السامرائي : اليابانيون أسرع الناس قبولاً للإسلام


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الأستاذ الدكتور صالح مهدي السامرائي مدير المركز الإسلامي في اليابان أرسله الملك فيصل رحمه الله إلى اليابان ضمن ستة من زملائه في سبعينيات القرن الماضي للعمل على نشر الإسلام بين اليابانيين وتعريفهم بمبادئهº فأنشأ هو وزملاؤه المركز الإسلامي باليابان الذي أصبح منارة ومقصداً لكل من يريد التعرف على الإسلام في اليابان .

كيف دخل الإسلام إلى اليابان؟ ولماذا تأخر وصوله إليها؟ وما موقف اليابانيين من الإسلام؟ وما يُثار حوله من اتهامات وشائعات هذا ما سنتعرف عليه من خلال هذا الحوار مع الدكتور السامرائي.

 

كيف دخل الإسلام إلى اليابان؟ و متى تم ذلك؟

في أواخر القرن التاسع عشر حرصت الإمبراطوريتان اليابانية والعثمانية على إقامة علاقات ودية بينهما لمواجهة الدول الأوروبية، ومن ثم تبادل الزيارات. التي كان أهمها تلك البعثة التي أرسلها السلطان عبد الحميد الثاني إلى اليابان على الباخرة \'\'آل طغرل\'\' وعلى ظهرها أكثر من ستمائة ضابط وجندي عثماني (من أتراك وعرب وألبان وبوسنيون .. الخ) يقودهم الأميرال عثمان باشا وذلك عام 1890م، وبعد أن أدت البعثة مهمتها تهيأت للعودة، إلا أنها وهي ما تزال على الشواطئ اليابانية، ليست بعيداً عن \'\'أوساكا\'\' هب عليها إعصار شديد، أدى إلى تحطمها، واستشهد أكثر من خمسمائة وخمسين شخصاً، بمن فيهم أخ السلطان عبد الحميد وعثمان باشا أمير البعثة.

هز ذلك الحادث الطرفين، ونُقل الناجون على باخرتين يابانيتين إلى إسطنبول، وبعد سنة من الحادث، تصدى صحفي ياباني شاب \'\'أوشاتارو نودا\'\' لجمع تبرعات من اليابان لعوائل الشهداء، وذهب إلى إسطنبول عام 1891م، وسلم التبرعات للسلطات العثمانية، وقابل السلطان عبد الحميد . وأثناء إقامته في إسطنبول التقاه رئيس المسلمين في \'\'ليفربول\'\' الذي كان موجوداً بإسطنبول قدراً في تلك الآونة، وبعد مناقشات وحوارات أسلم \'\'أوشاتارو\'\' وتسمى باسم \'\'عبد الحميد نودا\'\' وهو أول مسلم ياباني، ثم تبعه بعد ذلك \'\'يامادا\'\' الذي وصل إلى إسطنبول عام 1893م يحمل التبرعات لعوائل الشهداء وتسمى باسم \'\'خليل\'\' وطلب إليه السلطان تدريس اللغة اليابانية للضباط العثمانيين.. ثم كان \'\'أحمد أريجا\'\' ثالث ياباني مسلم، وحسن إسلامه، وشارك في إحدى ترجمات معاني القرآن الكريم إلى اللغة اليابانية.. ثم تكونت من بعض تجار الهند المسلمين في طوكيو ويوكوهوما وكوبي أول جالية إسلامية تقيم في اليابان.

معنى ذلك أن الإسلام تأخر دخوله إلى اليابان رغم انتشاره في الدول المجاورة لها منذ وقت بعيد. في رأيكم ما السبب وراء ذلك التأخير؟

لقد انتشر الإسلام زماناً ومكاناً في شرق آسيا منذ فجر الإسلام حتى وصل إلى الصين والفلبين ولكنه لم يصل إلى اليابان لعدة أسباب لعل من أهمها أن اليابان جزيرة، وكان من الصعب الوصول إليها في الأزمنة المتقدمة، هذا هو السبب الأول والسبب الثاني أن التتار كانوا قد جهزوا جيشاً قوامه 250000 جندي لغزو اليابان، ولكن هبت عليهم عاصفة، وهم في سفنهم فأفنتهم عن آخرهم، وهذه الريح يسميها اليابانيون (ريح الإله) ويعلق أحد الأساتذة اليابانيين على هذا الحدث بقوله: لو أن التتار استطاعوا غزو اليابان في ذلك الوقت لكانت اليابان كلها اليوم مسلمة. والسبب الثالث في رأيي أن الإسبان حينما احتلوا الفلبين منعوا المسلمين من الوصول إلى اليابان أو غيرها مما أخّر وصول المسلمين إليها طوال هذه المدة.

كم عدد المسلمين تقريباً في اليابان من اليابانيين، ومن غير اليابانيين؟

يتراوح عدد المسلمين الآن في اليابان بين (300 ألف 400ألف) مسلم ومسلمة بينهم (100) ألف من اليابانيين ذكوراً وإناثاً، والبقية من الجاليات المسلمة المقيمة في اليابان، وهم يتواجدون من أقصـى جزيـرة في شـمال اليابان (هوكايدو) إلى أقصى جزيرة صغيرة في جزر أوكيناوا جنوباً قرب تايوان، ومن أقصى الشـرق (طوكيو) إلى أقصى الغرب (كانازاوا وشمياني توتوري).

كيف ترى إقبال اليابانيين على الإسلام؟

الديانات من جهة، ومن جهة أخرى ووفقاً للدستور فإن حرية الأديان مكفولة للجميع، حيث تنص المادة العشرون منه أنه (لا ينبغي أن تحصل أية هيئة دينية على أية امتيازات من الدولة، أو تمارس أي سلطة سياسية، ولن يرغم أي شخص على المشاركة في أي عمل ديني أو احتفال أو طقوس أو ممارسات عقائدية، ويحظر على الدولة وأجهزتها ممارسة التربية العقائدية أو أي نشاط ديني آخر).

من جانب آخر فإن الشعب الياباني تتمثل به الأخلاق العالية والصفات الكريمة، بل أقول: إن الياباني إذا تعرف على الإسلام يجده مطابقاً للمثل التي يعتنقها مجتمعه، فينال استحسانه، وإذا أراد الله له الهداية فإنه يعتنق الإسلام مباشرة، ودون تردد وهذا ما دفعني في بداية الأمر إلى التوجه إلى اليابان حيث ذكر لي أحد الزملاء عبارة هزتني حين قال لي: \"إن اليابان مثل البستان الكبير تمر فيه وتعبئ الفواكه، فالناس هناك يدخلون في دين الله أفواجا\". وهذا ما رأيته بالفعل، فاليابانيون يحتاجون إلى من يقدم لهم الإسلام ويحسن عرضه عليهم. وعلى أي حال فأنا أرى أن اليابانيين من أسهل الناس وأسرعهم قبولاً للإسلام.

ما موقف اليابانيين من الاتهامات التي تُثار حول الإسلام مثل الإرهاب وغيرها؟

اليابانيون إذا وضحت لهم الأمور واقتنعوا بها فإنهم يصدقونك طالما وثقوا بك، ونحن حين أثيرت هذه الشبهات حول الإسلام والإرهاب نشرنا موضوعاً عن موقف الإسلام من الإرهاب في موقع المركز على شبكة الإنترنت وجاءتنا تعليقات وردود إيجابية كثيرة فاستجابة الياباني جيدة.

كيف بدأت فكرة إنشاء المركز الإسلامي في اليابان؟

بدأت نواة المركز الإسلامي في اليابان في عام 1965م حيث افتُتح مقر مؤجر، ولكنه أغلق بعد ستة أشهر، ثم أعيد تشكيله باسم المركز الإسلامي الدولي في مارس عام 1966م ولم يكن له مقر، وظل يعمل بين مد وجزر إلى أن أُعيد تشكيله عام 1974م على أساس أمتن، وأصبح اسمه \"المركز الإسلامي في اليابان\" وحصل على اعتراف من الحكومة اليابانية كمنظمة دينية قانونية، وتم تسجيله لدى الدوائر الحكومية في عام 1980م.

ما الوسائل التي تقومون بها لتحقيق هذه الأهداف؟

لقد رفع المركز الإسلامي في اليابان حين تأسيسه عام 1974م شعاراً مكوناً من ثلاث نقاط هي: (الدعوة – النشر  - التنسيق)

والآن ومنذ بداية القرن الحادي والعشرين، وبعد أن ترسّخ الوجود الإسلامي في اليابان وبرزت للوجود العشرات من الجمعيات الإسلامية والمراكز والمساجد فإن المركز الإسلامي رفع شعاراً محدداً من ثلاث نقاط يتفرع عنها نشاطات متعددة، ويتلخّص هذا الشعار في: (الدعوة المطبوعات التعليم).

ومن أجل التركيز في القيام بالنشاطات المختلفة في المركز فقد استحدثت عدة لجان منها ما هو فعال وقائم بذاته، ومنها من هو منطوٍ, تحت اللجان الفاعلة.

هل من الممكن أن تعطونا فكرة عن أهم منجزات المركز خلال الفترات السابقة؟

لقد اهتدى الآلاف من اليابانيين إلى الإسلام بواسطة المركز، ونشر أكثر من أربعين كتاباً وكتيباً عن الإسلام باللغة اليابانية، بالإضافة إلى مجلة (السلام)، وهي تصدر باللغة اليابانية بصورة دورية ربع سنوية، وكان المركز وراء تشكيل أول مجلس للتنسيق بين الجمعيات الإسلامية عام 1976م، واشترى المركز قطعة أرض لبناء أول مدرسة إسلامية عليها، ولكنها في انتظار العون المادي حتى نشرع في البناء.

ما هي مشروعاتكم المستقبليّة؟

كما ذكرنا لقد اشترينا قطعة أرض لبناء أول مدرسة إسلامية في اليابان عليها، ولكن لأن المركز يمر بظروف مادية صعبة، ويعاني من بعض الديون، ولا يستطيع تسديد التزاماته المادية تأخرنا في البناء، وهذا ما يحمل المركز أعباء إضافية نظراً لأن الحصول على قطعة أرض في اليابان أمر صعب والحكومة تجبر مالك الأرض أن يستغلها خلال مدة محددة، وإلا تفرض عليه غرامات مالية، وهذا سبب تراكم الديون على المركز وتعثره الآنº إذ بلغت الديون ما يقارب (300) ألف دولار أمريكي، وإذا لم نتمكن من دفع المبلغ فإن الحكومة سوف تبيع الأرض في المزاد العلني لتسديد هذه المستحقات، ولهذا نحن في حاجة ماسة إلى الدعم المادي والمعنوي لنتمكن من استكمال مسيرة العمل في المركز الإسلامي في اليابان.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply