الدعوة الفردية ( الكيفية والمعوقات ) ( 2 - 4 )


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

لابد من تنبيه إلى أن الناس يختلفون فمنهم الغافل اللاهي ومنهم من هو أفضل حالاً وإن كان عليه بعض التقصير ومنهم من هو ملتزم ولكن التزامه التزاماً أجوفاً وغير ذلك من الأصناف ولذا فإن لكل واحد من هؤلاء طريقة قد لا تسلك مع الآخر لأنهم درجات فالأول يحتاج إلى شيء قد لا يحتاجه الثاني وهكذا.

ونحن هنا سنفترض أن المدعو هو أدنى الدرجات وهو الإنسان الغافل اللاهي وسنذكر مراحل الدعوة.

وأما غيره فسننظر ما يناسبه من المراحل وأبدأه بها، وهذه المراحل هي

1- عقد الصلة بينك وبينه: بحيث تصادقه وتحسن إليه وتسأل عنه إذا غاب عنك, وتبدي له اهتمامك به, وقد تهديه هدية وتطلب منه أن يزورك في البيت, وإذا وافق على هذه الزيارة يمكنه أن تدعو معه بعض زملائك الطيبين.

وليكن منهم من هو فيه شيئاً من الدعابة والفكاهة مما يكسب قلب هذا الشخص, ويمكنك أيضا أن تقضي له حاجة ربما يحتاج إلى شرح موضوع أو شرح درس لا يجيده هو وأنت تجيده, أو تمشي في حاجته لو يريد شيئا يريد مثلا أن توصله إلى مكان, المهم أن تحاول بشتى الوسائل أن تبدي له اهتماما زائدا بحيث تكسب قلبه كما قال الشاعر:

 

أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم  * * *  فطالما استعبد الإنسان إحسان

وأنت على هذه الحالة لابد أن تستشعر في الحقيقة أن هذا العمل لله - سبحانه وتعالى - حتى يمكنك أن تقوم بهº لأنه سيكلفك أحيانا بعض الوقت وسيأتي إن شاء اللـه في الأمور التي لابد من الإشارة إليها, لعلنا نذكر إن شاء اللـه ما يمكن أن تضبط به هذه المسألة بحيث ما يمكن للإنسان أن تشغله الدعوة الفردية عن الأشياء المهمة لنفسه.

2- تقوي إيمانه بطريق غير مباشر: مثلا تتحدث معه في موضوع معين فتحاول أن تربطه بالدين تنتهز أي فرصة لتقوي إيمانه, كأن تكون مثلا تتحدثان عن متوفي تعرفانه فتربط هذا بحسن أو سوء الخاتمة وهكذا في جميع الأمور ما يحتاج أن نقف عند كل نقطة, وكل مثال أيضاً ممكن في هذه المرحلة ترغيبه في الالتزام أو على الأقل الالتحاق بشباب طيبين صالحين بإمكانك مثلاً أن تحدثه عن أصدقائك الطيبين تحدثه عن برامجهم المسلية مثلا من رحلات ومخيمات وسفريات إلى مكة مثلا, أو إلى المنطقة الجنوبية, أو إلى الشرقية أو إلى غير ذلك من سفرياتهم, وما يحدث فيها من الانبساط والأنس والفكاهة والمواقف الطريفة وغير ذلك بحيث أن تشعره بأن هؤلاء كالناس عندهم من الانبساط وعندهم من الاستئناس والمرح, إلا أنه بحدود وبقدر معقول حتى لا يضن أنه إذا التزم يجب عليه أن يطلق هذه الأشياء البته.

3- تحاول أن تقوي إيمانه بطريق مباشر: كأن تهدي إليه كتيب أو شريط فيه ترقيق للقلب أو فيه سيرة رجل صالح أو فيه قصص ترقق القلب كأن تكون من قصص التائبين أو غير ذلك مما يقوي الإيمان، كذلك يمكنك أن تذهب به إلى المحاضرات التي ترى أنها تفيده وقد يكون من المناسب الحقيقة في هذه المرحلة أن لا تذهب به إلى الدروس العلمية الجادة وقد يكون من المناسب أن تذهب به إلى هذه الدروس وهذا راجع إلى معرفتك لحال هذا الشخص فمن الناس من يكون يرغب بالذهاب إلى هذه الأشياء ويستلذ بها ومنهم من يتضايق ولا يرى الذهاب إلى هذه الأماكن فيمكنك أن تؤجل مثل هذه الأشياء إلى مراحل قادمة.

4- تحاول ربطه بجماعة طيبة: تعينه على الخير والاستمرار في هذا الطريق ولا بد أن تتابعه حتى ترى أنه اندمج معهم ربما تكون أنت من أحد أعضاء هذه الجماعة.

5- تحاول توسيع مفهوم الإسلام عنده: إلى ما هو أشمل من أداء الصلاة والصوم والحج بحيث يعرف بأن الإسلام يشمل نواحي الحياة المختلفة.

6- تشجعه على القيام بالعمل للإسلام والدعوة إليه.

وكما قلت هذه المراحل قد تحتاجها كلها وقد لا تحتاج لبعضها وعموما أنت وما تراه مناسبا، بإمكانك أن تتجاوز مرحلة إلى غيرها وهكذا وبما رأيت أنك بحاجة إلى مرحلة لم تذكرها.

 

سادساً: عقبات في طريق الدعوة الفردية:

في الدعوة الفردية عقبات لابد من بيانها حتى نكون على بيان من طريق الدعوة الفردية:

1- الخجل: بحيث أن الداعية أو المفترض أن يكون داعية يخجل من محاولة عقد الصلة بمن لا يعرفهم وخشية أن لا يقابل بترحيب قد يزيد هذا الخجل فتجده يقول: لا أستطيع أن أبدأ معه ثم ما هو موقفي إذا لم يرحب بي فضلا أن ينهرني. لا شك ستبتلعني الأرض خجلاً ولذا يعرض عن هذا العمل وربما الخجل يكون في جانب المدعو. فتجد أيها الداعية صعوبة في التفاهم والدخول معه في حديث ما ربما يكون من الناس الذي يحب الاختصار في الكلام تحدثه تحاول أن تضع معه موضوع تجد أنه يعلق هذا الموضوع بسرعة وبإجابات مقتصة وقصيرة. ويخجل في الاستمرار في الحديث معك ويحاول أن ينهي المقابلة أو الكلام بأسرع وقت ممكن.

2- كثرة الانشغال: بأي أمر من الأمور سواء كان أمرا دنيويا أو كان أمرا أخروياً، الأمر الدنيوي كالانشغال بأمور المعاش والدراسة والوظيفة أو الأعمال الحرة أو غير ذلك. أو يكون الانشغال بالأمر الأخروي كأن يكون منشغلا مع الجماعة التي معها منشغلا بالبرنامج ومعهم في كل وقت لذلك لا يجد الوقت الكافي لممارسة الدعوة الفردية، ربما يكون أيضا الانشغال في جانب المدعو. كأن يكون صاحب وظيفة مثلا فتتطلب الحضور صباحا ومساء أو يكون صاحب وظيفة في الصباح ويدرس في المساء أو العكس يدرس في الصباح ويعمل في المساء. و إذا كان كذلك لم يتح لك الفرصة لتتعرف عليه وتعقد معه صلة قوية.

3- عدم الصبر والتحمل من قبل الداعية: وذلك لأن هذا العمل يحتاج إلى صبر وقوة تحمل حتى يؤتي ثماره, إذ قد يتعرض الداعين إلى عدم مبالاة من قبل المدعو بحيث يأتي إليه إلى البيت على موعد سابق بينهما ثم يفاجأ بعدم وجود صاحبه يعني المدعو, أو ربما يطلب الداعين من المدعو القدوم إليه في البيت أو في مكان اجتماع الطيبين فيعده بذلك ثم لا يحضر، هذا إذا لم يصرح أيضاً بتضايقه من هذا الشخص ورغبته في أن يبتعد عنه ربما يصرح في أناس آخرين فيصلك هذا التصريح بأنه متضايق منك لا يريدك وربما يصفك بأوصاف تنفرك عن هذا العمل وتبعدك عنه لذا تحتاج إلى قوة تحمل وتحتاج إلى قوة صبر لا بد أن تعرف أنه لابد لك من هذا الصبر وهذا التحمل، ربما تتصل عليه في الهاتف وتسمع أنه يقول لأخيه الصغير قل له فلان غير موجود ربما تحضر إليه في البيت وترى أن سيارته موجودة عند الباب ثم يخرج أخاه الصغير ويخبرك بأنه غير موجود, أو ربما تكتشف أنت أنه فعلاً غير موجود وأنه كان بإمكانه تكليمك وإنما صرف هذا الأمر لأنه لا يريد مقابلتك, ولا يريد التحدث معك, وأنك قد ضايقته في أمره وغير ذلك.

4- أن الدعوة فردية تحتاج إلى نفسية طيبة وتعامل من نوع خاص قد لا يجيده كل شخص: وأقول هذا الكلام وليس فيه فتح باب إن شاء الله لمن أراد ترك هذا العمل بحيث يقول أنا لا أجيد هذا العمل وأنا ليست نفسيتي مهيأº لأن أقوم بهذا العمل وربما أفشل، لا وربما أقول هذا الكلام لتوطن نفسك للقيام بهذه المهمة.

5- أنها في الحقيقة تحتاج إلى وقت طويل: حتى تؤتي ثمارها فليس بيوم وليلة تبني فرداً متكاملا, وأخي بارك الله فيك لا يكن في ذهنك أنك عندما تكلم شخصاً أو تنصحه يأتي في خيالك أن هذا الشخص مباشرة بمجرد أن تلقي عليه بعض الكلمات يسكب العبرات على خديه ويعلن توبته على يديك هذا إن حصل فنعتبره كرامة، اعتبره شيئاً ليس في خيالك، قد يحدث، ليس مستحيل لكن لا نضعه شيئاً أصليا هو الذي يحدث، وإنما ضع الشيء الأصلي أنك تكلم هذا الشخص فينهرك ويبتعد عنك، ينهرك لايبالي بك لا يلقي لك اهتماماً يحاول أن يتهرب منك هذا هو الأصل الذي ضعه في ذهنكº لأنه إن حدث فقد وضعته في ذهنك وإن حدث ما هو أفضل فالحمد لله، يسر الله لك تجاوز مرحلة بدون صعوبة.

سابعاً: عيوب الدعوة الفردية:

لعل في كلامنا عن العقبات في طريق الدعوة الفردية يتبين لنا عيوب الدعوة الفردية وأيضاً عندما أذكر العيوب لا أُقلل من هذه الطريقة الهامة وإنما حتى يتبين للإخوة طبيعة هذه الطريقة حتى يأخذوا الأهبة عند ممارستها, ولاشك أن كل جانب من جوانب الدعوة له محاسن وسلبيات.

 

 من عيوب هذه الطريقة:

1- أنه ربما يكون إنتاجها قليلا: ربما تعمل لمدة سنة كاملة مع شخص واحد فقط. بينما في المحاضرة مثلا ربما يلقي المحاضر كلمة قوية يؤثر بها على الحاضرين أو على الأقل على نصف الحاضرين وربما يكون عدد الحاضرين بالآلاف، ربما يكون خمسة آلاف أو أربعة آلاف أو ثلاثة آلاف أو حتى ألف ولو أن نصف هؤلاء تأثروا بالموعظة أو تأثروا بالكلمة لكان عددا كبيرا جداً إلا أننا نرجع إلى ما ذكرناه في الميزات من أن تأثر هؤلاء وقتي وأيضاً لابد من متابعة ولابد من تعميق التربية في نفوسهم وممارسة الدعوة الفردية معهم.

 

2- أنها تحتاج إلى نوع خاص من المعاملة:المحاضر في الدعوة الجماعية يلقي محاضرته ربما يقوم وقد يجيب على بعض الأسئلة ثم ينتهي دوره، لكن في الدعوة الفردية تحتاج إلى معاملة خاصة مع المدعو لأنك ستواجه من أشياء قد وضعتها في الحسبان.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply