أسس بناء المساجد في الإسلام


 

بسم الله الرحمن الرحيم 

1-أمر الله - عز وجل - ببناء المسجد كشعار للمسلمين ليعبدوا رب هذا البيت ولتلقي الأوامر الإلهية وأداء الفرائض الربانية والشرائع والأحكام الإسلامية، ونسبها الله - سبحانه وتعالى- لنفسه ليظهر قدسيتها في نفس المؤمن عندما يحضرها، ولتتحول كل الطاعات التي يقوم بها المسلم إلى قربات يزكي بها المؤمن نفسه ويطهر جسده من خلالها.

 

لقد جعل الله - جل وعلا - ما ينطلق منها من إشعاع حكيم وتنوير هادف ديناً يتميز به المصلي عن العابث التائه، يستطيع المسلم أن يغير في حياته من خلاله فيقضي على الجهل بالعلم وعلى الذنوب بالتوبة وعلى الفحش بالخلق الحسن.

 

2- لقد أطلق على هذه البيوت لفظ (المساجد) تعظيماً لركن الصلاة العظيم السجود، وإكراماً للساجدين والخاضعين والطائعين، لتكون المنطلق الأساسي في تحقيق الإخلاص وبناء روح التقوى في المجتمع الإسلامي، لقد جعل الله المسجد مهوى الأفئدة، وعلق القلوب بها فصارت معمورة بالمصلين مضاءة بإيمانهم قبل صابيحهم وقناديلهم، إنها ملتقى الأفراد والجماعات الحية بروح الإيمان والتقوى، ففيها تتحول جميع مظاهر الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والفكرية إلى عبادة يؤجر عليها المسلم.

 

3- إن المساجد في حقيقتها تمثل مراكز هداية وإشعاع ولذلك يشترط في بنائها الأساس الأعظم المشروط في كل العبادات الأخرى ألا و هو التقوى، فلا يمكن أن تقوم بدوها الإيماني إذا لم تكن قائمة على الإيمان بالله - تعالى -و توحيده والإخلاص في عبوديته.

 

4- إن لبناء وعمارة المساجد فضل عظيم وأجر جزيل وقد أثنى الله - سبحانه وتعالى - بنفسه ومدح الفئة المحبة لله الصادقة في إيمانها التي تسعى إقامة شعائر الله وجمع شمل الأمة المؤمنة في بيوت الله فقال - تعالى -: (إِنَّمَا يَعمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَن آمَنَ بِاللّهِ وَاليَومِ الآخِر ِوَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَم يَخشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُولَـئِكَ أَن يَكُونُوا مِنَ المُهتَدِينَ {18} [سورة التوبة].

 

والعمارة عمارتان:

أ- عمارة بناء وصيانة وتنظيف وتطهير وتنوير وتطييب، الساعون في ذلك مبشرون بالهداية والمغفرة وبقصور ودور وبيوت في الجنة.

 

ب- عمارتها بالصلاة والدروس وحلق القرآن وذكر الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالمشي إلى المساجد يرفع الدرجات ويحط الخطايا وانتظار الصلاة فيها رباط، والمكث فيها اعتكاف، الحاضرون فيها مألوفون، والغائبون عنها مفقودون محرمون، ألا وإن لكل بيت زينة، وزينة المساجد المصلونº هم ضيوف الرحمن مشهود لهم بالإيمان، وحق على المزور أن يكرم من زاره فيها، من أدمن الاختلاف إلى المسجد أصاب أخاً مستفاداً في الله، وعلماً مستظرفا، وكلمة تدعوه إلى الهدى، وكلمة تصرفه عن الردى، ويترك الذنوب حياء وخشية أو نعمة أو رحمة منتظرة\".

 

المساجد حصن حصين من الشيطان، المشاؤون إليها في ظلم الليالي مبشرون بمنابر من نور تام يوم القيامة، يفزع الناس ولا يفزعون\".

 

المساجد منازل السكينة ومجمع الملائكة، المساجد بيوت الله في الأرض، تضيء لأهل السماء كما تضيء نجوم السماء لأهل الأرض، فيها تهبط الرحمات، وتتنزل البركات، وتتلى الآيات، وتشرق عليها أنوار رب الأرض والسموات.

 

إن المساجد في الأمة الإسلامية تمثل المدرسة الأولى التي يتلقى فيها المسلم منذ نعومة أظفاره مبادئ العقيدة والتوحيد والعبادة والعلاقات العامة والتوعية والتربية والتوجيه والنهوض بالفرد وتأسيس الأسرة وتكوين المجتمع المتلاحم في الأمة المؤمنة الواحدة، فكانت بحق أقدس وأطهر وأحب البقاع إلى الله - تعالى - وإلى قلوب المؤمنين، نسأل الله - سبحانه - أن يوفقنا جميعاً لتعظيم شعائر الله والقيام بمهام هذا الإسلام العظيم وأداء رسالة المساجد تأسيساً وبناءً وعمارة والحمد لله رب العالمين.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply