نظم اختيارات شيخ الإسلام ابن تيميه


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

1. وقولُ أبي العباس أحمد إنها *** لماءان في القول الصحيح المؤيد

 

2. وما لهما من ثالث جاء مثبت *** بنص رسول الله أفضل مرشد

 

3. وأما الذي استثني ببول وغوطة *** فإن على القول الصحيح المسدد

 

4. إذا كان دون القلتين فإنه *** على ذاك محمولٌ بغير تردد

 

5. يؤيده نص ببئر بضاعة *** فراجعه لا تكسل ولا تتبلد

 

6. وعند أبي العباس ذلك طاهر *** إذا لم يغيره الملاقي بمفسد

 

7. وقال أبو العباس أحمد إنه *** لماء طهور في الأصح المؤيد

 

8. ولا نص في تقسيمه بين طاهر *** وبين طهور عن نبيك أحمد

 

9. وعند أبي العباس في عظم ميتة *** ومنفحة والقرن والظفر فاعدد

 

10. كذا الريش مع صوف فذلك طاهر *** ولا نص في تنجيسها فتقيد

 

11. وكان أبو العباس للمسح مانعاً *** وللنّتر إذ لا نص فيه لمقتد

 

12. ويحدث هذا المسح للسلس الذي *** يشق فخذ بالعلم عن كل مهتد

 

13. وليس حديث النتر و المسح ثابتاً *** ولا صح في فعل النبي محمد

 

14. وعند أبي العباس ليس بجائز *** ولو من وراء ما حال فاحظر وشدّد

 

15. فكم بين بيت الله من ركن شامخ *** وأسوار حيطان وبيت معمد

 

16. فللجهة التحريم يا صاح فاعلم *** فخذ نصَ تصريح صحيح مؤيد

 

17. وإن ذكروا يوماً حديثاً مجوِزا ً *** لذلك في البنيان غير مُفند

 

18. فقد ذكر ابن القيم الحبر أنها *** قضية عين خُصِصت بمحمد

 

19. وما جاء نص في الكراهة أن تُدر *** إلى القمرين الفرج عن خير مرشد

 

20. لئن لم يكن هدي النبي محمد *** وليس عليه أمره فله اردد

 

21. بلى مس إنسان لأمرد ناقض *** وعن شهوة ذاك المسيس فقيد

 

22. وهذا هو القول الصحيح الذي له *** أشار أبو العباس يا ذا التنقد

 

23. وكن عالماً أن التيمم رافع *** يصلى به كالماء كل التعبد

 

24. فصح عن المعصوم أن طهورنا *** إذا لم نجد ماء هو الترُّبُ فاقتد

 

25. فيجزئُ قبلَ الوقتِ بالنص يا فَتى *** وفي الوقتِ حظرُ النفلِ للمتعبدَ

 

26. فمقتدياً بالحق كن لا مُقَلِّدًا *** تَفُز إِقتفا هَديِ النَّبي مُحمَّدِ

 

27. وَلَا تَتيمَّم عندَ كُل فريضَةٍ, *** فما صحَّ هذا الفعلُ عن خيرِ مُرشدِ

 

28. فأَطلِقه كالما في كُل حُكمِهِ *** فصل به الأوقاتِ ذاتِ التَّعدٌّدِ

 

29. وأَن تمسَحَن بالرَّمل يا صاحِ خالصاً *** فَلَا بأسَ في هذا لدى كُل مهتدِ

 

30. إِذا كنتَ في أرضٍ, كثيرٍ, رِمالُها *** كأَرَضِ تبوكٍ, فامسَحَن لاَ تَقَيَّدِ

 

31. وَما صَحَّ هذا الوصفُ من نفسِ فعلِه *** وَلَا أَمرِه فافهم وراجعه تَرشُدِ

 

32. كمسحِكَ من بطنِ الأَصابع يا فَتى *** لوجهِكَ والكفَّينِ في رَاحةِ اليَدِ

 

33. فليَس على هذا دليلٌ مقرَّرٌ *** فدعه وَلَا تعمل بذلكَ تقتَدِ

 

34. ويكفيكَ فعلُ المصطفى فتقيَّدَن *** لما سنَّه واحذَر تُخالفه تعتدِ

 

35. وَتطهر بالحولِ النَّجاسةُ كلٌّها *** كَذا الخمرُ إن لمَ يقصد الخلَّ معتدِ

 

36. وهذا اختيارُ الشيخِ والنَّصٌّ لمَ يَرِد *** بتنجيسها بالحَولِ عَن خيرِ مُرشِد

 

37. وَفي الفَجرِ فاتلُ من طوالِ المفصَّل *** واقصر في مَغربٍ, ثم اقتصِدِ

 

38. وَلَيسَ على هذا دليلٌ وَلَم تَكُن *** بسنَّةِ خيرِ العالمينَ محمَّدِ

 

39. وَقَد أَنكَروا أَعني الصحابةَ فِعلَه *** فراجعه في زادِ المعادِ لتَهتَدِ

 

40. فَلَا تَقرأَن في مغرِبٍ, بِقصارِه *** بَل اقرأهُ أَحياناً وحيناً بأَزيَدِ

 

41. فَقَد قَرأَ الأَعرافَ فيها نبيٌّنا *** وَبِالنورِ أحياناً وَلمَّا يُقَيّدِ

 

42. وَكُن عالماً أَنَّ الكلامَ إِذا أَتَى *** فأَصغِ لَه سمعاً وعي العلمَ تَرشُدِ

 

43. على دَرَجاتٍ, فاعلمنَّ ذكرتها *** ثلاث فأُولاها بها الآن أَبتدي

 

44. يدلٌّ على معنى بوضعٍ, لنفسهِ *** و إِلا فمع لفظٍ, سواه فقّيدِ

 

45. وذاكَ كفي مِن فاعلمنَّ ومثله *** يدٌ ودمٌ قم ثم خُذ في المعدّدِ

 

46. فهذا كلامٌ ثم ثانيهما الَّذي *** يدلٌّ على معنى بطبعٍ, مجرَّدِ

 

47. كمثلِ سؤَال والعطاس تثاوبٌ *** بكاء و تأويهٌ أَنينُ المجوِّدِ

 

48. فهذا الَّذي عددت أَشياء ما أَتى *** من النَّفخ في النَّصِّ الأَكيدِ المؤَيَّدِ

 

49. وليس كلاماً في الحقيقةِ مبطلاً *** صلاةَ الفتى في قولِ كُلِ مسدَّدِ

 

50. وَلَو بانت الحرفانِ منه كما أَتى *** بأُفٍ, ثلاثٍ, في الحديث المؤَكَّدِ

 

51. إِذا كان مغلوباً على ذاكَ يا فَتى *** وما ليسَ مغلوباً عليهِ فقيِّدِ

 

52. ففيه نزاعٌ مستفيضٌ مقرَّرٌ *** وَلَيس لعمري مبطلاً في المؤَكَّدِ

 

53. فَلَا بُدَّ في لفظِ الكلامِ دلالةٌ *** تدلٌّ على معنى بوضعٍ, كما ابتدي

 

54. وما لاَ على معنى يدلٌّ بوصفِهِ *** وَلَا طَبعِهِ مثل التنخعِ فاشهدِ

 

55. فقد جاء في النصِّ المؤَكد فعلُه *** وَذا حاصلُ التقريرِ مِن قَوِل أَحمدِ

 

56. وأَعني أَبا العباسِ حيثُ نظمتهُ *** ولخَّصتُ ما مِنه المرادَ لمقصدِ

 

57. و لا تَقنَتَن في كلِّ وترِك يا فَتى *** فتجعلُه كالواجبِ المتأَكِّد

 

58. وَكُن قانتاً حيناً وحيناً فتارِكاً *** لذلك تسعد بالدَّليل وتهتَدِ

 

59. ففعلٌ وتركٌ سُنَّةٌ وكلاهما *** أَتت عن رسولِ اللهِ إِن كنتَ مقتدِ

 

60. بلى فاسجُدَن في فرضِ سِرٍ, فإِنَّه *** لَسُنَّةُ خيرِ العالمينَ محمَّدِ

 

61. فراجعه في الأَعلامِ إِن كنتَ شائقاً *** تجد ثمَّ ما يشفي وَيَكفي لمن هُدي

 

62. كذا سُنَّةٌ للفَجرِ تُفعَلُ بعدَها *** إذا لم تُصَّل قبلَها فتقيَّدِ

 

63. فإِن أَنتَ لم تفعل فللشَّمسِ فارقُبَن *** إلى قِيدِ رُمحٍ, ثمَّ انثني فلتسجد

 

64. وَعِند أبي العباسِ لا حظرَ للَّذي *** يصليهما أَعني تحيةَ مَسجدِ

 

65. وذا لعمومِ النَّصِّ إِذ لا مخصِّصٌ *** فَخُذ قولَ مَن بالنَّص يهدي وَيَهتَدي

 

66. أَلَيسَ لها تُقضى الفروضُ وكالَّذي *** سمعتَ به في نظمِه ذا التَّعدٌّدِِ

 

67. كذلك صحَّ النهيُ حالةَ خطبةِ الـ *** إِمامِ لمن يَأتي بنفلِ التَّعبٌّدِ

 

68. فأَمَّا الذي يأتي ابتداءً فإِنه *** يُصلِّي وَلَا يجِلس تحيَّةَ مسجدِ

 

69. فهذا دليلٌ واضحٌ متقرِّرٌ *** وَقَد كان في وقتٍ, من النَّهيِ فاقتدِ

 

70. و إِنَّ الصحيحَ المرتَضى عِندَ من قَضى *** بتعيينها فرضاً وبالنَّصِّ يقتدي

 

71. سوى من أَتى بالعذرِ فالنَّصٌّ قد أَتى *** بتخصيصِه لاغير ذا قولُ أَحمدِ

 

72. وقالَ أَبو العبَّاس بل ذاكَ جائزٌ *** لفعلِ مُعاذٍ, مع صحابةِ أَحمدِ

 

73. يصلي بهم فرضٌ وهم ذُو فريضةٍ, *** وَقَد كانَ صلَّى الفرضَ خلفَ محمَّدِ

 

74. كَذا من يُصلِّي الظهرَ يأتمٌّ بالذي *** يُصَلِّي صلاةَ العصرِ غيرَ مفنَّدِ

 

75. وَقَد قَصروا أَعني الصحابةَ دونَ ما *** يُقدِّرُه من فرسخ بالتَّعدٌّد

 

76. فما حدد المعصومُ قدرَ مسافةٍ, *** لفطرٍ, ولا قصرٍ, فهل أَنتَ مقتدِ

 

77. وشرطُ جوازٍ, نيةُ قصرِها *** فشرطٌ بعيدُ الرشدِ غيرُ مسدَّدِ

 

78. وهل جاءها إِلاَّ بنيَّةِ قصرِها *** وَلَا نصَّ في تقييدِها حينَ يبتدي

 

79. بإِحرامه للقصرِ من سيِّد الورى *** فدعه وَلَا تعمل بذلِكَ ترشُدِ

 

80. وسنَّةُ جمع الظهرِ والعصرِ يا فتى *** كذا جمعُه بينَ العِشاءَينِ فاشهَدِ

 

81. فعارض أَن جدّ بالسَّير قاصدٌ *** فإِن لم يجدَّ السَّيرَ بل قامَ للغدِ

 

82. فسنَّةٌ القصر إن كنتَ مقتدِ *** فراتبة فاعلم بذلك تَرشُدِ

 

83. وَعَنه وفي الظهرينِ أيضاً وإِنَّه *** لقولُ أَبي العباسِ مَع كلِّ سيِّدِ

 

84. وفيه حديثٌ ثابتٌ متقرِّرٌ *** عن السَّيِّدِ المعصومِ أَفضلِ مُرشدِ

 

85. وَما كانَ مِن هدي النَّبي اعتمادُه *** على السَّيفِ إذ لا نصَّ فيه لمهتدِ

 

86. ولكن يكونُ الاعتمادُ على العَصى *** أَو القوسِ ذا هديُ النَّبي محمدِ

 

87. وما ظَنَّهُ الجهال إِن اعتمادَه *** على السَّيفِ فيما يزعمون لمقصِدِ

 

88. إشارة إظهارٍ, لدينٍ, أَتى به *** فزعمٌ بعيدُ الرشدِ غيرُ مسدَّدِ

 

89. ووضعُ المصلَّى في المساجِدِ بدعةٌ *** وليس من الهدي القويمِ المسدَّدِ

 

90. وَتقديمهُ في الصفِّ حجر لروضةٍ, *** وغصبٌ لها عن داخِلٍ, متعبِّدِ

 

91. ويُشبهُه وضعُ العَصاةِ وحكمُها *** كَحُكمِ المصلَّى في ابتداعِ التعبٌّدِ

 

92. بلى مستحبٌّ أَن يماطا وَيرفَعا *** عن الداخلينَ الراكعينَ بمسجِدِ

 

93. لئن لمَ يَكُن هذا بنصٍّ, مقرَّرٍ, *** وَلَا فعلِ أَصحابِ النبيِّ محمدِ

 

94. فخيرُ الأُمورِ السالفاتُ على الهدى *** وشرٌّ الأُمورِ المحدَثاتُ فبعِّدِ

 

95. وَلَيسَ صيامُ الغيمِ يوماً واجبٍ, *** ولا مستحبٍّ, في الصحيح المؤيَّدِ

 

96. فَقَد جاء في هذا نصوصٌ صحيحةٌ *** فخذ بنصوصِ المصطفى وتقيَّدِ

 

97. وإِيَّاكَ و الآراءَ لا تَقبَلَنَّها *** وقد صحَّ نصٌّ عن نبيِّكَ أَحمدِ

 

98. و إِن أَوَّلُوا يوماً للفظِ اقدروا له *** بأَن ضيِّقوا فاردُده بالنَّصِّ مهتدِ

 

99. وذلك في زاد المعادِ أَنِ اقدروا *** ثلاثينَ يوماً كاملاتِ التَّعدٌّدِ

 

100. فمن يستحب الصومَ في يومِ غيمنا *** فذلك عاصٍ, للرسولِ محمدِ

 

101. وماذا عَسى إِن قدروه لأَحمد *** وَعَن تابعٍ, أَو صاحبٍ, لا تقلِّدِ

 

102. فليس لإنسانٍ, من الناسِ حجةٌ *** مع السَّيد المعصومِ أَفضلِ مرشدِ

 

103. وَقال أَبو العباسِ بل ذاكَ جائزٌ *** وَعَن أَحمدٍ, نصٌّ الجوازِ فأَوردِ

 

104. إِن اعتاضَ عن حبٍّ, شعيرٍ, بسعرِه *** ولا بأسَ في هذا لدى كلِّ سيِّد

 

105. فيروى عن الحبرِ ابنِ عباسٍ, أنَّه *** يجوزُ وَلمَ يُعرَف له من مفنِّّدِ

 

106. و أَما حديثُ النَّهي عن صرفه إِلى *** سواه ففي الإسنادِ طعنٌ لنُقَّدِ

 

107. وإِن صحَّ هذا فالمرادُ بصرفهِ *** إِلى سَلَمٍ, في غيرِ ذاكَ فقيِّدِ

 

108. ليربحَ فيما ليسَ يضمنُ فاحضرَن *** لهذا ففيه النَّهيُ فافهم تُسَدَّدِ

 

109. وإِنَّ صحيحَ القولِ في الجدِّ أَنَّه *** لكالأَبِ في أَحوالِه والتودٌّدِ

 

110. وذا ظاهرُ القرآن فاقرأ ليوسفٍ, *** ترى الجد باسم الأَبِّ يا ذا التَّنقدِ

 

111. فعَن ظاهرِ القرآنِ أَخذُك يا فَتى *** أَحقٌّ وأَولى عن إِمامٍ, مقلَّدِ

 

112. يرادُ اجتهادٌ منه إذ ليسَ واردٌ *** بنصٍّ, عن الهادي الأَمينِ محمَّدِ

 

113. وليس لأَبٍّ, جبرُ بِكرٍ, على امرئٍ, *** أَبته ولم ترضاه إِن كنتَ مقتدِ

 

114. وهذا خلافُ السنَّةِ المحضةِ التي *** أَتَتنا عَن المعصومِ أَكملِ سَيِّدِ

 

115. فإِن كَرِهَت فاردُد إِليها مخيَّراً *** فإِن لم تَشأ فافسخ وَلَا تَتَقَيَّدِ

 

116. وهذا هو القولُ الصحيحُ الَّذي به *** ندينُ إله العالمَين ونَقتَدِ

 

117. أَلا أَيٌّها الإنسانُ إيَّاكَ والهَوَى *** وتقليد آراء الرجالِ فتقتَدِ

 

118. وَلَا تتعصَّب للمذاهبِ جهرَةً *** وتنبذ خلفَ الظهرِ سنَّةَ أَحمدِ

 

119. فإِصداقُ تعليمِ القرآن فضيلةٌ *** بنصِّ رسولِ اللهِ أَكملِ مرشدِ

 

120. فإِنَّ انتفاعَ الخودِ يا صاحِ بالَّذي *** تعلَّمُ من آي الكتابِ الممجَّدِ

 

121. لأَفضلُ ما يسعى له الناسُ في الدٌّنا *** وأَعظمُ مرغوبٍ, إِليه لمن هُدي

 

122. فأَينَ انتفاعُ الخودِ بالشعر يا فتى *** من النَّفع بالقرآنِ إِن كنتَ تَقتدِي

 

123. ومَن قالَ هذا بالنبيِّ مخصصٌ *** فقولٌ بعيدُ الرشدِ غيرُ مسدَّدِ

 

124. وَمَن قال لا إِصداقَ إِلاَ على الَّذي *** يقدَّرُ من مالٍ, فليسَ بجيِّدِ

 

125. وإِنَّ الصَّحيحَ المرتَضى للذي أَتَى *** وصحَّ عنِ الهادي النبيِّ محمَّدِ

 

126. بهذا ندينُ الله جلَّ جلاله *** فسل ربَّك التوفيقَ أَي موحِّدِ

 

انتهت المنظومة على صاحبها الرحمة والرضوان وأسال الله الذي أعان على هذه المنظومة أن يعين على أخواتها إنه سميع مجيب

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply