الصحافة المختطفة


بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

الصحافة هي إحدى الوسائل الإعلامية المؤثرة التي من المفترض فيها أن تلامس الشأن اليومي للمواطن العادي حيث يحتاجُ إلى من ينقلُ همومه إلى المسئول بكل شفافية ووضوح بعيداً عن التكسب والمتاجرة التي يجيدها البعض.

لقد نشأت الصحافة بل وكل وسائل الإعلام بمختلف أشكالها لكي تكون همزة الوصل بين الشعوب وقياداتها، ولكي تكون موجهاً أميناً للأخلاق والسلوكيات والقيم، ولكي تصوب مجهر النقد ومبضع العلاج للأدواء التي تعترض المجتمع أثناء سيره الحضاري، ولذا فإن من المفترض فيها أن تقدم النقد السياسي والاقتصادي والصحي والاجتماعي من أجل إرضاء الله - جل وعلا - أولاً ثم من أجل القيام بدورها الحضاري والتاريخي في حفظ سياج الأمة من العبث الذي يحاول من خلاله العابثون أن يتلاعبوا بها ويجعلوها نهباً لكل والغ.

 

والذي يُشاهد وسائل الإعلام اليوم وخصوصاً العربي منها يلمس الانحراف الكبير الذي وقعت فيه ومن ذلك ما وقعت فيه كثير من الصحف السيارة التي أصبحت تهتم بالجانب المادي والربحي قبل الاهتمام بالقيم والثوابت التي هي سر صيانة الأمة وحفظها من الهلاك والسير إلى دوامة الذوبان ومن ثم الاضمحلال والاختفاء خلف زوايا التاريخ الغابر.

 

الشخصنة في صحافتنا العربية لا حدود لها، والشللية سيل جارفٌ غرق في أتونه من غرق بحيث أصبحت الزاوية المنفرجة تُعطى في صفحةٍ, أو زاوية لمن يملك رصيداً هائلاً من العلاقات الطبيعية وغير الطبيعية داخل هذه المطبوعة أو تلك، وأما رئاسة التحرير فقد تحتاج إلى قليلٍ, من الأهلية وكثيرٍ, من الصداقات الحميمة، والدعوات الشخصية، والمجاملات المادية والمعنوية فضلاً عن خاصية التلون حسب ما يقتضيه الموقف.

 

وأما الحقيقة فهي ثوبٌ يُفصل على قدر المقاس الذي يريده المتنفذ في الوسيلة الإعلامية ومنها الصحافة التي غاب خلف كثير من أوراقها كثيرٌ من الحقائق التي لها علاقة بالشأن العام، ولم نسلم بعد من صحافة "كل شيء على ما يرام" فهي من غيبت كثيراً من الأصوات الصادقة الناصحة التي كثيراً ما تصطدم بعبارة "موضوعك جميل حاول مرةً أخرى"، أو عبارة "أسلوبك رائع لكن الموضوع فات أوانه".

 

صحافتنا العربية ومنها صحافتنا المحلية تحتاج إلى غربلة شاملة وإلى مراجعة كبيرة لأن البعض-وأرى أنهم محقون في ذلك-يرون بأنها أصبحت وسيلةً من وسائل الاختراق الثقافي والهدم القيمي بما تنشره من بعض الأخبار الهابطة والقصص المسفة، والكتابات الملفقة التي تكسرُ اللغةَ ولا تبني الثقافة.

إن المؤسف حقاً هو أن يتحول دور الصحفي المسلم الذي خرج من رحم المجتمع المسلم إلى دور هدام فبدلاً من الحفاظ على ثوابت الأمة ومعطياتها الأصيلة التي تحفظ لها كرامتها بين الأمم إذا بنا نفجع بصحافيين يُهاجمون أمتهم في أعز ما تملك وهو قيمها وثوابتها التي حولها بعض الصحفيين والكتبة إلى عادات وتقاليد مع أن البعض من هؤلاء لا يملك الحد الأدنى من العلم الشرعي ليُفرق به بين العادة والعبادة والله المستعان.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply