تعالوا إلى - نهضة دعوية كبرى -


بسم الله الرحمن الرحيم

 

كثيراً ما سمعنا عن فساد هذا الزمان وتبدل أحواله ولكن من العيب أن ننسب الفساد إلى الزمن فقط حتى لا يصدق فينا قول الشاعر:

ونهجو ذا الزمان بكل قبح ***  ولو نطق الزمان بنا هجانا

 

والأمة فيها خير كثير ونفوس عطشى بانتظار ساقيها، وبراعم طرية بانتظار أكف معتنية بها، وهذه الكلمات مني دعوة لكل من له نفس زكية تواقة ترى الخيرية في هذه الأمة باقية إلى يوم القيامة كما صح عنه - عليه الصلاة والسلام - قوله: -أمتي كالغيث لا يدرى أوله من آخره-..وخيريتنا باقية بقدر تحقيقنا لشروطها في هذه الآية وهي قوله - سبحانه -: -كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله-.

وعوداً على بدء فأقول لابد من نهضة دعوية كبرى نوجز قطبيها في أمرين:

الأول: القوة العملية.الثاني: القوة العلمية.

فأما القوة العلمية فمعروفة، وتكون بتحقيق العلم الشرعي السلفي الصافي من بحور الكتاب والسنة العذبة لا من كدرات أهل البدع والضلالة كما قال ابن القيم:

والجهل داء قاتل وشفاؤه *** نصان في التحريم متفقان

نص من القرآن أو من سنة *** وطبيب ذاك العالم الرباني.

 

وأما القوة الثانية:

فهي القوة العملية وهي قوة الأخذ بالكتاب والسنة والعمل بهما وقوة الدعوة إليهما كما قال - تعالى -: ( والذين يمسكون بالكتاب)  أي يبالغون في التمسك به، فلابد أن تكون نهضة شاملة علمية واسعة النطاق عبر مؤسسات عاملة واسعة لها خططها، وأهدافها المستقبلية، وهذا لا يقلل من جهود الدعوة الفردية، ولكن الوسائل المتطورة تصل إلى مدى لا يستطاع الوصول إليه عبر الدعوة الفردية.

فالمؤسسات الدعوية الضخمة تضمن الوصول إلى الأهداف البعيدة وتغزو البيوت والعقول بسرعة وقوة، وتقطع حجة كل باحث عن الحق، ولعلي أرتب هذه الوسائل حسب قوة نشرها كالآتي:

1 - شاشات الرائي:

عن طريق القنوات التلفازية والفضائية الإسلامية التي تبث إلى أقطار العالم الخارجي.

 

2-في جانب الشبكة العنكبوتية:

إيجاد المزيد من الشبكات والمواقع المتخصصة النافعة لطلبة العلم وعوام الخلق ولغير المسلمين، وفي مقال سابق ذكرت قصة أحد الداخلين في الإسلام، وحزنه الشديد على قلة المواقع التي تتحدث عن الإسلام بلغته، وأعجبني في الوقت نفسه أحد الشباب المصري المسلم الذي افتتح موقعاً لدعوة اليهود بلغتهم العبرية فكانت النتيجة دخول أكثر من مئتي يهودي إلى الإسلام!!

فبالله كم هو عمل عظيم وثقيل في الميزان بإذن الله؟

 

3- في جانب الصحافة:

النهضة العامة بالصحافة الدينية من خلال إصدار المجلات العلمية والثقافية والصحف الرسمية التي فيها أخبار أهل الإسلام قبل أخبار الكفار، وكانت -جريدة المسلمون- في السابق تغطي جانباً كبيراً من الصحافة الإسلامية، ولا أدري ما سبب انقطاعها عن الوجود؟!

وكثيراً ما يحتج بعضهم بصعوبة إصدار التراخيص لها، وأعجبني أحد رؤساء التحرير حيث ذهب إلى إحدى الدول الأجنبية وطلب إصدار ترخيص فطلبوا إليه مكاناً مناسباً ومبلغاً فاشترى شقة فترة معينة وأصدر الترخيص وباع الشقة وأخذ الترخيص إلى بلده ونشر المجلة بترخيص خارجي، وكم يؤسفني أن أسمع بوجود أكثر من مئة وخمسين مجلة مطبوعة مرخصة من مجلات التعري والفنون مع قلة المجلات الإسلاميةº فلذا أطالب الإخوة أن يدعموا المجلات الإسلامية في كل مكان ومنها مجلتنا هذه -مجلة الفرقان- السلفية ابنة السبعة عشر ربيعاً عن طريق التواصل والاشتراكات وإيصالها للناس.

4- في جانب الكتب والرسائل: لابد من إيجاد دور نشر وطبع متطورة ومعدة إعداداً كاملاً وبتكاليف معقولة، ولا يستعجل أصحابها الأرزاق بقدر استعجالهم نشر الخير في أنحاء المعمورة.

5- في جانب الدروس والمحاضرات والخطب: لابد من تفريغ طلبة العلم من هموم الأعمال الكثيرة والإدارية إن وجد من يسد مسدهم، وبرزت في الآونة الأخيرة الدورات العلمية المركزة، ولا شك أنها وفرت كثيراً من الجهد والوقت، والتقى فيها العلماء بطلبة العلم وتبادل الزيارات في الداخل والخارج لا شك أنها خطوة مباركة.

6- من خلال الأشرطة: عبر الكاسيت والفيديو والأقراص المدمجة بأسعار مناسبة، ويكون هذا عبر ما يسمى بالاستديوهات ذات التقنيات العالية، والأشرطة من معجزات القرن الحالي وكان لها السبب بعد الله في عودة الناس إلى دين الله أفواجاً.

وكل هذا لا يتم إلا بنفس متفائلة وجهود متعاونة وبالإخلاص والعمل الدؤوب وإيجاد التكاليف المناسبة عن طريق الأوقاف المخصصة لها، ولا بأس من وجود الاستثمار المباح ولكن بقدر معين بحيث لا يطغى حب المال على حب نشر الخير، ولابد من إيجاد قنوات مع تجار المسلمين ولا شك أن فيهم خيراً كثيراً.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply