الإعلام في رمضان.. هل يعين على الطاعات أم يضيعها؟


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

للإعلام دور مهم وحيوي، وقد أصبح ضرورة لا غنى عنها، إلا أن الكثير من وسائل الإعلام أغفلت الدور الحقيقي للإعلام وهو تثقيف وتوعية المجتمع، وقامت بدور آخر يتنافى تمامًا مع القيم الإسلامية والعادات والتقاليد العربية والإسلامية الأصيلة، وأصبح همها وشغلها الشاغل عرض الأفلام والمسلسلات والأغاني، إلا أنها لم تقف عند هذا الحد، بل استغلت شهر رمضان المبارك لعرض هذه المواد التي تسيء لكل مسلم، وتؤدي إلى فساد المجتمع وتضييع الأجور، وخاصة في شهر العتق من النار، وحول هذه القضية الهامة كان هذا التحقيق.

 

يلهي عن ذكر الله:

د. أحمد شويدح - عميد كلية الشريعة ورئيس لجنة الإفتاء بالجامعة الإسلامية سابقًا - قال: إن ما يعرض من برامج على القنوات الفضائية فيه خير وفيه شر، وعلى المسلم أن ينتفع بالخير، وأن يبتعد عن الشر، وخاصة إذا كان صائمًا، فعليه أن يحتاط أكثر، حتى لا يبطل صومه، ولا يذهب أجره، ويحرم من الثواب العظيم في شهر رمضان الكريم، مضيفا أن ما يعرض في التلفاز وخاصة في شهر رمضان غالبًا يلهي عن ذكر الله وعن الصلاة وقراءة القرآن وغير ذلك من العبادات.

 

وأوضح أنه رعاية لحرمة شهه رمضان، وإعانة للناس على عبادة ربهم، والاستزادة من الخيرات نقول للمسؤولين والقائمين عن برامج الفضائيات: اتقوا الله فيما يقدم من برامج لجمهور المشاهدين، حتى لا تحملوا إثم أنفسكم، وإثم المشاهدين معكم وتذكروا قول الله - تعالى -: (ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون).

 

مراقبة على البرامج:

أما الأستاذ فتحي ناجي - مدير تحرير صحيفة صوت الجامعة التي يصدرها قسم الصحافة والإعلام بالجامعة الإسلامية بغزة - فقال: إن حجم المسلسلات في رمضان كبير جدًا، وهناك كثير من المسلسلات الهابطة وفي نفس الوقت مضمونها مسيء للمسلمين في هذا الشهر الفضيل، ويؤثر على الجيل الناشئ.

وقال: إن البرامج المقدمة يجب أن تكون هادفة، وتغطي جانبًا كبيرًا من الجانب الإيماني بدلاً من تبديد وقت المشاهد في ما لا يفيد، ويخالف الشريعة، وفي ما يتعلق بالمسابقات الثقافيةº يجب أن تتناسب مع المشاهدين، وأن تكون ذات مغزى ديني وإنساني واجتماعي، وأن تكون اللقاءات التي تتم في الشارع مع النخبة، وليس مع أي شخص سواء كان يستطيع التحدث أم لا، أو الذهاب إلى مكان يوجد فيه عدد من المثقفين.

وأضاف ينبغي أن يكون هناك برامج للطلاب خاصة طلاب الثانوية العامة وطلاب الجامعات. مضيفًا أنه يجب إشراك أساتذة الجامعات ممن لديهم القدرة على تقديم برامج إسلامية وثقافية قوية وهادفة وتناقش القضايا المعاصرة، والذين يستطيعون التأثير في المجتمع، كما يجب تشجيع الكتاب الكبار ممن لهم باع طويل في الكتابة للمشاركة في برامج هدفها تثقيف المجتمع، وهؤلاء كثرº إلا أن الإعلام كما يبدو أنه يركز على بعض الأشخاص، ويغفل البعض الآخر.

وأوصى بضرورة أن تكون هناك مراقبة على البرامج التي تعرض في وسائل الإعلام في كل دولة سواء كان في شهر رمضان أو غيره. مؤكدًا أن البرامج الساقطة تؤثر سلبًا على المجتمعº فهي تخلق ألفاظًا نابية يرددها الناس، وهي مخالفة للشرع، وفي نفس الوقت توجه الشباب توجيهًا خاطئًا، كما أنها تضيع الوقت في ما حرمه الله سواء كانت مناظر سافرة أو ألفاظ نابية. مستشهدًا بـ\"الكاميرا الخفية\"فقال: إنها في الغالب مقلدة وليس فيها جديد، وغالبًا ما تخرج عن الذوق العام، وهي لا تصلح لمجتمعنا لأن شعبنا أعصابه مشدودة دائمًا.

وقال: إن هناك بعض الصحف اهتمامها بالصفحة الدينية تقليدي ومكرر، وتأخذ موضوعات ثابتة لا تتغير في كل عام، وهذا يتنافى مع شمولية الدين لكافة مناحي الحياة، لذلك يجب أن تقوم هذه الصحف بتغطية حية في رمضان، وحسب تساؤلات الناس وحسب المستجدات. مشيرًا إلى أن هناك صحف تخصص عدة صفحات لشؤون المسلمين في كل العالم الإسلامي، وتستكتب الكتاب وتناقش الكثير من القضايا الإسلامية لأن الجريدة يجب ألا تنحصر اهتماماتها في البلد الذي تصدر فيه فقط.

 

عرض القضايا الإسلامية:

د. أحمد زارع - عميد كلية الإعلام والفنون بجامعة الأقصى- قال: إن الملاحظ في أن المادة الإعلامية في تلفزيونات العالم الإسلامي تكثف الجانب الترفيهي بطريقة ملحوظة، بحيث يتم استقطاب المشاهد وصرفه عن العبادة موضحًا أن الهدف منها هو جذب المشاهد أطول فترة ممكنة.

منوهًا إلى أن المواد الترويحية لا تراعي حرمة الشهر الكريم، حيث إن غالب الإعلانات تخاطب الغرائز الدنيا.

وأضاف أن هناك قنوات تفسح المجال للقضايا الفقهية والمسلسلات التاريخية، ولكن للأسف فإن هذه المساحة لا تتجاوز على أفضل حال 25% مما يجعل المتلقي المسلم في صراع بين مشاهدة التلفزيون و الاستزادة من الطاعة.

وقال: إن هذه المواد ستتوجه إلى متلق مسلم في شهر كريم، ولذلك يجب أن تراعى هذه المشاعر في أوقات السنة، ومن باب أكد في شهر رمضان، وأن تتنوع البرامج بين الاجتماعية و الرياضية والسياسية والمرأة والطفل، ولكن يجب أن تصبغ بالصبغة الإسلامية، وألا يكون هناك استفزاز للمشاعر لا من حيث الشكل ولا المضمون.

وأشار إلى أن المذيع يجب أن يكون قدوة للمستمع من حيث شكله وطريقة أدائه. موضحًا أنه على الفضائيات العربية والإسلامية أن تعرض القضايا الإسلامية بما فيها قضية فلسطين، وأن تراعى القيم الإسلامية حتى تشكل جيلاً مرتبطًا بقيمته وأرضه وبتاريخه، وتعكس معاناة واهتمامات الشارع العربي والمسلم حتى تحصل على ثقة الشعوب العربية والإسلامية.

 

ذات طابع إسلامي:

الطالبة حنين أبو نحلة - من قسم الاقتصاد والعلوم السياسية بالجامعة الإسلامية بغزة - قالت: إن الفضائيات تحضر لهذا الشهر منذ مدة طويلة العديد من المسلسلات والفوازير والبرامج المختلفة، وليس هناك أي مانع من بث البرامج والمسابقات والمسلسلات، ولكن من الضروري أن تكون ذات طابع إسلامي.

وأضافت أن الشعب الفلسطيني يعيش محنة كبيرة وعلى الفضائيات العربية والإسلامية أن تقوم بدورها في إبراز معاناة الشعب الفلسطيني، من خلال البرامج والمسلسلات والمسابقات، بالإضافة إلى أن يكون الدعاء في التراويح مركزا لفلسطين والعراق لعل الله يفرج عنهم ما هم فيه.

وقالت: إنني ألاحظ أن البرامج التي تقدمها الفضائية الفلسطينية في شهر رمضان لا تعبر عن حرمة هذا الشهر وفضله. مطالبة بضرورة تبني مشاكل وهموم الشعب الفلسطيني.

وقالت طالبة أخرى من قسم اللغة العربية في نفس الجامعة: إن الإعلام في الفضائيات يتنافى مع هذا الشهر، ونحن نلاحظ أنه قبل رمضان تبدأ الإعلانات عن البرامج التي سيتم بثها، ويحاولوا أن يجذبوا الناس إلى هذه البرامج، وإن كانوا مصرين على بث هذه المسلسلاتº فنحن بحاجة إلى مسلسلات دينية وثقافية.

وأضافت تعجبني قناة\"اقرأ\"فهي تقدم برامج تتناسب مع الشباب، مؤكدة أن هناك فضائيات تخصص وقتًا قليلاً جداً للبرامج الدينية لا يتجاوز ساعة أو ساعتين.

وحول البرامج التي تقدمها الفضائيات والتي تتنافى مع حرمة شهر رمضان وغيره من الأشهرº أكدت أن الأسرة لها دور كبير في مراقبة الأبناء وحمايتهم من السموم التي تبثها الكثير من الفضائيات.

أما الطالبة هديل عطا الله - من قسم الصحافة والإعلام بالجامعة الإسلامية – فقالت:  إنه من الضروري الاهتمام بالبرامج الدينية من حيث الشكل والمضمون، واختيار الوقت المناسب لعرضها.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply