إلى رائدات الإصلاح


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد للهِ رب العالمين الذي خلق المرأةَ لتسيرَ بموازاةِ الرجـل وترفعَ رأسها حين تحسٌّ بالأمنِ في ظلالهِ، وأفضل الصلاة وأزكى السلام على النبي المصطفى الذي سنَّ سُنةَ احترام المرأة وجعلها تشمخُ برأسها كلما استحضرت معـاني عـزّة الإيمان والانتساب إلى الدين القيم بعد إذ طحنتها الجاهلية النكراء وتركتها ترسفُ في قيود وأغلال الظلمِ والمهانة، فاستروَحت أرواح المؤمنات بعدَ دهرٍ, من النـُكران رافلةً بسرور القلب حين اكتشفت في رحابِ الإسلام ذاتها وتجولت في رياض الإحسان..

 

أمَّا بعدُ..أيتها الأخوات السائرات في طريقِ إصلاح الأمة، فإني أنا \" محـمد أحمد الراشد \" أودٌّ أن أرسل تحيتي العطرة للهمم العالية التي ألمسها فِيكُنَّ ومشاعر المودة الأخوية التي أحملها لكلِ أختٍ, أطالت النظر في حالِ العراق المأساوي فوَعت وأيقنت بوجوب السير في طريق الإصلاح وترميم ما انهدم والاقتراب من كلِّ يائسةٍ, وقلقةٍ, ومذهولةٍ, من نساء العراق لتعليمهنَّ وتذكيرهنَّ بمفاخر الإسلام ومناقبِ أبطالهِ وبطلاتهِ منَ السلف الصالح.

 

أخواتـي: إنَّ قضية العراق المعاصرة قد انحرف بها التَخبطُ السابق والارتجال وتمجيد الظلم، وتحولت حياتنا إلى فوضى، وانقلبت الموازين، وكلنا نؤمــن بأنَّ الرؤية الإسلامية هي المفتاح الذي يفتحُ مغاليق المشكلات الاجتماعيـة والسياسـية العراقية، ولكنَّ هذا القول العام المجمل يلزمهُ من أجلِ نجاحهِ وإثبات جديتهِ أن يتحول إلى تفصيلٍ, تجمعهُ خُطة شاملة لرسم شخصية المرأة العراقية وإيضاح الأدوار التي يمكن أن تقوم بها شريكةً للرجال في عملية الإصـلاح، ثمَّ يلزمُ بعد ذلك التوصـل إلى وضع جداول تنفيذية لربط هذه الأهداف والخُطط بالواقع عبر اكتشاف أعداد النساء المؤمنات في كلّ منطقة ومرفق من مرافق الحـياة مع تحـديد نوع الطاقة والاختصاص لكلّ أخت بحيث يكون توزيع الواجبات وتقاسم الأدوار وتكامل الأداء..

 

إنَّ من أهم صفات الدعوة الإسلامية المعاصرة أنها شاملة في طرائق إصلاحها وأعمالها، فنحنُ - داعيات الإسلام - مجموعةٌ علمية تنشرُ العلم الشرعي والأفكار الإيمانية بين الناس، ونحنُ رهطٌ يُبشر بالجنة وبالعزة عن طريق التحلي بالأخلاق الفاضلة وأداء العبادات وطلب السكينة من خلال ذكر الله وتلاوة القــرآن والتواصي والإغاثة الإحسانية، نمسحُ على رأس اليتيم ونواسي الأرملة ونُزوج العزبةَ، ونزيل غضبَ الزوجين المختلفين، ونُحجّب السافرة، ونعظُ البنتَ العاقة لوالدتها، وننشرُ التعارف بين الجـيران والقبائل والقوميات والمذاهب، ثمَّ نحــنُ أيضاً حركة سياسية عن طريق منح ثقتنا وأصواتنا للـعُصبة منَ الرجال أولي العزم والتضحية والإخلاص الذين يحملون الفكر الإسلامي وينادون بالحل الإسلامي للقضية العراقية، وربما نـُرشحُ واحدةً منا لتمثيل فَهمنا أمام هذه الـعُصبـة التي تكافح نيابةً عنّا وقد منحناها تأييدنا، ثمَّ نحنُ فوق كلّ ذلك نقوم بإحياء معاني الجهاد في سبيل الله، فإنَّ الأمـة الإسلامية هي أمة الجهاد، وإنَّ عنوان الدعوة الإسلامية على مرّ العصور والأجيال إنما هو العنوان الجهادي، وهتاف الدعـاة والداعيات دومـاً هو هتاف \" الله أكبر \"، القرآن دستورنا، الرسول قدوتنا، الجهادُ سبيلنا، الموتُ في سبيل الله أسمى أمانينا.

 

أيتها الأخوات: إنَّ الاجتماع لعمل الخير ونشره موصولٌ باجتماعٍ, مثيل في المدينة المنورة جمع الصحابيات - رضي اللهُ عنهنَّ- بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وسَندهُ يرتفع إلى مجلس ذكرٍ, كانت مريم العذراء تعظ به حواريات عيسى - عليه السلام - وتـُعلمهنَّ العفاف، ثمَّ هو مـرتبطٌ بهمسٍ, عالٍ, صريح في أروقة قصر \" فرعون \" هـمست به \" آسيا \" - امرأة \" فرعـون \" - لصالحاتٍ, توسمت في نواصيهنَّ الخير فأسرَّت لهنَّ بسرِّ الإيمان، ويكفينا هذا الفـخر بهذا النـَسب العريق وهذا الجذر الإيماني الضارب عُمقاً في تاريخ الإصلاح والأمر بالمعروف والنـهي عن المنكر، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وتحـية لكلّ داعيةٍ, مهديةٍ, هادية.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply