الحياة بالمقلوب


 
 
 
 

بسم الله الرحمن الرحيم

هل يستطيع أي إنسان أن يعيش حياته أو بعضها بالمقلوب؟

ربما، ولكن هل يمكنه الاستمرار على تلك الحال المقلوبة؟

أترك الإجابة كي نعرفها ونعيها عبر الأيام، ولكن هذا لا يمنع من البحث عن العلاج والصواب في كل حال.

فهناك أنماط كثيرة في حياتنا الآن شئنا أم أبينا تسير بالمقلوب وعكس ما هو مطلوب!

فمنا من قلب نمط حياته اليومية، نوم بالنهار وسهر بالليل كما هي حال أصحاب الاستراحات والقنوات الفضائية ورواد السهر!

ومنا من قلب حاجته للسيارة في قضاء حاجاته الضرورية أو على الأقل استعمالها استعمالا أمثل، فتخطى الحواجز وقفز الأرصفة واستعرض قواه البهلوانية بالتفحيط!

ومنا من قلب تعاملات حياته المزدوجة المنزل والاستراحة فأصبح قاسيا في المنزل مع زوجته وأولاده وديعا في الاستراحة مع رفاقه وأصدقائه وشلله!

ومنا من يقرأ بالمقلوب فتجده يمسك الكتاب أو المجلة أو الجريدة فيقرأ من الأخير إلى أن يصل في النهاية إلى البداية!

وهنا نقف لنتصور النتيجة والآثار المترتبة على ذلك، فنقف عند المثال الأخير من حياة القارئ المقلوبة لا لنناقش حصيلته المعلوماتية من تلك القراءة المقلوبة، ولكن لنأخذ حقنا من العبرة.

فالأصل أن نبدأ من حيث انتهى الآخرون فنعتبر تلك النقطة نقطة البداية لنا، ثم نواصل المشوار قدر ما نستطيع من الرقي والعلو والرفعة كما هي حال الناجحين، ولكن من يبدأ بما انتهى إليه الآخرون ومن ثم يرجع إلى الوراء في مشواره فمتى سيصل إلى رقي أو تقدم؟!

ومن خلال التزاحم الإعلامي وبخاصة التسابق الصحفي نجد زوايا خصصت للشعر الشعبي العامي النبطي حتى التسمية لم يُتفق عليها!

هذه الزوايا تعنى بالشعر الشعبي فقط، فيلقى فيها التشجيع والحث والرواج، بينما يمنع منعاً باتاً نشر القصائد الفصيحة، بل نقرأ في نافذة التواصل في تلك الزوايا عبارة: عفوا، لا ننشر الشعر الفصيح، وهذه العبارة بمثابة السد المنيع ضد انتشار القصيدة الفصيحة، بل بمثابة الإحباط الشنيع لناظم القصيدة الفصيحة ولا أدري أقصد في ذلك محاربة اللغة العربية في عقر دارها، أم لم يقصد ذلك؟! أم انه إحياء للعامية كي تزاحم الفصحى حتى في ديوان العرب (الشعر)؟!.

وحقيقة تدعو للعجب وتنتظر التشجيع والاحتضان، أنك تجد من لا يفقه في قواعد النحو شيئاً وقد يكون من العامة أو أمِّيَّا لا يقرأ ولا يكتب، ومع ذلك ينظم قصيدة عربية معربة يندر فيها الخطأ الإعرابي، فأين تشجيع مثل هؤلاء الشعراء الذين نظموا أشعارهم باللغة الفصيحة وابتعدوا عن الشعر العامي؟!

وقبل أن يقال: إنه يتم في الصحف نشر قصائد عربية فصيحة، أقول نعم هناك قصائد فصيحة تُنشر ولكن لم يخصص لها صفحات تعنى بالشعر الفصيح وحده وتهتم به، ولا يقبل فيها إلا الشعر الفصيح كما هي الحال في صفحات الشعر الشعبي، أرجو أن تجد مثل هذه الصفحات النور قريبًا، وأن تتسابق عليها صحفنا وتتنافس عليها إحياءً وإذكاءً وتشجيعًا للشعر الفصيح وقائليه.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply