التوسط في مسالك الدعوة والإصلاح


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

إن مما يدور على الألسن، ويتكرر على الأسماع قضية التجديد والإصلاحº فمن قائل بشموليته من القاعدة إلى الذروة، ومن قائل بتخصص جانب من جوانب الإصلاح، ومن مقتصر فلا هذا ولا ذلك وهذا قد أنسانا نفسه إذ نسي.

أما الأولون فقد راموا الكمال فعجزوا، فكانت وصمة الإحباط إذ عجزوا عن المنال، وتقاصروا دون الكمال.

وأما الآخرون فقد كرسوا جهدهم بما يمتلكون.

وآزروا الدعوة بما يستطيعون، مستنيرين بقوله - تعالى -: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا استَطَعتُم) وقوله - تعالى -: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفساً إلاَّ وسعَهَا لَهَا مَا كَسَبَت وعَلَيهَا مَا اكتَسَبَت رَبَّنَا لا تُؤَاخِذنَا إن نَّسِينَا أَو أَخطَأنَا...).

 بقي أن نتسائل عن المنطلقات والقواعد وأسس العمل الإسلامي فمتى اتفقت الجهات وتنوعت الأساليب لتحقيق الغاية وهي العبودية لله - عز وجل - فهذا منطلق التوحيد وقاعدة الإسلام.

أما إذا حصل اختلاف في المنطلقات والقواعد والأسس فمن هنا يكون التشاجر والنزاع والخلاف كما حصل بين الأنبياء وأممهم، فإن قاعدة الأنبياء ومنطلقاتهم هي إفراد الله بأنواع العبادة مما دل عليه صريح القرآن والسنة لقوله - تعالى -: (قُل إنَّ صَلاتِي ونُسُكِي ومَحيَايَ ومَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وبِذَلِكَ أُمِرتُ وأَنَا أَوَّلُ المُسلِمِينَ).

 وبحكم تقارب المسافات وتلاحم الشعوب على مصالحها المادية والاجتماعية فقد تقاربت الأفكار أو كادت، مما جعل ظاهرة الحوار والجدل والمناقشات في أمور الدعوة أمراً يتطلبه توحيد الاتجاه والعبودية لله رب العالمين، ولا يزال هذا الحوار في طور التكوين وذلك بوسائل الإعلام من نشرات ومجلات وكتب واتصالات وبعقد المؤتمرات والندوات واللقاءات الرسمية والشعبية، وهذا يبشر بخير متى صفت النية وحسن القصد.

وإن الفأل المعقود بوجود فئة مؤمنة تناست الألقاب والرتب المركزية متمثلة بقوله - تعالى -: (قُل لاَّ أَسأَلُكُم عَلَيهِ أَجراً إلاَّ المَوَدَّةَ فِي القُربَى) ولكن هل هذه الفئة محل ثقة وأمانة وصدق وإخلاص لدى الكثير من الناس مما يجعل تولهم محل عناية وقبول.

هذا ما يجب أن يكون.

 وقد يستوضح سائل عن إجمال ما ذكرته من مخالف لقاعدة الإسلام ومنطلقه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فنقول: قد ذهب فئة من الناس إلى أن إصلاح القمة هو سبيل تحقيق الغاية والعبودية لله - عز وجل -، فكانت صناعتهم السياسية وإرادة الحكم من غير تحقيق لمعنى العبودية لله - عز وجل -.

ومن قائل بأن الإسلام يقوم على القواعد الشعبية ولا بد من إصلاح الفرد في سلوكياته وأخلاقه ومعاملاته فكان الجهد بدل الجهاد وكان التنسك الفردي هو غاية ما يستطيعونه وكلا الفئتين على طرفين يتوسطهما منهج السلف الصالح في تحقيق العبودية لله بإصلاح المعتقد ونبذ كل خرافة وبدعة، بجانب التنسك والعبادة ومحاولة إقامة حكم الله وتنفيذ شرعه بالطرق المشروعة، وبهذا تكون شمولية الإسلام وتحقيق قاعدة: لا إله إلا الله محمد رسول الله.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply