رسالة رثاء وأمل


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أكتب هذه الرسالة رثاء للمساجد التي خليت من المصلين، رثاء للأخلاق التي ماتت بعد رمضان، رثاء للقرآن العظيم الذي لم يقرأ منذ رمضان، رثاء للإسلام في مسلمين عبدوا الله في رمضان و نسوا أن رب رمضان هو رب باقي الشهور، رسالة أذكر نفسي و إياكم بتقوى الله.

 

كنت أتوقع أن رمضان في هذه السنة غير باقي السنين، كنت أتوقع أن نثبت و نجاهد أنفسنا و شياطيننا بعد رمضان.

 

انتهى رمضان و جاء العيد و في ليلته خرج الشيطان من حبسة، خرج يبحث عن من كان يلعب بهم قبل رمضان، خرج يبحث عن من كانوا في غفلة، فأفاقوا في رمضان، خرج يبحث عن من كان عاصي يفعل الكبائر، فأستغفر الله، فغفر له و تاب عليه، خرج يبحث عن المسلمين فلم يجدهم في أماكنهم الذي تعود أن يراهم فيها، و ظل يبحث و يبحث حتى علم أنهم في المساجد، فصعق من الصدمة و لكن فكر قليلا، ثم قال: \" انتهى رمضان و سترجعون إلى أماكنكم الطبيعية و لن يبقى في المسجد إلاّ قليل من المصلين الذين ليس لي عليهم سلطان\".

 

 إِنَّ عِبَادِي لَيسَ لَكَ عَلَيهِم سُلطَانٌ إلاّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الغَاوِينَ

 

و للأسف صدق وعد هذا الرجيم، صدق كلام هذا الملعون، فسحقا لك أيها الشيطان.

 

قَالَ فَبِمَا أَغوَيتَنِي لأَقعُدَنَّ لَهُم صِرَاطَكَ المُستَقِيمَ، ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَينِ أَيدِيهِم وَمِن خَلفِهِم وَعَن أَيمَانِهِم وَعَن شَمَآئِلِهِم وَلاَ تَجِدُ أَكثَرَهُم شَاكِرِينَ

 

و أنت أيها المسلم، يا من غفر الله لك ذنوبك، و بدلها لك بحسنات، هل نسيت صلاتك؟، هل نسيت قرآنك؟، هل نسيت المسجد؟، هل نسيت قيامك؟، هل ضيعت أغلى فرصة أعطاها الله لك؟

 

هل ثبت بعد رمضان أم وقعت؟؟؟؟

 

أنت وحدك من يستطيع الرد على هذا السؤال كم مرة صليت في المسجد منذ أن انتهى رمضان؟، هل صمت يوم أثنين أو خميس؟، هل تقوم الليل و لو حتى بركعتين خفيفتين؟ أو حتى يمكنك أن تذهب الآن و تضع يدك على المصحف، هل ترى أثر التراب؟ كم مرة حتى الآن قمت بختم المصحف؟ هل مازال لسانك رطبا بذكر الله؟ هل عبدت الله حق عبادته؟؟؟؟؟

 

أتذكر كلماتك في رمضان، أتذكر وعودك بعدم الرجوع إلى المعصية، أتذكر وعودك بالمحافظة على الصلاة في المسجد؟؟؟؟؟

 

هل نسيت كم كنت مؤمنا؟ هل نسيت التراويح و التهجد؟ هل نسيت وعودك بأن تنصر الإسلام، و تهتم بأمر المسلمين؟ هل نسيت؟؟؟

 

حتى أنت يا من تجاهد نفسك من المعاصي أخشى أن تكون مصليا بلا خشوع فتحولت صلاتك إلى عادة، أخشى أن تقرأ القرآن و لا تتدبره، تقرأه و لا تعمل بما فيه فيأتي حجة عليك يوم القيامة.

 

للأسف كل هذا و مر شهر ونصف على رمضان

 

أخرج إلى الشارع و أنظر لأحوالنا، فستسمع الشتائم و ترى الصراعات، و ترى الشباب و معاكساتهم للفتيات، و ترى الحجاب و قد خلع، و ترى الأخلاق و قد ماتت، و ترى مسلمون بلا إسلام.

 

لعلك تسأل هذا الرثاء بل هو ظلام و اكتئاب فأين هذا الأمل؟؟؟؟

 

الأمل تراه في مسلمين متمسكين بدينهم، تراهم يصلون فروضهم في المسجد و يذهبوا إلى عملهم، تراهم مازالوا يحرصون على قراءة القرآن يوميا، يتصدقون و لو بشق تمرة و يصلون و الناس نيام ليدخلوا الجنة بسلام.

 

تراهم محبين لدينهم، مخلصين لأوطانهم، مجتهدين في أعمالهم، لا يقبلون مالاً حراما، فهنيئا لهم فدعوتهم مستجابة.

 

بل و الأمل أكثر فيمن زادت عبادته بعد رمضان، و من كان غافلا في رمضان و فاق في نهايته، و لكنة علم أن إذا فات رمضان مازال الله موجودا، فعبد الله أكثر، و تقرب منة، فشعر بحب الله له، و بقربة منه.

 

و ما عليك أيها الأخ المسلم و أيتها الأخت المسلمة إلاّ أن تقفوا مع أنفسكم وقفه، تحاسبوها قبل أن تحاسبوا، فلكم أن تختاروا أن تكونوا مع الله فتنجوا، أم تسيروا وراء الشيطان فتهلكوا.

 

و تذكروا هذا الحديث جيدا..عن عائشة قال الرسول: - \"أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل\" متفق عليه.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply