أخي إني أحبك في الله


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم الأنبياء وسيد الغر المحجلين وشفيعنا يوم الدين وعلى آله وصحبه

الكرام الطيبين والتابعين وأتباع التابعين ومن سار على نهجهم واقتفى أثرهم بإحسان إلى يوم الدين وبعـد:

لقد آثرت أن أُخصص مقالتي عن.. الأخوة في الله.. تلك الأخوة التي يكون رابطها الوثيق هو الحب في الله ولله وبالله إلى كل أخ أحببته في الله، والله إني لأدعوا الله وأرجوه أن نكون من أهل هذه الآية، قال - تعالى - (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين) 67 الزخرف

يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية أن كل صداقة وصحابة لغير الله فإنها تنقلب يوم القيامة عداوة إلا ما كان لله - عز وجل - فإنه دائم بدوامه أ. هـ.

فيا سبحان الله ما كان لله يدوم ويبقى وما كان لغيره يزول ويفنى!!!

نعم وحده

الحب في الله الذي يبقى ويدوم لأنه وُثق برابط قوي متين هو الله، وما عاداه من حب فإن مآله ولا شك إلى أن تذروه الرياح بعيدا فينُسى بمرور الزمن قال- صلى الله عليه وسلم -: (ثلاث من كنَّ فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يُحبَّ المرء لا يُحِبه إلا لله، وأن يكره أن يعود للكفر كما يكره أن يُقذف في النار) [رواه البخاري: كتاب الإيمان / باب حلاوة الإيمان].

تأمل أخي في الله كيف رفع الله من شأن الأخوة حين تكون في

الله، الله أكبر إن أنا أحببت أخا في الله ينعم الله علي بحلاوة الإيمان فأنعم به من فضل وأكرم.

أخي الحبيب في الله …

إن للحب في الله معنى عظيم تعجز الكلمات من أن تصوغه أو تبين قدره في النفس المسلمة حين تحب لله، ذلك الحب الذي خلا من المصالح والمطامح، نعم هو حب يجمع كل أخ محب بأخيه تحت مظلة واحدة ألا وهي مظلة الإسلام في الدنيا، أما في الآخرة فإني والله لأرجوا أن نحظى بظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، ووالله لو سطرت معاني هذه الأخوة أو اختزلتها في كلمات فلن أفيها قدرها من الحق ولكن حسبي أن أطوف وإياك في ربوع سنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - فننهل مما جاء فيها من أحاديث هي بحق تغني عن آلاف الكلمات بل إن الكلمة منها تملأ القلب حياة وروحا ويقينا بصدق وعد الله للمتحابين فيهº قال - تعالى - في الحديث القدسي: (حُقت محبتي للمُتحابين فيَّ، وحُقت محبتي للمتواصلين فيَّ، وحُقت محبتي للمُتناصحين فيَّ، وحُقت محبتي للمُتزاورين فيَّ، وحُقت محبتي للمُتباذلين فيَّ المتحابون فيَّ على منابر من نور يغبطهم بمكانهم النبيون والصديقون والشهداء). [أنظر صحيح الجامع الصغير للألباني / 4321].

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال، قال - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله يقول يوم القيامة أين المتحابون بجلالي، اليوم أُظلهم بظلي يوم لا ظل إلا ظلي.) [رواه مسلم: البر والصلة / باب فضل الحب في الله].

وقال - صلى الله عليه وسلم - (ما تحابّ اثنان في الله إلا كان أفضلهما أشدهما حبا لصاحبه) [أنظر صحيح الجامع / 5594].

وقال صلى الله عليه وسلم من أحبّ لله، وأبغض لله، وأعطى لله ومنع لله، فقد استكمل عُرى الإيمان) [أنظر السلسلة الصحيحة / 380]

اللهم اجعلني ممن يحبون فيك ويبغضون فيك ويعطون ويمنعون لك وكل أخ وأخت لي في الله.

وقال - صلى الله عليه وسلم - (أن رجلا زار أخا له في قرية أُخرى، فأرصد الله له على مدرجته مَلَكًا، فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أُريد أخا لي في هذه القرية، قال: هل لك عليه من نعمة تَرُبٌّها ؟ قال: لا، غير أني أحببته في الله - عز وجل - قال: فإني رسول الله إليك، بإن الله قد أحبك كما أحببته فيه). [رواه مسلم: كتاب البر والصلة / باب فضل الحب في الله].

 

أي جود من الله!!!! من أن يمنَّ على المتحابين فيه بحبهم له!!!

بل انظروا إلى هذا الحديث عن أبي هريرة، أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أتى المقبرة(فقال: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، وددت أنا قد رأينا إخواننا قالوا أو لسنا إخوانك يا رسول الله ؟ قال: أنتم أصحابي وإخواننا الذين لم يأتوا بعد…الحديث) [رواه مسلم: كتاب الطهارة / باب استحباب إطالة الغرة].

أي شرف وعزة بعد هذا للمسلم من الرسول - صلى الله عليه وسلم - حين قال إخوانيº اللهم لا تحرمنا فضل هذا الحديث واجعلنا اللهم من أهله أجل أخي الحبيب… هذا هي ثمرة الحب في الله حين يصدق ويصفوا من كدر الأطماع الدنيوية فما أعظمها من أحاديث وما أعظمها من منة يجود بها الكريم المنان على المتحابين فيه، الله أكبر أن أحظى بحب الله رحماك ربي وسعت رحمتك كل شيء أن يغبط النبيون والشهداء يوم القيامة المتحابون في الله على عظم منزلتهم يوم القيامة فلا إله إلا الله أي فضل وكرم من الله بعد هذا للمتحابين فيه؟؟ هل بعد هذا كرم؟؟

 

ولله در علقمة العطار لما حضرته الوفاة قال لابنه: «يا بني إذا صحبت الرجال فاصحب من إذا خدمته صانك وإن صحبته زانك وإن تحركت بك مؤنة صانك وإن أمددت بخير مد وإن رأى منك حسنة عدها أو سيئة سترها وإن أمسكت ابتدأك أو نزلت بك نازلةٌ واساك وإن قلت صدقك أو حاولت أمراً أمرك وإذا تنازعتما في حق آثرك» .

قال عبد الملك: «سمع الشعبي هذه الوصية فقال: تدري لم أوصاه بها فقلت: لا! قال: لأبنه وأوصاه ألا يصحب أحداً لأن هذه الخصال

لم تكمل في أحد». [أنظر آداب العشرة وذكر الصحبة والأخوة / لأبي البركات الغزني].

 

هكذا كان خيار الصالحين يوصي أبنائه على حسن اختيار الصديق فهو مرآة أخيه التي تعكس صورته بل إن الإنسان ليتسم بخلق من يخالل إن خيرا فخير وإن شرا فشر.

 

وفي ذلك يصدق قول الشاعر حين أنشد قائلا:

 

عليك من الإخوان كلَّ ثقات *** حمول لعبء النائبات مُواتي

فذاك به فاشدُد يديك ولا تُرِد *** به بدلا في عيـشة وممات

يحوطك في غيب ويرعاك شاهدا*** ويستُرُ ما أبديت من عثراتِ

ومن لي بهذا ليت أني لقيته*** فقاسمته مالي من حسناتي

 

وانشد آخر فقال:

عاشر من الناس من تبقى مودته *** فأكثر الناس جمع غير مؤتلف

منهم صديق بلا قاف ومعرفة *** بغـير فاء وإخوان بلا ألف

أخي الحبيب …

 

في الله ها قد وصلت بموضوعي إلى نهاية المطاف ووالله إن للأُخوة الله في لطعما وحلاوةً لا يعلم قدرها إلا من جربها وعايشها وما عسى كلماتي أن تضيف بعد قال الله وقال رسوله والله إنها لتقف عاجزة عن الوصف أمام عظيم قول الله وقول ورسوله - صلى الله عليه وسلم - (ومن أصدق من الله قيلا) ومن أخير من قول الرسول - عليه الصلاة والسلام - من بين الأنام ولا أملك يا أخي الحبيب في الله إلا أن أختم مقالتي بكلمة جذورها في القلب وثمرتها كلمات ينطق بها اللسان أخــــي

إنـ أحبك في الله ـي

إنـــ أحبـك في الله ـــي

إنـــــــ أحبك في

الله ـــــــي

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه الطيبين إلى يوم الدين

والســلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply