تشويه صورتها عبر تضخيم الواقع والترويج لأجندة المؤتمرات الدولية


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

المرأة.. في مسلسلات رمضان

يلاحظ المتتبع للمسلسلات التلفزيونية التي تبث في شهر رمضان المبارك على الشاشات الفضائية، تزايد اهتمام هذه المسلسلات وخاصة السورية منها بموضوعين اثنين:

الأول موضوع ما يسمى بالإرهاب القديم الجديد والتي كانت المسلسلات المصرية فيما مضى تكرس له مشاهد عديدة تربط بين اللحية والحجاب والجلباب، وبين تخلف المسلمين وتقهقرهم أمام الأعداء.

أما الموضوع الثاني الجديد الذي يواكب اهتمام العالم بأسره وخاصة منظمات الأمم المتحدة والمجتمع المدني التي تعنى بحقوق الإنسان، فهو موضوع حقوق المرأة والذي خُصص له مسلسل خاص في هذا الشهر الفضيل وهو مسلسل \"عصي الدمع\" والذي أخذ على عاتقه (وعلى لسان أبطاله) تعريف المرأة بحقوقها التي أقرتها المؤتمرات الدولية، وكذلك تبيان صورة المرأة في المجتمعات العربية والإسلامية، وإجراء مقارنة بين النماذج المتعددة الموجودة في هذه المجتمعات.

 

ومن هذه النماذج التي ذكرها المسلسل:

نموذج المرأة المتعلمة الذكية التي ترفض الخضوع لسلطة الرجل والتي تسعى لتنفيذ القوانين وتدعو المرأة إلى التعرف على حقوقها والمطالبة بها، وتطالب أيضاً بتغيير القوانين التي لا تتناسب مع طموحات المرأة وقدرتها.

نموذج المرأة العانس الذي يؤدي عدم زواجها إلى اضطراب شخصيتها وإلى الإساءة لنفسها وللآخرين.. فهي تسيء إلى زوجة أخيها التي تسكن معها.. وهي أيضاً تتعلق بابن أخيها وتحاول أن تحرم أمه منه.. وهي أخيراً تسعى بكافة الطرق إلى تغيير وضعها عبر اللجوء إلى الدجالين ومراسلة الصحف طلباً للمساعدة في إيجاد الزوج.

نموذج المرأة الجاهلة التي لا يهمها في هذه الدنيا إلا بيتها ومطبخها وعائلتها، ولا تفهم شيئاً عن حقوق المرأة، حتى إنها تخلط بين المرأة الإنسان ومرقة الطعام .. وهذه المرأة التي تثير سخرية المرأة المتعلمة فتسعى إلى تعريفها بحقوقها حتى تطالب بها.

نموذج المرأة المتدينة التي تجمع النساء في بيتها لتعلمهن الدين وتخوفهن من عذاب الله ومن عذاب القبر وعذب جهنم.. وتعظم من حقوق الزوج وخاصة حقه في التعدد .. وتظهر هذه المرأة وهي منقبة أو مرتدية للجلباب الذي يبدو أنه السبب في سعي الزوج للزواج من أخرى مستغلاً النص القرآني الذي يبيح التعدد من أجل إسكات زوجته المؤمنة وإخضاعها.

نموذج المرأة المتحررة التي تعيش حياة زوجية سعيدة مع زوجها الفنان الموسيقار الرقيق والذي يعيش كل واحد منهما منفرداً في بيته ولا يلتقيان إلا وفق موعد سابق.

نموذج المرأة الحساسة الرقيقة التي تسعى للارتباط بالرجل الفنان المثقف صاحب الإحساس المرهف والذي لا يستمع إلا إلى الموسيقى الكلاسيكية.

إن هذه النماذج التي ورد ذكرها في هذا المسلسل تظهر بوضوح خطورة الإعلام في تشويه صورة المرأة عبر تضخيم الواقع وتشويهه وتوجيه الناس بشكل غير مباشر من أجل تنفيذ أجندة المؤتمرات الدولية، والتي من بين أبرز توصياتها الطلب إلى وسائل الإعلام العمل على تغيير الصورة النمطية للمرأة والتي تظهرها كربة بيت همها الطبخ والعمل المنزلي والسعي لطلب الزواج، كما تكرس أيضاً الدعوة إلى تغيير الأحكام الشرعية المتعلقة بالتعدد والنفقة والحضانة، وتكرس دعوة هذه الاتفاقيات الدولية إلى حرية المرأة والمطالبة بحقوقها ومنها حقها في اختيار الزوج وفي اختيار مكان سكنها وما إلى ذلك.

إن رفضنا لإبراز هذه النماذج والتضخيم في تصويرها لا ينفي أن المرأة في المجتمعات الإسلامية والعربية تعاني من الظلم والإجحاف من قبل القوانين والعادات وتصرفات بعض الرجال الذين يسيئون معاملتها ويأخذون حقوقها، ولكن هل صحيح أن الصورة التي يحاول البعض تكريسها هي البديل الصحيح من أجل سعادة المرأة؟ وهل صحيح أن المرأة هي دوماً إنسان مقهور مظلوم؟

هذه الأسئلة تحتاج إلى وقفة صريحة مع النفس قبل الإجابة عنها، وهذا بهدف الانتباه إلى النقاط التالية:

1 - خطورة تكريس النظريات الغربية للمرأة ومحاولة فرض حلولها على مجتمعاتنا، وذلك نظراً لما يمكن أن تجر هذه النظريات من ويلات تأتي نتائجها على المرأة بالدرجة الأولى، فهي التي ستتحمل الضغط داخل المنزل وخارجه، وهي التي ستتحمل النتائج المترتبة عن هذه الحرية مثل العنوسة والعنف وضياع الأولاد وغير ذلك من المشكلات النفسية والاجتماعية التي تتحملها المرأة الغربية اليوم، والتي بدأت وللأسف تنتقل إلى مجتمعاتنا الإسلامية نتيجة التأثر بالأفكار المستوردة.. كل هذا لأن المرأة كلفت نفسها أو كُلفت بما لا يتناسب مع فطرتها السليمة، فانعكس الأمر عليها أولاً ثم على أسرتها ومجتمعها.

2 - رفض التعميم التي يحاول البعض فرضه على قضية المرأة، فما يتناسب مع امرأة لا يتناسب مع امرأة أخرى، فليس كل النساء هدفهن العلم والعمل، بل كثيراث سعادتهن في الزواج والاهتمام بأسرهن، لذا لا يصح تصوير اختيار المرأة للحياة الزوجية على أنه اختيار سيئ يقلل من شأنها ويحط من قدرها، وأن اختيارها لهذا الاتجاه قد يؤدي بها إلى الشقاء والتعاسة.

3 - محاولة تصوير المرأة على أنها دائماً مقهورة ومظلومة، وهذا الأمر غير صحيح، فالمرأة ليست دوماً بهذا الضعف الذي يحاولون تصويره.. إذ إنه كما أن هناك نساءً مظلومات هناك أيضاً رجال مظلومون؟ فكم من أزواج وأبناء يعانون من ظلم زوجاتهم وأمهاتهم؟ وكم من رجل يرعد ويزبد خارج البيت ثم يأتي إلى بيته لينفذ أوامر زوجته ويطيعها في كل ما تأمره؟ وكم من أم ظلمت أبناءها وحرمتهم عطفها وحنانها وجعلت منهم رجالاً ونساء غير أسوياء يعيشون بحثاً عن الحنان المفقود؟ ولقد ذكر القرآن الكريم نماذج عن كيد المرأة في سورة يوسف، فقال - تعالى -: إن كيدكن عظيم (28) (يوسف). وقال - تعالى -: ضرب الله مثلا للذين كفروا \\مرأت نوح وامرأت لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما\"(التحريم).

أخيرا، لا يسعنا إلا أن نؤكد ضرورة التنبيه لخطورة متابعة مثل هذه المسلسلات التي تستغل مثل هذه المواسم الإسلامية من أجل هدم الإسلام وقيمه...فحسبنا الله ونعم الوكيل.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply