دعوة إبراهيم وواجبات الدعاة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 كانت دعوة إبراهيم - عليه السلام - لهذه الأمة أن يبعث الله فيها رسولاً لأغراض معلومة وردت في قوله - تعالى - {ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليه آياتك و يعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم} البقرة 129. ركز فيها أبو الأنبياء على مهام محددة لهذا الرسول هي الكليات وهي الأسس التي ينبني عليها عمل الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

 

وكانت استجابة الله - عز وجل - كما وردت في آيات عديدة {في سورة البقرة وآل عمران والجمعة}. ونشهد أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أدى هذه المهام وقام بها خير القيام والله خير الشاهدين.

 

ثم جاء دور العلماء والدعاة من بعده فهم ورثة الأنبياء وعليهم السير في نفس الطريق فليس اتباع سنن الرسول - صلى الله عليه سلم - قاصراً على جانب دون غيره، وقد لا يوفق المرء في أداء دور من الأدوار أو اتباع سنة من السنن ولكن يبقى تائقاً لأدائها، كما يبقى احترامها واحترام من يقوم بها في نفسه وقلبه دليلاً على الإيمان.

 

وإذا لم يستطيع القائد أن يؤدي أحد المهام فليس أقل من أن يوجه أتباعه إلى من يسد النقص. وكل من له أتباع أو سامعون ممن أوتي شيئاً من العلم عليه الاعتبار بمعاني هذه الآيات:

 

1- يتلو عليهم آياتك: -

إن كان المقصود بها آيات القرآن فقد نبهت آيات القرآن نفسها إلى الآيات الكونية، ودعت إلى التفكر في الخلق، استدلالاً بها على وجود الخالق وعلى أسمائه وصفاته {ويتفكرون في خلق السموات والأرض} آل عمران 191{وفي أنفسكم أفلا تبصرون} الذاريات، والآيات في ذلك كثيرة. ولو ذكّر الداعية السامعين بآيات الله الكونية في القرآنº لجمع الاثنين. ذلك أن تلاوة الآيات توصل السامع إلى أغراض القرآن، وليس فقط للتبرك أو التعبد فحسب، وكلاهما (التبرك والتعبد) مرجو ومطلوب، ولكن للداعية أهدافاً أخرى تجعله يتلو الآيات، ويشرحها، ويدعو بها إلى أركان الإيمان، ويذكر بها الاستعداد للآخرة إلي غير ذلك مما توصله تلاوة الآيات القرآنية استدلالا وبياناً وموعظةً وتذكيراً. وثمرات ذلك تأتي في صور الإيمان والإسلام و الإحسان.

 

2- ويعلمهم الكتاب والحكمة: -

وهذه خطوة أخرى غير مجرد التلاوةº إنه التعليم للكتاب وهو القرآن، والحكمة وهي السنة. وبهذا التعليم يعلم الأصول التي يجتمع عليها المسلمون، والشواذ التي تجتنب لمخالفتها لهما مما يخطو بالمتعلم خطوات في طريق العلماء وعلمهم وسمتهم، ويثمر هذا أيضاً تقريباً للمسلمين بعضهم لبعض.

 

وأذكر هنا بعض العلوم التي قد ينساها بعض العلماء في خطاباتهم للمسلمين: -

 

أ- الإيمان بالله: -

ينسى كثير من الدعاة التذكير بأسماء الله وصفاته إلا حينما يأتي السؤال {أو الجدل} حول التأويل والتعطيل ـ وهذا أمر هام ـ ولكن لماذا لا يكون الكلام متصلاً عن أسماء الله وصفاته كما هي في القرآن والسنة وكلام السلف تفسيراً لمن جهلها وتذكيراً لمن علمها، بل وللداعية نفسه فتأتي ثمرات ذلك عبودية أفضل و أكمل،. انظر لخواتيم الآيات وفواتح الدعاء عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخواتيمه وما فيها من ثناء على رب العزة، بل انظر إلى تفسير ابن عباس لاسم الله الصمد: {السيد الذي قد كمل في سؤدده والشريف الذي قد كمل في شرفه والعظيم الذي قد كمل في عظمته والحكيم الذي قد كمل في حكمته وهو الذي قد كمل في أنواع شرفه وسؤدده وهو الله - سبحانه - هذه صفته لا تنبغي إلا له ليس له كفواً أحد وليس كمثله شيء - سبحانه - الله الواحد القهار} وهكذا كان تناولهم للأسماء الحسنى.

 

ب- واضرب مثلاً بالإيمان بالقدر رأيت عدداً من الدعاة يزلون فيه والخطأ من العلماء الذين لم يذكروهم بمعناه حتى لا يعترضوا على قدر الله بل وحتى لا يبرئوا أنفسهم من الخطأ حينما يأتي بلاء: صغيراً كان أو كبيرا

 

ج - وفي حديث {نافق حنظلة} ما يبين أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان دائم التذكير بعلم الآخرة وما فيها {تذكرنا بالنار والجنة كأنها رأي العين} فما بال بعض علمائنا يهملون هذا الأمر

 

د- ومن العلوم التي ينبغي أن يخص بها بعض السامعين علم أصول الفقه وقضايا الإجماع والاختلاف السائغ وغير السائغ ليكون لهم عصمة من الزلل حينما تعصف ريح الفتن فيضيء العلم ظلمات الجهالة ويثبت سفينة الدعوة.

 

هذه أربع أمثلة لنسيان بعض الدعاة علوماً ينبغي أن يعلموها وأن يذكروا بها وقد نعود لبعضها في مقالات تاليه حتى تثمر هذه العلوم ثباتا على الحق وإيماناً صادقاً راسخاً وعملاً صالحاً فيخطو إلي: -

 

3- ويزكيهم: -

وهذه الكلمة ينبغي أن تفرد بالكتابة والبحث فيها تخلية وتحلية علماً وعملاً. وما أشد التقصير في هذا الجانب.

 

فقد بحث بعض المسلمين عن هذا الجانب فلما صعب عليه الوصول إلى الثقات، ركنوا إلي دعاة الضلال أو لبعض الجهلة فسلخوهم عن الإسلام وأرجو أن يوفق الله بعض العلماء ليكتبوا مذكرين بهذا الجانب وغيره.

 

وبعدº فلست بعالم ولكن واجب النصح قضى علي أن أسطر ما سطرته تنبيها للعلماء فلست بأقل من الهدهد وهم ليسوا بأفضل من سليمان، أسال الله لي ولهم التوفيق والسداد.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply