الدعوة المنسية


بسم الله الرحمن الرحيم

 

 هذه البلاد المباركة بلاد الدعوة التي منها بزغت ثم أشرقت وعمت. ولا تزال دوحة العلم الشرعي تنمو وتترعرع حتى بار ك الله فيها فأورقت وأينعت.. وأمر الدعوة إلى الله أمر عظيم رتب الله عليه الأجر الجزيل. فالدعوة إلى الله من أهم المهمات وأوجب الواجبات، بها يصلح حال الفرد ويستقيم أمر المجتمع فيرتفع الجهل وتختفي البدع وترتفع منارات العلم ويعبد الله بما شرع ولذا اختار الله - جل وعلا - للدعوة أكرم الخلق وهم الرسل ومن ورث ميراثهم من العلماء والدعاة والمصلحين في كل زمان ومكان.. قال الله - تعالى -: (ادعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ) النحل: من الآية12. وفي هذا الزمن رغم أننا مجتهدون في كل أمور الدنيا حريصون عليها وعلى معرفة دقيقها وجليلها ومتابعة صغيرها وكبيرها إلا أن أمر الدعوة إلى الله والقيام به لم يلتفت إليه إلا العلماء الربانيون والمصلحون المربون أما عامة الأمة فهو أمر منسي عندهم. والعجب أن يتخرج سنوياً مئات الألوف من فتياننا من المرحلة الثانوية وكذلك عشرات الألوف من المرحلة الجامعية بل ومنهن من تتخرج بتخصصات شرعية ولكن السؤال الذي لا نرى له جواباً..

 أين النتاج؟ وأين الحصاد والعمل؟ تجد إحداهن تعرف عن التوحيد والعقائد المنحرفة وأسمائها وأصحابها وتثني قدمها وقلمها في بحوث متصلة وهي بعد هذا الجهد المضني لا تقدم للأمة شيئاً!! بل حتى والدتها محرومة من علمها ودعوتها، فهي أم كبيرة تجهل في أمور العقيدة وربما لا تحسن قراءة الفاتحة.. وهذه \"الخريجة\" ليس للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عندها رأس ولا علم.. بل لا تعرفه إلا من خلال اسمه في المنهج الدراسي أما في الواقع فلم تطبقه في منزلها أو بين أسرتها أو مدرستها..

 وهي في مجالس كثيرة تسمع قصصاً تزري بالمسلمة وتهدم عقيدتها وهي فاغرة فاها.. إن تألمت واحترق قلبها فالحوقلة لا تتجاوز لسانها.. أما قصص السحر والكهانة وأخبار المشعوذين فلا شراً أنكرت ولا طريقاً دلت.

كانت القرى قديماً مسورة بسور من الخوف وكان القراء قليلين ولكن الله بارك جهود رجل وامرأة فهو الإمام والخطيب والمعلم وهي معلمة القرآن والأحكام الفقهية ولذا تخرج من هذين الداعيتين أمة تعرف نواقض التوحيد وتطبق التوكل في حياتها.. وجاهلهم خير من كثير من يحملون شهادات التعاليم!!

وقد ألقت إحدى الداعيات محاضرة في جمع من النساء تجاوزن المائة وأعمارهن قاربت الثلاثين وبقي متسع من الوقت فعنّ لها أن تسأل أسئلة فقهية تخص طهارة المرأة.. فكانت المفاجأة المبكية أن أكثر من نصف الحضور مترددات في جواب أحد الأسئلة التي طرحت.. هل تصلي أم لا؟! وهل وجب عليها الصيام أم لا؟!

 أيتها المسلمة.. أمانة التعليم أمانة عظيمة ودين في رقابنا يجب الوفاء به وتعليم الناس منه إلا فما فائدة علم لا ينتفع به؟! وإذا كانت الوظيفة هي بيت القصيد فانظري مكانك من حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -: \"مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضاً، فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ، والعشب الكثير وكان منها أجادب أمسكت الماء، فنفع الله بها الناس، فشربوا منها وسقوا وزرعوا، وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء، ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به وعلم، ومثل ذلك من لم يرفع بذلك رأساً ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به\" متفق عليه.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply