كدر الجماعة ولا صفو الفرد


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لابد لكل عاقل، وصاحب مبدأ وفكر صحيح ألا يكون على هامش الحياة، أو في ذيل القافلة، أو من البطّالين على طريق الدعوة، بل يجب أن يكون له أصل ومتن، أو وزن ورأي، وبعد ذلك له تأثير وتغيير في واقع حياته، وأن يكون ذا عمل دائم (فخير الأعمال أدومها وإن قل)، لا تُعيقه طول الحواجز، وعظم العقبات، ولا يُبطئه طول الطريق، ولا يُثنيه المرجفون، فهو يستمد من قوله - تعالى -: {يا يحيى خذ الكتاب بقوة} [مريم: 12]، رصيداً في الهمم والعزائم الإيجابية.

ويجب ألا يكون عبئاً على دعوته بالتشكيك فيها والتجريح، دون أن يكون للتناصح مكان، وللتثبت عنوان، وقد كان أولى به أن يكون وزيراً لأخيه كهارون لموسى - عليهما السلام -: {واجعل لي وزيرا من أهلي * هرون أخي * اشدد به أزري * وأشركه في أمري * كي نسبحك كثيرا * ونذكرك كثيرا * إنك كنت بنا بصيرا} [طه: 29-35].

نعم..هؤلاء هم الدعاة حقاً، الذي يتخذون من كتاب الله وذكره والتسبيح بحمده، والاقتداء بسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - زاداً لهم في طريق الحياة والإخاء، يشدّ بعضهم بعضاً، ويؤازر بعضهم بعضاً، ويشترك بعضهم مع بعض، قال - تعالى -: {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا} [الأنفال: 46]، وقال - تعالى -أيضاً: {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر} [العصر: 3].

إن الذي يعيش في ذيل القافلة أمداً طويلاً، سيسبقه الرواحل في القافلة، وينفرط عقده دون أن يتقبل نصح ناصح أو إنذار منذر، قد أثقلته متع الدنيا وأبطأته جراحاته من جرَّاء ذئاب الهوى ونفث الشياطين بالظنون.

وحتى لا تكون من البطالين، وبادر إلى إخوانك في الله، واجتمع معهم بالزيارة والسؤال حتى إن وجدت منهم بعض الأخطاء، فكما قال الفضيل بن عياض - رحمه الله - حاثاً على لزوم الجماعة: \" كدر الجماعة ولا صفو الفـرد\"، ومن أراد بحبوحة الجنة فليلــزم الجماعــة.

ولماذا كل هذا الحرص على لزوم الجماعة؟!

لأن الذئب لا يأكل من الغنم إلا القاصية، فسامر إخوانك بالزيارة والمذاكرة، واطلب نصيحتهم، والجأ قبل ذلك كله إلى من أبوابه لا تُحجب، وادع ربك أن يمن عليك بالهدى والثبات والخير والصلاح، وانتبه من فقدانك للثقة بنفسك وإصلاحها من سقطات أمسك، فإنه لا يمحوها إلا الحسنات، قال - تعالى -:{إنَّ الحسنات يذهبن السيئات} [هود: 114].

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply