قبسات من كتاب الله 2 - 3


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

القبس الثاني: ((وَ لكن لا تحبّون النَاصِحِين)) [الأعراف: 79].

هذا القبس من القرآن جاء على لسان نبيّ الله صالح - عليه السلام - فإنّه بُعث إلى قومٍ, مستكبرين، فلمّا دعاهم إلى الله، وحذّرهم من عقابه احتقروه، واستخفّوا به وبأتباعه الضعفاء، فأرسل الله عليهم صيحةً قطّعت قلوبهم في أجوافهم، عندها قال صالح - عليه السلام - متحسّراً على هلاك قومه: - ((يَا قَومِ لَقَد أَبلَغتُكُم رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحتُ لَكُم وَلَكِن لا تُحِبٌّونَ النَّاصِحِينَ)) (لأعراف: من الآية79).

 

إنّ الناصح المخلص لا يريد من نصحه إلا مصلحة المنصوح، وإيصال الخير إليه، حتّى وإن أخطأ في النصيحة، فكان الأحرى بالمنصوح أن يشكر الناصح، ويعترف له بالجميل، فيبرأ بذلك من الكبر الذي هو سببُ ردّ النصيحة.

 

أمّا أن يكره الناصح، ويتخذه عدوّاً، فإنّه يكون قد اقتفى أثر القوم المذكورين الذين قال لهم صالح - عليه السلام -: ((وَلَكِن لا تُحِبٌّونَ النَّاصِحِينَ)).

 

والمتأمل في واقع المسلمين اليوم، يرى ما وصل إليه الحال من بغض الناصحين المخلصين، وإيذائهم واستباحة أعراضهم، والتشكيك في مقاصدهم ونياتهم، وربما عقائدهم، بل ربما وصل الأمر إلى قتلهم والتخلّص منهم. وفي التاريخ أمثالٌ وشواهد.

 

والمقصود أنّ الناصح مطلوب منه الصدق في النصيحة، وتحرّي أحسن الأساليب في ذلك، وأرفقها وأرقّها وألطفها.

 

وعلى المنصوح أن يقبل النصيحة من أي جهة جاءت، ويشكر الناصح، ويحبه ويكرمه إن عرف منه الصدق، وبهذا يكثر الناصحون، وتسود في المجتمع الألفة والمحبّة والنصيحة، وينقطع الطريق على الحاقدين المتربصين.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply