ثم يقدم له أجمل فتاة هي الحسناء (هلن) ولكنه يعود لإيمانه، ويرفض عرض الشيطان لأنه رأى ومضة من نور الله.

أما مسرحية (هاروت وماروت) فقد حصل فيها على جائزة الدولة في مصر عام 1962م مع تحفظنا على بعض ما جاء فيها.

 

أين يمضي الأديب العربي؟!

يرى علي أحمد باكثير أن الأديب العربي ينبغي أن يظلّ رائداً في أدبهº لأنه صاحب رسالة عظيمة هي رسالة الإسلام، ولذلك يجب أن يأخذ دوره الريادي العظيم في فضائه العربي والإسلامي، كما أنه مطالب أن يعبّر عن الهم الإنساني بحسّه الإسلامي القويم.

وقد قسم الأديب باكثير الساحة الأدبية في عصره إلى ثلاثة أقسام:

 - الوجه الماركسي.

 - الوجه الغربي.

 - الوجه العربي الأصيل ويعني به الوجه الإسلامي.

ولا شك أن الوجهين الماركسي والغربي يصادمان ثوابت الأمة ورسالتها الخالدة وهي رسالة هذا الدين وهو خير الأديان المنّزل على خير الرسل - صلى الله عليه وسلم - وخير الأمم، أما الوجه العربي الأصيل فهو الأدب الإسلامي، وكان يضيّق عليه كثيراً في تلك الفترة في وسائل الإعلام في ظل التيارات القوميّة واليساريّة السائدة التي فتحت لها الأبواب، مع أحقادها بما قدّمته ضد العرب والمسلمين من تشويه للهوية والثقافة الأصيلة، والعداء لطموحات الأمة وريادتها.

 

فراسة الإيمان الصادق:

لأن الأديب علي أحمد باكثير كان صادقاً في إيمانه، ثابتاً على دينه، كانت فراسته فراسة المؤمن الحقّ، فقد تنبأ بقيام ما يسمى اليوم (دولة إسرائيل) في مسرحية (شيلوك) قبل قيامها بسنوات، كما تنبأ كذلك بسقوطها في مسرحية (التوراة الضائعة)، وقد حمل عبء الجهاد السياسي من خلال أدبه، فكان يكتب كُل أسبوع مسرحية، كما أن له شعراً عظيماً متنوعاً وقد زاد عن ثمانمائة صفحة، كما نجد في شعره الاهتمام بالأطفال من خلال الأناشيد الموجهة لهم.

ولأنه ظل متمسكاً بمبادئه ورؤاه ومواقفه، فقد تكالب عليه الشيوعيون بعد مسرحيته (حبل الغسيل) التي كشفت مؤامرات وحقد وزيف الأقلام اليسارية وسيطرتها على عالم الثقافة، ومن أبرزهم محمود أمين العالم، وقد أصيب باكثير بعدها بنوبة قلبية عام 1969م، فمات مقهوراً مظلومًا، وقبل وفاته بأيام كان يقول ويردّد لقد ذبحوني.

 

نبض الحوار:

وفي ختام اللقاء جاء الحوار دافئاً بين الأدباء والمثقفين والمحاضر، فتساءل القاص نزار نجّار: ألم تكن أول قصيدة في شعر التفعيلة هي لعلي باكثير عام 1932م، فهو رائد في الشعر والنثر والفكري. كما قال الروائي د. عبد الله العريني: إنّ البيئة والزمان لم تتيحا لباكثير أن ينتشر! وسأل الناقد محمد العقدة: هل أعطى النقاد الإسلاميون باكثير أكثر مما يستحق بينما هضم اليساريون حقه؟! فقال الناقد د. أحمد السعدني كان البناء الفني في أدبه عربياً إسلامياً في الوقت نفسه، وقال الناقد د. حسين علي محمد: لا أوافق على استلهام التراث الإنساني من خلال الأساطير.

وأما الناقد د. سعد أبو الرضا فقد تمنى أن نهتم بفنية الأدب الإسلامي.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply