التحاب


بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله ما تقرب إليه عبده بشيء أحب إليه مما افترضه عليه، والصلاة والسلام على سيد المرسلين الأولين والآخرين. وبعد:

فإنه لا يكاد يطلق مسمى الحب إلا وبُودِرَت (أستغفر الله) في زمان موِّهت فيه الحقائق، وقلبت فيه الفضائلº فللإعلام قصب السبق في هذاº فقد صُوِّر الحب بالغرام و بالهيام والولع والوله، وصرف عن معنى الإيمان إلى معنى الضلال.

 

الحب مقصد من مقاصد الدين لا يقوم الدين إلا بهº فحب الله هو العبادة الجامعة، فهو كالرأس للطير لا حياة له إلا به (قُل إِن كُنتُم تُحِبٌّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحبِبكُم اللَّهُ)، (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدٌّ حُبّاً لِلَّهِ) الحب علامة من علامات الإيمان بالله، وله عند الموحدين وجود، ولا له عند الكاذبين حقيقة، فليس ادِّعاءً.

 

تعصي الإله وأنت تزعم حبه * هذا لعمري في القياس بديع

 

وحين تتمتم الشفاه بعظمة الباريº لا يحدوها لذلك إلا رجاؤه وخوفه وحبه.

 

يقول - صلى الله عليه وسلم -: (إن من أوثق عرى الإيمان: الحب في الله والبغض في الله).

 

المؤمن يدعو الله: (اللهم إني أسألك حبك وحب العمل الذي يقربني إلى حبك) فكل ما يقرب إلى الله فهو للمؤمن محبوب، وكل ما يبعد عن الله فهو مبغوضº لأن قصده الله.

 

 وإن من أعظم الحبِّ الحبٌّ في اللهº يقول - صلى الله عليه وسلم -: (المتحابون في الله على منابر من نور يغبطهم الأنبياء والشهداء).

 

وإن من علامة الحب الصادق: أن يزيد مع زيادة إيمان المحَبِّ، وينقص بنقص إيمانه.

 

من علاماته: النصح في اللهº فهو مرآة لأخيه، بعيد عن المداهنة والمصانعة.

 

 وإن أعظم من يحَبٌّ بعد حب اللهº بل لا يتم التوحيد إلا بحبه: حب مبلغ الشريعة، وخير البرية محمد - صلى الله عليه وسلم -، ففي الصحيحين من حديث عبد الله بن هشام قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب فقال له عمر: يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا والذي نفسي بيدهº حتى أكون أحب إليك من نفسك) فقال عمر: فإنك الآن أحب إلي من نفسي، فقال: (الآن يا عمر).

 

 وإن مما يصرف عن هذا المقام العظيم، وهذه العبودية العظمى: التعلق بغير الله، فمن تعلق بغير الله من صورة أو ذات فقد صرف القلب لغير الله، وطاشت نفسه بالهوى، وحينها ينغلق القلب، ويصبح بعيداً عن اللهº فبمحبوبه يتعلق وبه يفكر.

 

وإن المغبوط حقاً حقاً: من اشتغل بكل ما يقرب إلى الله ومحبته.

 

اللهم اجعلنا ممن أحبوك فأحببتهم.

 

اللهم صل وسلم على محمد.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply