الحرص على الدعوة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 هل نحن حريصون على الدعوة ونجاحها، وأن تكون هي الأقوى، وهي المهيمنة.

إذا كان الأمر كذلكº فهل هناك حرص آخر يوازي هذا الحرص ويزاحمه ويدافعه، وهو الحرص على المستقبل! ! مستقبل العمل الوظيفي، مستقبل الأولاد، تأمين المسكن المريح، والمركب المريح، والوطن المريح.

 إن واقعنا يدل على هذه المزاحمة والمدافعة إلا في القليل النادر.

فالدعوة لا تشغل البال ولا تقيم الداعية وتقعده، يفكر فيها ليل نهار، كيف تنجح، كيف تتقدم؟ وما هي أسباب الفشل، وما هي أسباب التأخر والضعف.

 إن الدعاة يعلمون أن وحدة الصف ووحدة المنهج من أهم أسباب قوة الدعوة، وأن تجميع الطاقات الفعالة المنتجة من أسباب قوة الدعوة، فلماذا لا يفعلون؟ وهم يعلمون أنه ليس للدعوة الآن كلمة نافذة وهيبة مرهوبة، وهيئة علماء يسمع ويستجاب لها، فلماذا لا يسعون لتحقيق هذا؟  إن أشد ما يتعجب له المرء حرص أصحاب البدع وأصحاب الباطل على نجاح دعوتهم، فنراهم يجوبون البلاد طولاً وعرضاً لنشر بدعهم ومبادئهم، يقول أحد دعاتهم: (وددت أن لو ظهر هذا الأمر يوماً واحداً من أول النهار إلى آخره فلا آسف على الحياة بعده).

 وما زلت أذكر من قراءاتي أن زعيم المعتزلة واصل بن عطاء قرر إرسال أحد دعاته المقربين إلى بلدة بعيدة، وكان هذا الداعية تاجراً كبيراً فحاول مع واصل أن يرسل غيره ويدفع مقابل ذلك مبلغاً كبيراً من المال، ولكن واصل رفض وأصر على ذهابه، فما كان منه إلا أن استجاب!  والآن نشاهد الطبيب المسلم لا يرضى - إلا من رحم ربك - أن يبدأ عمله في قرية من القرى: فيساعد أهلها ويدعوهم إلى الالتزام بالإسلام.

فكيف إذا قيل له: اذهب إلى جبال أفغانستان أو إلى غابات آسيا وأفريقيا أو ارحل مع البدو حيث رحلوا؟ ! ونرى الشباب المتخرج من الجامعات الإسلامية يفضل العمل ولو وظيفة صغيرة في مدينة من المدن على أن يذهب إلى بلاد بعيدة هم بأشد الحاجة إلى أمثاله لتفشي الجهل أو البعد عن الإسلام كلية فالمشكلة إذن هي أن الكل يريد الاستقرار في المدن، بل وفي العاصمة، فمن للقبائل ومن للقرى ومن لمسلمي العالم؟ ونعود للسؤال الذي بدأنا به هذه الخاطرة:هل نحن - حقاً - حريصون على الدعوة ونجاحها؟

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply