إلى كل مسلم


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لا يخفى على أحد حالنا الذي نعيشه اليوم، والمصائب التي نزلت ولا زالت تنزل بنا. قد يطرح السؤال: وما السبب في ذاك؟! والجواب: نحن السبب في ذلك كله، ولماذا؟ لأن الله - سبحانه وتعالى - أنزل إلينا كتابا وأرسل إلينا رسولا، فهجرنا الكتاب وخالفنا الرسول - صلى الله عليه وسلم -. لقد كنا قبل ذلك في جاهلية جهلاء حمقاء عمياء، حتى إن الرجل فيها كان يدفن ابنته (فلذة كبده) وهي حية، وكان أهلها يعبدون الأصنام والأوثان من الحجر والشجر، بل إن منهم من كان يصنع الصنم من التمر فيعبده في النهار فيأكله في الليل!!! لقد كنا مغمورين لا يكاد يعرفنا أحد.

 

 وكنا أرقاء أذلاء مستعبدين، تحت وطأة الغزاة من الفرس والروم حتى جاء الإسلام فحرر بلادنا من الغزاة المستعمرين والطغاة المستبدين وفتح أعيننا على النور، ورد لنا عقولنا بعد أن تاهت في دياجير الخرافات والأوهام، وبعد أن كمنا مغمورين لا نكاد نًعرَف ولا يحس بوجودنا، أصبحنا نحن العالم الأول في الدنيا وأشرقت شمس حضارتنا فأضاءت الدنيا شرقا وغربا، وأصبح الذين كانوا بالأمس يطئوننا بأقدامهم يرتجفون من الخوف منا وتكاد تنخلع قلوبهم برؤيتنا، إن هؤلاء الذين يزعمون اليوم بأنهم أرقى الأمم ووصلوا إلى القمر ويحاولون الوصول إلى المريخ، واخترعوا السيارات والطائرات والآلات والأسلحة المختلفة...هؤلاء تلامذتنا، نعم، وتعلموا في مدارسنا وجامعاتنا ولكن غاب الأساتذة فتولى مكانهم التلاميذ، ماذا يعرف التلاميذ؟ هل يعرفون أحسن من الأساتيذ؟!

 

إن العلم عندنا مرتبط بالإيمان فالعلم يتقدم ويسير والإيمان يسدده، حتى لا يزل عن الطريق المستقيم الذي رسمه الله رب العالمين، وبينه رسوله الكريم - صلى الله عليه وسلم -، ولكن هؤلاء أخذوا العلم وحده وتقدموا به، هانحن نرى الحال الذي أوصلونا إليه.المفروض نحن الذين عندنا العلم والإيمان نتقدم ونقود العالم كما كنا من قبل، ولكننا عجزنا عن القيادة فتفلت الزمام من بين أيدينا فأصبح في أيديهم، فصاروا يوجهون القافلة إلى حيث شاءوا إن هؤلاء كانوا سكارى عندما كنا نحن نقود العالم، كانوا سكارى من خمر المادة والنعيم الذي كانوا فيه في ظل قيادتنا فلما أفاقوا وصحوا من سكرتهم انبهروا بعبقريتنا وما وصلنا إليه، وأخذتهم الدهشة وقالوا: \" كيف استطاعوا هؤلاء الذين كانوا بالأمس عبيدا لنا أن يصلوا إلى هذا الحد من التقدم والعمران؟ وكيف غاب عنا نحن هذا؟ ومنذ ذلك الوقت وهم يخططون للقضاء علينا وبعد حروب طويلة كانت سجالا بيننا وبينهم، استطاعوا في النهاية أن يتغلبوا علينا ويسقطوا دولتنا، ومنذ ذلك الحين ونحن متفرقون مختلفون ولا زلنا كذلك إلى الآن، وأعطونا الخمر التي سكروا بها من قبل فشربناها وبدأوا هم يأخذون كل ما يعجبهم من تراثنا وتقاليدنا وقيمنا وخيرات بلادنا، وسكرنا نحن وغابت عقولنا وغرقت نفوسنا في الشهوات والملذات وأصبحت المادة هي رب الناس عليها يجرون ويتقاتلون ومن أجلها يحبون ويبغضون وعليها يصبحون ويمسون ويحيون ويموتون، هذا هو حالنا، كما لا يخفى على عقل، فمتى نعود كما كنا، إلى سالف مجدنا وعزنا؟!.

 

يجب أن نعلم أننا كلنا مسؤولون أمام رب العالمين عن ضياع هذا الدين وضياع أهله، فما عسانا نقول عندما يوقفنا أمامه ويسألنا ماذا فعلتم من أجل ديني الذي ارتضيته لكم؟ وهل اتبعتم كتابي الذي أنزلته إليكم؟ هل ائتمرتم بما أمرتكم به؟ هل انتهيتم عما نهيتكم عنه؟ وهل اتبعتم رسولي الذي أرسلته إليكم؟ هل صدقتم به وبما جاءكم به من عندي؟ هل اتبعتم سنته واهتديتم بهديه؟ فبماذا ستجيبون؟ وكيف يكون شعوركم وأنتم تسمعون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول بين يدي ربه: \" وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَومِي اتَّخَذُوا هَذَا القُرآنَ مَهجُوراً... الفرقان- الجزء التاسع عشر.

 

ماذا نقـ، ول لربي حيـن يسألنا عن الشــريعة لم نح، مي مــعالـــيها

 

ومن يجيب إذا قال الحبيب لنا أذهبتــــم سنتـــي والله محــييـــــها

 

إن لم نعدها لدين الله عاصفة سيذهب العرض بعد الأرض نعطيها

 

فيجب أن نفكر في الإجابة من الآن، ويجب أن نعمل لديننا ولإعادة مجدنا وعزنا من الآن، ولن يكون لنا ذلك ونحن مختلفون ومتفرقون.

 

فوحدوا صفوفكم وكلمتكم واجمعوا شملكم وشتاتكم، واتحدوا تحت راية واحدة هي راية لا إله إلا الله محمد رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -. دعوا الخلافات المذهبية التي مزقتكم، دعوا النزاعات عن الفروع، وتمسكوا بالأصول. اطردوا الأنانية وتآخوا في ما بينكم فكلكم إخوة ولا فضل لأحدكم على الآخر إلا بالتقوى وارجعوا إلى كتاب ربكم وتدبروه ففيه كل شيء، ولا تقرأوه تلك القراءة الجوفاء التي لا طائل من ورائها فهو الكتاب الذي أحيا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، العرب بعض أن كانوا أمواتا فلما قرأه عليهم وفتحوا له عقولهم وقلوبهم وفهموه إذا بهم يصحبون أمة أخرى، غير التي كانت معروفة من قبل.

 

فيجب أن نفتح له عقولنا وقلوبنا ونفهمه كما فعلوا حتى نتغير كما تغيروا.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply