ولا يستخفنك الذين لا يوقنون


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين وبعد:

فمنذ بضعة أيام اتصل بي بعض الإخوة الغيورين عن طريق رسائل الجوال يخبرون فيها بأن قناة العربية الفاسقة قد طرحت استفتاءً حول هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..تطلب فيه رأي المشاركين في إلغاء جهاز الهيئة أو إبقائه.

 

وكان قصد هؤلاء المتصلين التحميس و الحض على تكثير سواد المشتركين من أهل الخير في هذا الاستفتاء لتكون أصوات المطالبين بإبقاء هذا الجهاز المبارك - أعني هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أكثر حضوراً لتنقمع الأصوات المطالبه بإلغائه وبذلك ينقمع الباطل في نظرهم.

 

ومع تقديري لغيرة هؤلاء الإخوان إلا أني عاتبتهم على هذه النظرة المتسرعة وهذا الموقف الذي أرادت هذه القناة الماجنة إيقاعهم فيه.

 

ومن باب النصيحة والتحذير وتوسيع دائرة الفائدة أنقل للقراء الكرام ما قلته لإخواني المتصلين بشيء من التفصيل:

 

 

لقد حذرنا الله - سبحانه وتعالى - من استخفاف الملبسين وأهل المكر إذ أن لهم أساليب وطرق يستفزون بها أهل الخير ليوقعوهم في مصيدتهم.

 

ومن ذلك ما حصل في هذا الطرح من هذه القناة الماكرة حيث استجاب لهم بعض الطيبين في المشاركة ولو كانت المشاركة عن حسن نية وبقصد نصرة الحسبة وأهلها.

 

وكان الأولى بكل مسلم فضلاً عن أهل العلم والدعوة أن يتجاهلوا هذا الاستفتاء ويقاطعوه ويهجروه ويهجنوه، إذ كيف يطرح حول مرفق مبارك ينفذ قول الله - تعالى -: {وَلتَكُن مِّنكُم أُمَّةٌ يَدعُونَ إِلَى الخَيرِ وَيَأمُرُونَ بِالمَعرُوفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ}.

 

فكان الواجب إزاء هذا الطرح الفاجر أن لا يستجاب له بل يقابل بالإنكار الشديد على القائمين عليه ومطالبتهم بالتوبة من هذا الذنب العظيم والجرأة الشديدة على حدود الله - تعالى -وحرماته والذي يضيف إثماً زائداً على آثامهم الأخرى الكبيرة التي يمارسونها في قناتهم الخبيثة في بث الشبهات والشهوات وإشاعة أسباب الفاحشة بين الناس.

 

إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شعيرة عظيمه من شعائر الإسلام عدها بعض أهل العلم الركن السادس من أركان الإسلام، فكيف يأتي رويبضة جاهل ظالم ليبارز الله العداء بجعل شعائره - سبحانه - مجالاً للرفض أو القبول (سبحانك هذا بهتان عظيم).

إن المسلم الحق لا يجعل لنفسه الخيار أمام شعائر الله وشرائعه في رفضها أو قبولها بل ليس أمامه إلا القبول والتسليم وإلا فهو النفاق والفجور.. قال الله - عز وجل -: {وَمَا كَانَ لِمُؤمِنٍ, وَلَا مُؤمِنَةٍ, إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِن أَمرِهِم وَمَن يَعصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَد ضَلَّ ضَلَالًا مٌّبِينًا}.

بل أني لأتساءل في مقابل ذلك أقول: هل يجرؤ أصحاب هذا الطرح الخبيث أن يطرحوا استفتاءً عاماً للناس حول المرور أو الشرطة أو البلديات ونحوها ليصوت الناس في إلغائها أو إبقائها؟

الجواب قطعاً كلا لا تستطيع مثل هذه القنوات المغرضة الانتقائية أن تطرح مثل هذا بل ولم يرد في تفكيرها رغم بعض التجاوزات والأخطاء في هذه المرافق.. إذاً فلم هذا التقصد والهجوم الانتقائي على شعائر الله - عز وجل -؟

إنها المشاقة لشرع الله - عز وجل - والمعاداة لحماة الأمن والأخلاق والأعراض والصد عن سبيل الله - عز وجل -. ومع أن المكر شديد إلا أن الله - سبحانه - قد أخبرنا في كتابه الكريم أن الباطل زاهق وذاهب وأن الحق باق وثابت قال - سبحانه -: {بَل نَقذِفُ بِالحَقِّ عَلَى البَاطِلِ فَيَدمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الوَيلُ مِمَّا تَصِفُونَ}.

وقال - عز وجل -: {كَذَلِكَ يَضرِبُ اللّهُ الحَقَّ وَالبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمكُثُ فِي الأَرضِ}.. وقال- تبارك وتعالى -: {وَقُل جَاء الحَقٌّ وَزَهَقَ البَاطِلُ إِنَّ البَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}.

 

 

وختاماًً: أكرر الدعوة للقائمين على هذه القناة بالتوبة إلى الله - عز وجل - من هذه الجرأة العظيمة على شعيرة من شعائر الله وطرحها للاستفتاء وكذلك التوبة من آثامهم الأخرى الكبيرة في قناتهم المفسدة وأن لا يعودوا إلا مثلها أبدا..

 

و والله لن ينفعكم ما أنتم فيه من صحة وتمتع بهذه الدنيا الفانية فإنما استدراج من الله - عز وجل - وإن هي إلا أيام، أو شهور، أو سنوات معدودة وتلاقون فيها الموت الذي تفرون منه وتقوم قيامتكم.

 

وعندها لا تسألون عن الحسرة العظيمة التي تحيط بكم وعندها لا يملك بعضكم لبعض نفعاً ولا ضراً وعندها تنظرون إلى متاعكم الزائل كأنه ساعة من نهار وتدبروا قول الله - عز وجل -: {أَفَرَأَيتَ إِن مَّتَّعنَاهُم سِنِينَ* ثُمَّ جَاءهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ* مَا أَغنَى عَنهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ}.

 

 

أسأل الله - عز وجل - أن يهدي ضال المسلمين وأن يبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه وليه ويذل فيه عدوه ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر إنه سميع مجيب والله أعلم والحمد لله رب العالمين.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply