إليها ... رغم القيود


 

بسم الله الرحمن الرحيم

مَن لها أزجى على الدربِ ارتقاء *** وإلـيـهـا حـنَّ شوقًا و وفاء

 

وصـحـا والـلـيلُ في هدأتِه *** يـرقـبُ الفجرَ بأهدابِ الرجاء

 

وسـقـى القلبَ من الكأسِ التي *** لـيـس لـلشجوِ بها أدنى هناء

 

يـا أمـانـي... لم تزل نشوتُه *** تـغـسلُ الروحَ بشطآنِ الضياء

 

وعـلـى نـورِ المصابيح التي *** بـعـدُ ما أطفأها عصفُ العفاء

 

سـارَ والـخـطوةُ نبض مثقلٌ *** يـغزلُ السعيَ على نولِ الشقاء

 

أَلـه مـن قـدمٍ, فـي أفـقِـها *** بـعـدَ جـهدٍ, ماتوانى واتكاء!!

 

يـافـؤاداً عـاش يـهفو للسنا *** عـلَّـه يـدركُ بـالنورِ اهتداء

 

بـعـدمـا تاهت بديجورِ الأسى *** وتـهاوت بين أيدي السفهاء!!

 

أتـسـقـيـتِ مـع الذلِّ الطلا *** فـتـقـدمـتِ عليه للوراء؟!

 

أم تـواريـتِ، وفيك افتخرت *** طـلعةُ الخيرِ عطاءً و رخاء!!

 

وتـلـقـيـتِ من العصرِ الذي *** سـامه البغيُ... دموعا و دماء

 

آهِ كـم أبـكـيـتِ يـا أُمـتَنا *** من رجالٍ, ما دروا ذلَّ البكاء!!

 

أيٌّ قـلـبٍ, باتَ من غيرِ أسى *** وتـولَّـى لـيلُه دونَ شجاء!!

 

حـامـلاً مُـرَّ الرزايا أوجعت *** صـدرَه المثخنَ من طولِ ابتلاء

 

وعـلـى ثكلِ الأماني عشعشت *** نـكـبـاتٌ وقـدُها هذا العناء

 

ويـلـجٌّ الـخـطبُ في آفاقِها *** يُـلـبِسُ العانين من رثِّ الرداء

 

ويـدا أعـدائـهـا فـي عينِها *** غـبـشٌ طـرَّزَ أوهـامَ العَماء

 

ألـهـا يـومٌ... وقـد عزَّ اللقا *** آهِ مـا أبـعـدَ أيـام الـلقاء!!

 

فـيـه يحظى القلبُ من سابغِه *** عـزَّةً تنجيه من ذلِّ ازدراء!!

 

هـو قـلـبٌ عـربـيُّ مـسلمٌ *** نـدبـت أُمـتُـه فـيـه الإباء

 

وأنـا فـي مـنـحنى أضلعِها *** أدمـعـي جـمرٌ وآهاتي حُداء

 

ونـشـيـدي من صدى آلامِها *** أطـبـقَ الشَّجوُ به جفنَ المساء

 

أيـنَ أحـلامـي الـتي أرقبُها *** أتـولِّي ؟! حيثُ لم أملك عزاء

 

ولـقـد أوقدتُ في طورِ الهدى *** جـذوةً كـانـت أهـازيج وفاء

 

وتـخـيَّـرتُ لـها من مهجتي *** طـاهـرَ الشوقِ وموفورَ الولاء

 

مـذ نـشأنا بين أحضانِ الصِّبا *** وهـواهـا يـمـلأُ الحيَّ غناء

 

ويـحـهـا طابت أماسيها التي *** تـجمعُ السٌّمَّارَ في مغنى الفداء

 

كـم تـراكـضـنا إلى جنَّاتِها *** مـرتعًا خصبا، وَرَبعًا لا يُساء

 

وحـمـلـنا سِفرَها في صدرِها *** نـخـوةً تُـندبُ ما اهتزَّ اللواء

 

واشـرأبـت فوقَ أجفانِ الردى *** فـتـمـلـتـها عيونُ الجبناء

 

ونـشـرنـاهـا ربـيعا باسمًا *** واجـتـنينا من علاها ما نشاء

 

ربٌّـهـا اللهُ الـذي أكـرمَـها *** فـي الـورى واختارها للأنبياء

 

واصـطـفـاها تزرعُ البِرَّ فما *** جـلـبت للعالَمِ المعمورِ داء!!

فـالـمـثـانـي سـحبٌ دفَّاقةٌ *** ليس تزجيها سوى الريحِ الرٌّخاء

 

وبـهـا الأرضُ تـثنَّت و ربت *** وإذِ الأرضُ نـعـيـمٌ و رَخاء

وصـحونا... آهِ ما أشقى الذي *** عاشَ يشكو القيدَ في سجنِ ثواء

 

ورأى الـطـوفـانَ يغزو قِممًا *** لـم يـزل يحمي علاها الأوفياء

 

و رأى الأمـنَ لـشعبي جرفت *** حـقـلَه المعطاءَ شهقاتُ البلاء

 

و رأى المصحفَ في وادٍ,، وفي *** ألـفِ وادٍ, زاحموا زيفَ افتراء

 

و رأى الـمـجـرمَ يعلو شأنُه *** فـوقَ مـا للحقِّ من أُفقِ العلاء

 

و رأى يـالـيـتـه لـمَّا رأى *** عـمـيت عيناه في التيه العراء

 

أ يـرى ذلَّـتَـه فـي نـفـسه *** والـتَّـباهي بثيابِ الأغبياء!!

 

ويـرى الأبرار أشلاء عـلى *** خـنـجـرِ البغيِ بأيدي السٌّفهاء

 

وإلـيـهـا رغـم هـذا ساقني *** مـالَها في القلبِ من حُلوِ الرجاء

 

     * * *

كـيـفَ يـسَّـاقطُ حلمي عبثا *** و تـولِّـي كـلٌّ آمالي هباء!!

 

أيـن يـا إخـوةَ دربـي حقلَنا *** والخميلاتُ التي فاحت هناء!!

 

و الـجُـنـيناتُ التي ما عبقت *** بـالمنى إلا وفي النفحِ شفاء!!

 

أيـن مـنَّـا مـا أضعناه سدى *** فـالـكـآباتُ تُساقينا العياء!!

 

أيـن نـحـن الـيومَ في عالمِنا *** وأعـاديـنـا غزاةٌ في دهاء!!

 

يـا أخـي مـا انهارَ قلبي مرَّةً *** رغـمَ ما في الظٌّلمِ عسفٍ, و داء

 

لـم أزل حـولـك حُـرًّا مؤمنا *** صـامـدا لا كـصمودِ الجبناء

 

لـم أزل أعـبـدُ مَـن واعدَنا *** بـانـبلاجِ الفتحِ من غيرِ التواء

 

لـيـس فـي ذرات نفسي ذرَّةٌ *** أطـفـأ الـيأسُ سناها أو أساء

 

رغـم بغيِ الدولِ العظمى على *** حـقـنا المسلوبِ في كل اعتداء

 

هـاهـو الـحـقـلُ رمادٌ باردٌ *** هـاهو البيدرُ يُسفى في الفضاء

 

رغـم طـعمِ الوهنِ في أنفسهم *** لـونُـه الزخرف:مالٌ و نساء

 

رغـم زيف الومضِ في أجفانهم *** والإضـاءاتُ افـتـتانٌ و رياء

 

رغـم مـا يـصرخُ في آذاننا *** كـلَّ حـيـنٍ, من تحدٍّ, و اكتواء

 

سـيـولـي عـن ربـانا ليلُهم *** حـيـثـمـا جنَّ فللنورِ البقاء

 

ويـعـودُ الـفجرُ من أسحارِنا *** يـمـلأُ الـكونَ ابتهالا و دعاء

 

يـنـفـضُ العارَ وما باتَ على *** مـنـكـبَـي أُمـتِـنا بعدَ تناء

 

نـفـحةٌ تسكبُ من طيبِ الهدى *** فـإذا الأنـفـسُ يحييها الرجاء

 

واشـرأبَّـت لـلـعـلى توَّاقةً *** فـإذا الـنٌّـورُ على غارِ حِراء

 

تـرفـعُ الإسـلامَ فـيـها رايةً *** يـتـنـادى حـولها أهلُ الولاء

 

فـإذِ الـجـدبُ ربـيـعٌ مغدقٌ *** وإذِ الـصـحراءُ أحياها النَّماء

 

وإذِ الـعـيـدُ الـذي يبكي به *** حـسـرةً أطـفـالُنا يأتي هناء

 

والـلـقـاءاتُ الـتـي حرَّمها *** قيصرُ الرومِ علينا... لانقضاء

 

وعـواء الصِّربِ في ذاك المدى *** سـوفَ يطويه وإن أرغى العفاء

 

كـن مـع اللهِ ولا تـخشَ العِدا *** وتـبـوَّأ لـك في الدنيا ارتقاء

 

آيـةٌ لـلـهِ تـأتـي بـغـتـةً *** فـإذا الـظـالـم أمـسى للفناء

 

فـأفـق من هجعةِ الريبِ الذي *** فيه طعمُ الموتِ والشكوى سواء

 

فـبـنـا تـحيا المروءاتُ التي *** شـاءَهـا اللهُ لـركـبِ الأتقياء

 

قـد تـمـرَّدنـا عـلى واقعِنا *** فـالـرضا بالعارِ ياقومي شقاء

 

رغـم أصـفادِ الأعادي اهترأت *** نـلـمـحُ النصرَ بإذنِ اللهِ جاء

 

فـي دمِ الـمُستشهدِ الغالي الذي *** ملَّ بئس الجُبنُ ميراثَ الثواء!!

 

فـمـضى كالأجدل المنقضِّ ما *** ردَّه الـطـاغوتُ عمَّا قد يشاء

 

إذ رأى الـجـنَّـةَ في محجرِه *** فـتـنـاسى نفسَه عندَ المضاء

 

و رأى مـا لم يرَ الأعمى الذي *** مـا رأى كـالمبصرين الأولياء

 

غـرَّه الـفـرعونُ في أُرجوحةٍ, *** مـسـتـفـزا بنحوسٍ, و زُقاء

 

... وغـدا نـصغي إلى مئذنةٍ, *** صـوتُـها العذبُ ادِّكارٌ و جلاء

 

كـبَّـرت فانهض إلى مسجدِها *** واهـجـرِ الزيفَ ونومَ السفهاء

 

هـذه أُمـتُـنـا لـم تُـحـتَرَم *** طـالـما ضلَّت طريقَ الأنبياء

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply