نحو تنسيق أمثل في مجال الدعوة النسائية


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

بدأ الاهتمام بقضية المرأة مع بواكير الصحوة الإسلامية، وبغض النظر عن نسبة هذا الاهتمام، وما عسى أن يقدم للمرأة من عمل، فقد حظيت قضية المرأة باهتمام متزايد من قبل الدعاة والمصلحين، سواء في الجانب الشرعي والاجتماعي وغيرهما من الجوانب المهمة، على تفاوت في مقدار الأهمية التي يحظى بها كل جانب، وهنا تكمن المشكلة إذ إن بعض الجوانب حظيت باهتمام زائد ربما جاوز الحد في بعض الأحيان (الجانب الشرعي مثلاً) بينما نجد جوانب أخرى لم تحظ بجهد يذكر، اللهم من بعض الدعاة على أهميتها وخطورتها، وعلى سبيل المثال يمكن أن نشير إلى الجانب القانوني في حقوق المرأة وإعداد مواثيق إسلامية بهذا الخصوص.

 

وأحسب أن الدعاة والمصلحين لو اجتهدوا المصلحين في تنسيق قضايا المرأة بكافة أبعادها وترتيب أولويات العمل الدعوي من جوانبه المختلفةº لكان ذلك كفيلا بأن يظهر جلياً ما يقوم به الدعاة من جهد في معالجة قضايا المرأة في المجتمع في جميع المجالات.

 

ضرورة تنسيق الجهود الدعوية النسائية

إن مهمة إعادة ترتيب وتوحيد وتنظيم الجهود الدعوية النسائية تتطلب درجة قصوى من التعاون بين الدعاة والعاملين في الساحة الإسلامية، ولاسيما الذين يدركون الأخطاء والمزالق التي تهدد مستقبل الأمة، قال - تعالى -: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان).

 

ونعتقد أن مثل هذا التعاون يمكن أن يكون فعالا ومثمرا على أقصى حد إذا ما تم تنظيمه في إطار مؤسس وفق أهداف متفق عليها، فإن التعاون المنشود يساهم في جوانب عدة، منها:

1ـ تبادل الخبرات والمعرفة والمعلومات بين المؤسسات الإسلامية المختلفة في البلاد الإسلامية.

 

2ـ وضع الخطط والبرامج المنهجية في الأنشطة المتنوعة.

 

3ـ تشجيع العلماء والمهتمين بالدعوة النسائية على إصدار الأبحاث والمقالات والدراسات المتخصصة، التي تغطي كل ما تحتاجه المرأة.

 

4ـ تماسك واجتماع كلمة الأمة أمام جحافل الباطل وأدعياء التحرر. قال - تعالى -: (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق).

 

5ـ حماية أبناء المجمع من المزالق التي يحيكها أعداء الإسلام صباح مساء.

 

6ـ تسديد النقص، وتحديد الاحتياج الوارد في هذا المجال، وهو ضمان من كل تكرار لا يفيد.

 

3. تكامل وتنوع الجهود الدعوية النسائية:

المرأة المسلمة هي تواجه التحديات المعاصرة تحتاج إلى من يعينها على الصمود ويأخذ بيدها إلى بر الأمان، ونعني بشكل خاص العمل المؤسسي المخصص.

 

فيمكن لفئة من الداعيات أن تتجه إلى التركيز على عقد وإقامة المحاضرات، والندوات والمؤتمرات، وفي المقابل هناك من يركز على كتابة البحوث والدراسات والمقالات، وفئة أخرى تتجه لإقامة المعارض الخيرية، وغيرهم، يهتم بتوزيع الأشرطة، وجوانب الإنفاق والتبرعات، وهذه المجالات التي مر ذكرها سريعا يكثر حولها الحديث والعمل وهي بحاجة ماسة إلى جهة تسعى للتنسيق بين مختلف الجهات المساهمة فيها، كما لا يفوت أن نشير إلى مجالات أخرى مهمة يجب أن ينبري لها فئة أخرى كقضايا الحقوق والبدائل الشرعية لما يطرح من فكر مختلف عن البيئة مخالف للشريعة دون الاكتفاء بمجرد الإنكار.. وهكذا.

 

مرة أخرى نؤكد أن هذا الجهد بحاجة إلى إعادة تنسيق وترشيد من حيث الوسيلة والأسلوب من جانب، ومن حيث الموضوعات المطروحة من جانب آخر.

 

فالوسائل متعددة:

فمنها إقامة المحاضرات والندوات، ومنها كتابة البحوث، والنشرات، والمقالات، ومنها حلقات الذكر وحلقات تحفيظ القرآن، ومنها المشاريع الخيرية، ومنها المشاريع التعليمية، والمشاريع الإغاثية.

 

وكل وسيلة لها ما يناسبها من الأساليب، تربوية كانت أو دعوية، أو علمية، أو عاطفية، أو أدبية أو آنية.

 

كما أن الموضوعات المطروحة متنوعة:

 

فمنها الشرعي: كموضوع تحديد النسل، والطلاق، وحجاب المرأة.

 

و منها الاجتماعي كظاهرة العنوسة ودراسة بعض العادات الجديدة في علام النساء التي تمس السلوك الإنساني في المجتمع.

 

و منها العقدي كأصول الإيمان ومحبة المؤمنين وبغض الكافرين..

 

ومنها الفكري كحرية المرأة، وحقوق المرأة في المجتمع.

 

هذه الوسائل والأساليب والموضوعات لابد من التنسيق فيما بينها، والقيام بتربيها، أن انعدام التنسيق في هذه المجالات أو ضعفه يسبب أزمة خطيرة تدعونا إلى سرعة تنسيق الجهود الدعوية بين المؤسسات الدعوية الخيرية في الداخل والخارج وبالذات فيما يتعلق بقضية المرأة خاصة إذا أدركنا شدة الهجوم عليها واستهدافها أولاً دون غيرها من فئات مجتمعنا المحافظ.

 

4ـ الخروج من الأسباب التي أدت إلى افتقار التنسيق بين الجهود الدعوية النسائية.

 

إذا نظرنا إلى هذا التنسيق الآنف الذكر، لوجدنا هذا التعاون والتنسيق بين تلك الجهود سيؤدي إلى ثمرات عظيمة وينتج الخير الكثير، وهنا في هذا المقام سؤال يطرح للإجابة على السؤال بين الجهود الدعوية النسائية؟

 

للإجابة عن السؤال لا بد أن نحمل أنفسنا جميعا على الخروج من:

 

1. دعوى الكمال الزائف، وأن ما عندنا من جهد يغنى عن الحاجة للآخرين.

 

2. التخلص من حظوظ النفس، إلى جانب تقدم الآخرين وغيرهم، فكل جهد يقوم به غيرنا يحقق أهدافنا هو من جهدنا.

 

3. عدم القناعة لدى بعض الدعاة بقضايا الدعوة بين أوساط النساء.

 

4. ندرة الطاقات النسائية القادرة على تبني الدعوة، وتقديمهن للمجتمع، فضلا عن ضعف التكوين الثقافي والتربوي لديهن.

 

5. سلامة البنية الأساسية للأسرة في كثير من بلاد العالم الإسلامي.

 

وعلى الرغم من وجود مثل هذه العوائق إلا أننا لابد وإن ننطلق بعزيمة وإخلاص واثقين بنصر الله هذا الدين، وحسن الظن بالله، والتفاؤل بالخير مهما كان وزنه، خاصة في مثل هذا الوقت الذي قل فيه الناصر، قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: \"لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق\".

 

لا سيما وأن المرحلة التي نعيشها اليوم تتطلب اهتماما كبيرا بقضايا المرأة في بين أوساط المسلمين وغيرهم، آخذين في بعين الاعتبار بعض النقاط التالية:

 

1. ضرورة عقد ورش عمل بين المهتمات بالدعوة، يتم خلالها تطبيق بعض البرامج المنشطة للجهود.

 

2. التأكيد على إيجاد آلية لتبادل الخبرات بين الجهود النسائية في الدعوة.

. استكتاب المهتمين بالدعوة للكتابة حول مشكلات الدعوة في الوسط النسائي.

 

4. إقامة مركز يتولى تحويل التوصيات وغيرها على الواقع العملي، ويمكن أن يكون فقط في الانطلاق للوصول إلى جهد منسق في الدعوة النسائية، ومثل الأخوة في الندوة يمكنهم القيام بهذا الجهد المبارك ولهم أجر جمع الكلمة إن شاء الله.

 

5. آثار التنسيق المنشود:

إذا ما تضافرت جهود العالمين في الدعوة النسائية فذلك بلا ريب سيؤدي على نتائج عظيمة منها:

 

1. التخفيف من حدة الاختلاف، والخروج من دائرة ردود الأفعال.

 

2. توثيق العلافة بين العاملين والعاملات في الدعوة.

 

3. وحدة الصف، وتكوين رأي عام مبني على الكتاب والسنة مستصحبا لظروف الواقع.

 

4. قوة الأعمال الدعوية الموجهة للمجتمع، من خلال التعرف على المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي تعاني منها المرأة.

 

5. ترشيد الكتابات الموجهة للمرأة، وتغطية لقضاياها المختلفة في جوانب متعددة.

 

6. ظهور نشاطات جديدة متميزة، القيام بمتابعتها ورصدها من خلال ما ينشر في اللقاءات والصحافة والمؤتمرات.

 

7. توفير الجهد من خلال تحقيق الأهداف المنشودة بأقل ما يمكن، وبالتالي تفريغ الجهد المتبقي في الأنشطة الأخرى الشاغرة.

 

8. توفير الوقت، وذلك من خلال الاستغلال الأمثل للوسائل الدعوية التي تستهدف أكبر قدر من المستهدفات.

 

5. ومن أمثلة التنسيق المنشود:

 

1. إقامة مجموعات عمل ممثلة من مختلف المؤسسات الخيرية لمناقشة قضايا اجتماعية ملحة كالطلاق والعنوسة وعمل المرأة، وآثارها على بنية المجتمع، وكينونة الأسرة، ووضع التوصيات عليها.

 

2. التعاون بين الهيئات والمؤسسات النسائية الدعوية القائمة في بقاع العالم.

 

3. إجراء الدارسات الميدانية عن العادات الاجتماعية، وأثرها على أنماط السلوك النسائي في مختلف البلاد الإسلامية.

 

4. إعداد قاعدة معلوماتية لكل ما ينشر عن المرأة، وتنشيط حركة البحث والتأليف والدراسة.

 

5. إصدار الدوريات والمجلات التي تخدم القضايا النسائية والتي تخاطب فئة معينة، وأخرى موجهة لمعالجة القضايا الفكرية، وثالثة تخاطب الفتاة في المرحلة الجامعية أو الثانوية وهكذا.

 

6. متابعة المؤتمرات الدولية والمشاركة فيها بغرض الدفاع العلمي الرشيد عن قضايا المرأة المسلمة.

 

7. صناعة بعض الرموز المصلحة للمجتمع، وتقديم القدوم لكافة شرائح المجتمع، فتقدم مثلا المرأة الواعية في فكرها ومعاملتها من خلال التزامها بدينها.

 

8.التعاون مع الجامعات ومراكز الأبحاث لأدراج المرأة ضمن أولوياتها، كالتعاون مثلا في البحوث الأكاديمية التي تتناول تأثير القنوات الفضائية على أفكار البنات في المراحل الدراسية المختلفة.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply