هناك مشكلة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لا يكفي أن تهدم مسجد الضرار، بل الواجب أيضا أن تبني مسجدا على التقوى...

لذلك لا يمكن أن تنهض الأمة و تستقيم الحال و ينتصر الإسلام بمجرد أن نعزل أعداءنا و نحصّن صفوفنا من دسّهم و مكرهم و أفكارهم الخبيثة.

لا بد إذن أن يصاحب هدم ما يبنيه الأعداء بناء صروح للخير.

أقول هذا للذين يظنون أن راصد ليس غير موقع للرد على المبطلين و هدم صروحهم فوق رؤوسهم... و لا شك أن أصحاب الوعي و الكياسة يدركون أن مشروع الخير في هذا العالم أكبر بكثير من الرد.

الرد مطلوب، و دحر أصحاب المشاريع التضليلية مطلوب، و مطلوب كذلك البناء و إعطاء البديل.

لا يكفي أن نحطّم المشروع الليبرالي و أن نحدّ من تأثيره و انتشاره في المجتمع، لذلك لا بد من خطوة أخرى، من مشروع بديل يأخذ المبادرة.

الحياة تأبى الفراغ، و ما لا يملأه الماء من الكأس يبقى للهواء، و ما لا تنتشر عليه الشمس من الأرض يكون للظل، و هكذا، لذلك فأي منبر أو ميدان يقصر في ملئه أصحاب الحق، سيستحوذ عليه أصحاب الباطل، و هذا يمتد في انكماش ذاك.

هل يجب علينا طرد جيوش العدو من قلعة ما، ثم ترك تلك القلعة للريح و الفراغ؟!

إن الإسلام بحاجة إلى ورشة عمل لا تهدأ بليل و لا بنهار، فيها على كل ثغر و اختصاص مرابطون، لا يكلون و لا يملون، كل منهم يحرص على أن لا يتسلل الأعداء للإسلام من جهته.

الإسلام بحاجة إلى أصحاب تخصص لا إلى هواة.

الإسلام بحاجة إلى متفرغين لا إلى من يجود بفضول وقت و جهد.

الإسلام بحاجة إلى مؤسسات متخصصة تنتشر على مساحة اهتمام الناس و مطلب الشرع، في كل المجالات، العلمية و الإعلامية و الحقوقية و الاقتصادية و غيرها.

هل سينتصر الإسلام حين يكون مجهود المسلمين كله منصبا على تحطيم الأوثان و أوكار الجاهلية و الضلال بالرد عليهم و بيان ضلالهم و تحذير الناس منهم؟

الإسلام دين شامل لا يحتاج من اعتنقه إلى غيره معه، دين يجيب على جميع تساؤلات البشر، و يقنن حياتهم في كل صغيرة و كبيرة، مهما كان مجالها.

لا يوجد في الإسلام مساحة ليست من اختصاصه، لأنه صبغة لحياة البشر بكل ما فيها من الجوانب و المتطلبات.

لهذا نؤكد دائما على أن راصد لا يمكن أن يكون موقعا لا يهمه من واجبات المشروع الإسلامي إلا الرد على كتاب بدؤوا هم أنفسهم يفقدون حماسهم لأفكارهم تلك بعد الصفعات التي تلقوها في الواقع.

لا بأس إذن أن نقول: لقد ضعف مشروع الأعداء في المنطقة، فهل نلدغ من الجحر نفسه مرة أخرى و نترك مجالات حياة أمتنا للفراغ؟ أم أن الواجب هو أن نكون مع أمتنا أينما التفتت؟

و ما دمنا ننأى بأنفسنا عن الإجابة عن مثل هذه الأسئلة المصيرية فستبقى المشكلة موجودة...

إننا نكسر حصون الأعداء، لكن من يمكن أن يبني بدلها حصونا للخير و للأمة؟

فهل من مجيب على هذا السؤال؟

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply