وللدعاة زمن آخر ..!


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 نظرت من نافذة الطائرة فإذا كل شيء حولها يسرع في الذهاب..

وما كان قريباً إذا هو بعيد بعيد! وأردفت بنظرة أخرى على ساعتي فإذا عقاربها ما بين تقارب وتباعد..

تلازم وتنافر..

لكن الشيء الوحيد الذي يجمعها أنها تسير دوماً للأمام..

نعم، إنها تسير للأمام بدقة عجيبة متناهية..

دونما كلل أو ملل! كل شيء حولنا يذكرنا بمرور الزمن بسرعة ملفتة للنظر!..

بل حتى ذواتنا..

 نمونا السريع..

دقات قلوبنا..

لا تدع لنا مجالاً للشك في سرعة الزمن! ولذلك يحكم الإنسان في بادئ أمره وبنظرته المحدودة أن حياته قصيرة..

بل قصيرة جداً!!  وهذا الواقع يصح على كل من لم يعرف العيش في الحياة الطويلة!..

نعم، إن هناك حياة طويلة..

طويلة بما تحمله من معان سامية..

لا بمقياس السرعة والمادة! ! هذه الحياة لم يعش بها ويشعر بحلاوتها وطولها إلا فئة قليلة امتازت عن غثاء البشرية..

إنهم الذين أفنوا أعمارهم في خدمة الناس وهداية الإنسانية..

إنهم الدعاة إلى الله - عز وجل -.

 

 وقد تحدث (سيد قطب) - رحمه الله - عن هذه الحياة بكلام رائع، جد رائع فقال: عندما نعيش لذواتنا فحسب، تبدو لنا الحياة قصيرة ضئيلة، تبدأ من حيث بدأنا نعي، وتنتهي بانتهاء عمرنا المحدود!..

 أما عندما نعيش لغيرنا، أي عندما نعيش لفكرة، فإن الحياة تبدو طويلة عميقة، تبدأ من حيث بدأت الإنسانية وتمتد بعد مفارقتنا لوجه هذه الأرض!..

 إننا نربح أضعاف عمرنا الفردي في هذه الحالة، نربحها حقيقة لا وهماً، فتصور الحياة على هذا النحو، يضاعف شعورنا بأيامنا وساعاتنا ولحظاتنا..

وليست الحياة بعدّ السنين ولكنها بعداد المشاعر.

 وما يسميه (الواقعيون) في هذه الحالة (وهماً)! هو في (الواقع)، (حقيقة) أصح من كل حقائقهم!..

[1] نعم هذه هي حياة الدعاة..

ولهم حياة أخرى هي أجلّ وأسمى من هذه الحياة..

 حياة لا توصف بطول ولا قصر!..

لأنها في الحقيقة حياة خلود لا يناوشه الزمن بهرم ولا بلى..

عند الرفيق الأعلى!

 

(1) أفراح الروح ص 9.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply