قصص من الدور النسائية


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

الملازمة للدور النسائية لتحفيظ القرآن الكريم سواء أكانت مدرسة، أو دارسة يمر بها الكثير من القصص التي تحصل لفتيات التحقن بهذه الدور، وتأثرن بما فيها من جهود دعوية مباركة، ولإبراز ما تقوم به هذه الدور الخيرية من جهود عظيمة في إصلاح بنات المسلمين وربطهن بكتاب الله - تعالى -، أحببت أن أشارك بذكر بعض هذه القصص من باب تشجيع القائمين عليها، والداعمين لها معنويا وماديا، ليروا بعض ثمارها وآثارها فيما سأورده من قصص شاهدتها أو سمعتها ولعل ذلك يشجع أخواتي اللاتي لم يلتحقن بهذه الدور لأن يلتحقن بها، ويشجع أيضا أولياء أمور الفتيات من آباء وأمهات على تسجيل بناتهم في هذه الدور الخيرية.

والقصص التي مرت بي سواء أثناء دراستي أو تدريسي كثيرة جدا، والمساحة المتاحة لي لا تكفي إلا للقليل منها.

 

1- أثر الدور في هداية الكثيرات:

حدثتني إحدى المشرفات في إحدى الدور النسائية لتحفيظ القرآن أن إحدى الأخوات كانت تجالس رفيقات السوء في المدرسة، حتى إن إحداهن قادتها إلى كبيرة من الكبائر، فلاحظت أمها أثر ذلك على سلوك ابنتها، فاصطحبتها إلى إحدى الدور المجاورة، وباستمرارها فيها شاء الله - تعالى -لها الهداية، والآن أصبحت داعية إلى الحق بعد ما كانت أحد أعضاء الفساد.

 

2- أثر الدور في الراحة النفسية:

كانت إحداهن تعاني من حالة نفسية متردية جدا، فلا تراها إلا كئيبة حزينة، قد أخذ منها الحزن كل مأخذ، فنصحتها إحدى صديقاتها بالتسجيل في إحدى الدور لحفظ كتاب الله - تعالى -ولو جزءا يسيرا منها، فبادرت تلك الحزينة إلى ذلك، وبعد فترة ليست بالطويلة قالت لي: أحسست بتغير جذري في حياتي العلمية والعملية، وحتى في سلوكي ومعاملتي مع الناس، وفي نظرتي إلى الحياة، وبدأت أتقرب إلى الله - عز وجل - بالنوافل فتحسنت حالتي النفسية.

 

3- أثر الدور في تغير السلوك:

كانت إحداهن تسيء معاملتها مع والدتها، وبعد التحاقها بإحدى الدور تحسنت أخلاقها ومعاملتها لوالدتها، فكانت والدتها شديدة الحرص على ذهابها، لأنها لاحظت تغيرها في أخلاقها ومعاملتها معها، وهي الآن مشرفة في إحدى الدور بعد أن كانت تمثل صورة في سوء خلقها مع أمها.

 

4- أثر الدور في تربية الناشئة:

حدثتني إحدى الأخوات أنها تعرف عائلة ذات صلاح، ويعتني الوالدان في تربية أولادهم التربية الإسلامية، وقد سجلوا بناتهم في دور التحفيظ النسائية، وفي مرة كان ثلاثة من أولادهم، بنتان وابن، يلعبون في إحدى الغرف، فلم يلحظ الوالدان وجودهم وظنوا أنهم سبقوهم إلى منزل جارهم، فأغلقوا الباب عليهم وذهبوا، فلما أراد الأولاد الخروج وجدوا الباب مقفلا دونهم، وحاولوا فتحه لكن دون جدوى فقالت أكبرهم، وكانت في الصف السادس، هل تذكرون قصة الثلاثة الذين آووا إلى غار فانطبقت عليهم الصخرة فتوسلوا إلى الله بصالح أعمالهم ففرج الله عنهم، فهلموا كل واحد منا يدعو بصالح عمله لعل الله يفرج عنا، وكانت قد سمعت هذا الحديث من معلمتها في دار التحفيظ النسائية، فقالت الكبيرة: اللهم إني لم أصل الشفع والوتر إلا ابتغاء وجهك الكريم ففرج عنا.

وقالت الوسطى: وكانت في الصف الرابع: اللهم إني لم أحفظ بعض السور إلا ابتغاء وجهك ففرج عنا.

وقال الابن أصغرهم: اللهم إني لم أعط أختي ريالي لتضعه صدقة إلا ابتغاء وجهك الكريم ففرج عنا.

فلم يلبثوا إلا قليلا حتى جاء والدهم يبحث عنهم فانظروا إلى ثمرات التربية الصالحة، وإلى تأثر هذه البنت بما تلقته من معلمتها في دار التحفيظ.

 

5- أثر الدور في تصحيح العقيدة والمنهج:

انتظمت إحدى الأخوات في دار لتحفيظ القرآن ومع الدروس التي كانت تلقى في العقيدة علمت الأخت أن ما تسير عليه عائلتها هو مذهب الصوفية، فأخذت تسأل الداعيات، وتقتني الكتب الموضحة للعقيدة الصحيحة، وتبحث عن الصواب إلى أن هداها الله وهي تسعى إلى هداية عائلتها.

 

وأخرى كان يلاحظ عليها مخالفتها للحجاب الشرعي فناقشتها إحدى المعلمات في إحدى الدور، فذكرت عدم اقتناعها بالحجاب، فأوضحت لها المعلمة بالأدلة الشرعية والعقلية وجوب الحجاب فاقتنعت، وزالت عنها الشبهة والتزمت به.

 

6- أثر الدور في تكوين شخصية ذات أخلاق حميدة:

تقول إحداهن لأحد المعلمات: جزاك الله خيرا لقد علمت من خلال نصحك بتحريم سماع الأغاني، وقد كنت أسمعها، ولكني الآن تبت من ذلك ولله الحمد.

وأخرى تقول: كنت ممن يبحث عن الشهرة فكان أغلب عملي رياء وطلبا للسمعة وللدنيا فقط، وبعد أن دخلت إحدى الدور لأحفظ القرآن، وكان هدفي أيضا المراءات وطلبا للشهادة فقط، فأراد الله - عز وجل - بي خيرا، وسخر لي رفيقات خير، فكن يتكلمن دوما عن الإخلاص، والحذر من الرياء فمن الله علي وشرح صدري لإخلاص عملي له، وجاهدت نفسي على التخلص من الرياء وأسأل الله العون في ذلك.

 

7- أثر الدور على كبيرات السن:

أعرف إحدى الأخوات تقارب الخمسين عاما مداومة على المجيء إلى إحدى الدور وها هي الآن بقي لها عشرة أجزاء على حفظ كامل القرآن وهي تتمتع بصحة جيدة ونفسية مرحة، وخلق رفيع، وكانت قبل التحاقها بالتحفيظ لا تحفظ إلا بعض قصار السور، وأخرى أيضا كبيرة في السن ولا ترى، ولكنها دوما تأتي إلى الدور بمساعدة إحدى عاملاتها التي ترشدها إلى طريق القاعة الدراسية، وأيضا المصلى وهي رغم ما بها إلا أنها تتمتع بنفسية راضية وقلب واسع وخلق عال.

هذا ما من الله علي به فله الحمد.

 

(*) دار الإيمان النسائية لتحفيظ القرآن الكريم.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply