بكاء بغداد


 

بسم الله الرحمن الرحيم

أبكي، وماذا تنفَع العَبَراتُ *** وجميعُ أهلي بالقذائف ماتوا؟

ماتوا وجيشُ المعتدين، قلوبُهم  *** صخرٌ فلا نبضٌ ولا خَلَََجاتُ

تحت الرٌّكام، أَنينُهم وصُراخُهم  *** كم مزَّقت وجدانيَ الصَّرخاتُ

 

أبكي، وأشلاءُ الأحبّةِ خيّبَت   *** ظنَّ الرَّجاءِ، وزاغَت النظراتُ

ياليلة القَصف الرَّهيب، تحطَّمت  *** فيكِ المبادئُ، واستبدَّ غُزَاةُ

وحشيةٌ، لو أَنَّ هولاكو رأى  *** لتصعّدت من قلبه الزَّفراتُ

بتنا على لَهَب المواجع والأسى  *** والمعتدونَ على الأسرَّةِ باتوا

أطفالُهم يستمتعون بأمنهم  *** وصغارُنا فوقَ الرَّصيفِ عُراةُ

فَزَعُ الصِّغار يزيد من إحساسنا  *** بالظلم، إنَّ الظالمينَ قُساَةُ

ماذا يفيد الدَّمعُ، والدَّمُ هَهُناَ  *** يجري، ودِجلَةُ يشتكي وفُراتُ؟!

ماذا، وبغدادُ المفاخر أصبحت  *** عطشَى، تُلمِّظ قلبها الحسراتُ؟

بغدادُ، يا بغدادُ ما التَفَتَ المدى  *** إلا وعندكِ تُورق اللَّفتاتُ

بغدادُ ما ابتسمت رؤى تاريخنا  *** إلاً وعندكِ تُشرق البَسَماتُ

صوت المآذِن فيكِ يرفعنا إلى  *** قمم تشيِّدها لنا الصَّلواتُ

أوَّاه يا بغدادَ أَقفرتِ الرٌّبى  *** ورمَى شموخَ الرَّافدين جُناةُ

لغةُ الحضارةِ أصبحت في عصرنا  *** قَصفاً، تموت على صداه لُغات

لغةُ تصوغ القاذفاتُ حروفَها  *** وبعنفها تتحدَّث العَرَباتُ

أو هكذا، تلقى العدالةُ حَتفَها  *** في عصرنا، وتحكم الشَّهَواتُ!

ماذا يفيد الدَّمعُ يا بغدادَنا  *** وخَطاكِ في درب الردى عثرات

ماذا يفيد الدَّمعُ يا محبوبةً  *** تبكي على أشلائها الحُرُماتُ

ماذا، وألفُ قذَيفةٍ, وقذيفةٍ,  *** في عَرضها تتنافسُ القنواتُ؟

ماذا، وأبناء العُروبةِ نظرةٌ  *** وهَجَت، وعقلٌ تائهٌ وسُكاتُ؟

أبناءَ أمتنا الكرامَ، إلى متى  *** يقضي على عَزمِ الأبي سُباَتِ؟

الأمرُ أَكبَرُ، والحقيقةُ مُرَّةٌ  *** وبنو العروبةِ فُرقَةٌ وشَتات

وعلى ثغور البائسين تساؤُلٌ  *** مُرٌّ المَذاقِ، تُميتُه البَغَتاتُ

أين الجيوشُ اليَعرُبيَّةُ، هل قَضَت  *** نَحباً، فلا جندٌ ولا أَدَواتُ؟!

هذا التساؤل، لا جواب لمثله  *** فبمثله تتلعثَمُ الكلماتُ

لو كان للعَرَبِ الكرام كرامةٌ  *** ما سرّبَت سُفُنَ العدوِّ قَناَتُه

الأمر أكبرُ يا رجالُ، وإِنَّما  *** ذهبت بوعي الأُمَّة الصَّدَماتُ

الأمرُ أمرُ الكفر أعلن حربَه  *** فمتى تَهُزٌّ الغافلين عِظَاتُ؟!

كفرٌ وإسلامٌ، وليلُ حضارةٍ,  *** غربيَّةٍ,، تَشقَى بها الظٌّلُماتُ

يا ماردَ الغرب الذي لعبت  *** كأس الغُرور، وسيّرته طُغاةُ

نزواتُ قومٍ,، قادت الأعمى  *** إلى لهبٍ,، كذلك تَقتُلُ النَّزَواتُ

أبناءَ أمتنا الكرَامَ، إلىَ مَتى  *** تَمتَدٌّ فيكم هذه السَّكَراتُ؟!

ماذا أقول لكم؟، وليس أمامنا  *** إلا دخانُ الغدر والهَجَماتُ؟!

هذا العراقُ مضرَّجٌ بدمائه  *** قد سُوِّدَت بجراحه الصَّفحاتُ

وهناكَ في الأقصَى يَدٌ مصبوغةٌ  *** بدمٍ,، وجيشٌ غاصبٌ وبُغاةُ

ماذا أقول لكم؟ ودُور إِبائكم  *** لا ساحةٌ فيها ولا شُرُفاتُ؟

ماذا أقول لكم؟ وبَرقُ سيوفكم  *** يخبو، فلا خَيلٌ ولاَ صَهَواتٌ؟

قصَّت ضفائرَها المروءَةُ حينما  *** جمد الإباءُ وماتت النَّخَواتُ

بكت الفضيلةُ قبل أن نبكي لها  *** أسفاً، وأدمت قلبَها الشَّهَواتُ

عُذراً، إذا أقسمتُ أنَّ الرِّيحَ  *** قد هَبَّت بما لا تفهم النَّعَراتُ

لن يدفَعَ الطٌّغيانَ إلا دينُنا  *** وعزيمةٌ تُرعى بها الحُرُمات

إني لأُبصر فجر نَصرٍ, حاسمٍ,  *** ستزفٌّه الأنفالُ والحجرات

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply