إلى كل داعية : توقفي الآن ..!


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

إلى أختي الحبيبة التي مدت يدها لتهز سرائر الغفلة، لتصحو الضمائر، فتنطلق إلى جادة الدين القيم.. من سارت في طريق الدعوة إلى الخير.

 

لا شك أنك في نعمة عظيمة، إذ اصطفاك الله على كثير من خلقه بنعمة الهداية، فحافظي على هذه النعمة واحرصي على أن لا تشوبها شائبة فتفقدي والدعوة الكثير من الفرص.

 

وحتى تكوني صادقة موثوقة، مقربة محبوبة، وذات تأثير إيجابي عميق قفي معي هذه الوقفات:

 

الوقفة الأولى:

كم هي كثيرة المحاضرات التي نثني الركب فيها، ولكن قلة منها فقط هي التي ترسخ العقيدة، فنخرج منها بزيادة إيمان ويقين.

 

هناك قاعدة مهمة في الدعوة: اهتمي بالدعــوة إلى الأهـم فالمهم، بمعنى أن عليـك الاهتمام بتقويـم مـا يمس العقيدة أولاً، ثم الفرائض، ثم السنن، وهكذا..

 

قد تكون من أمامك وتدعينها إلى إتقان الحجاب أو قيام الليل، ذات قلب ٍ, مليء بالوساوس العقدية، فحاولي في أي دعوة أن ترسخي العقيدة الصحيحة في نفوس من أمامك، لا أن تعرضي الأفكار والأحكام مجردة، لأنها إذا صلحت ستصلح باقي الأعمال تلقائياً أما إذا كانت هشة ركيكة فلن يصلح أي عمل حتى وإن كان ظاهره كذلك..

 

الوقفة الثانية:

لا تعتمدي الترهيب دون الترغيب، فهذا يؤدي إلى خلل في العقيدة..!

 

إن الذين يتعمدون الترهيب والتهويل والصراخ والبكاء في دعوتهم، يخلون بالعقيدة الصحيحة التي تجمع بين الخوف والرجاء..

 

الخوف الذي يحول بين صاحبه وارتكاب المعاصي لا الخوف الذي نهايته اليأس والقنوط، والرجاء لثواب الله على العمل الصالح ومغفرة الذنوب لا الرجاء للرحمة بلا عمل الذي يؤدي إلى الغرور والتمني..

 

فهما كجناحي طائر إذا استويا استوى الطير وإذا نقص أحدهما كان في حد الموت.

 

الوقفة الثالثة:

من أمامك بشر لهم مشاعر وعقول، ومن الخطأ أن ترتكزين على جانب وتهملين الجانب الآخر، فلا بد من التوازن حتى تؤتي دعوتك أكلها..

 

إن الخطأ القاتل الذي تقترفه بعض الداعيات هو إهمال مشاعر من أمامهما..!

 

إن ديننا هو دين الرحمة وحبيبنا ما بعث إلا رحمة للعالمين، وهو قدوتنا، فخذي جميل صفاته وكريم أخلاقه مثلاً وتطبيقاً..

 

تصفحي سيرته، وتعلمي منها، ستجدين الرحمة والشفقة، والعطف والرأفة حتى مع خصومه وأعداءه، فدعيك ِ من أولئك الذين يصورون العصاة بأبشع الصور، دونما إشفاق عليهم، فهذا يتناقض مع مبدأ الدعوة القائم على إنقاذ الآخرين رحمة بهم.. ولا تكوني سبباً في تنفير الناس من الدين.

 

الوقفة الرابعة:

لا شك أن القصة ذات تأثير لا يحققه لون آخر من ألوان الأداء، وهي كما قيل: \" جند من جنود الله \" ولكن:

 

حينما تكون القصة خيالية، لا يتقبلها العقل، أو مبالغ فيها، أو لا يعرف لها أصل أو مصدر، توقفي عن سردها وتناقلها..

 

من المؤسف حقاً أن نصدق هذه القصص وننقلها بمنتهى السذاجة بحجة أنها مؤثرة، ولا يمكن لأحد أن يكذب في أمور كهذه..!

 

لقد وصل الأمر ببعض الزهاد أن يضعوا أحاديث على لسان الرسول من باب الترغيب والترهيب، فلا تستبعدي مبدأ المبالغة في القصص من هذا الباب..

 

تذكري حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -: \" كفى بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما سمع \"، فلا داعي أن تتحدثي بكل ما تسمعين، بل حاسبي على كلمة تخرج من فيك ِ، وفي القرآن الكريم، و السيرة النبوية الصحيحة وكتب الثقات ما يغنيك..

 

الوقفة الخامسة:

لا تهملي شكلك ِ وأناقتك، بحجة الزهد والتواضع!!

 

إن اهتمامك بأناقتك، لا يتنافى مع روح ما تدعين إليه، فلا تعارض في ديننا بين هذا وهذا، فديننا دعا أيضاً إلى تحسين الهيئة؟

 

إن اهتمامك بشكلك الخارجي طريق لقبول دعوتك، وإذا كان المقصد الدعوة وهو شريف وسامي فإن الوسيلة تلحق به منزلة..

 

أنت ِ تحت المجهر، وهناك من يستقي دعوتك من خلال ما يشاهده منك ِ قبل ما يسمعه، ومظهرك أول ما يواجه الأخريات..!

 

لا تهمليه بالكلية فينقص من عملك، ولا تعمليه بالكلية فيطغى على عملك، فخير الأمور الوسط.

 

أدعو الله لك ِ التوفيق والسؤدد، وأن يجعلك ِ هادية مهدية.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply