أحوال الملحدين في الشدائد


بسم الله الرحمن الرحيم

 

قرأت في مجلة المختار المترجمة عن المجلة ريدرز دايجست, مقالة نشرت أيام الحرب, لشاب من جنود المظلات يوم كانت المظلات والهبوط شيئا جديدا ويروي قصته فيقول: أنه نشأ في بيت ليس فيه من يذكر الله أو يصلي, ودرس في مدارس ليس فيها دروس للدين, ولا مدرّس متديّن, نشأ نشأة علمانية مادية, أي مثل نشأة الحيوانات التي لا تعرف إلا الأمل والشرب والفساد, ولكنه لما هبط أول مرة, ورأى نفسه ساقطاً في الفضاء قبل أن تنفتح المظلة, جعل يقول: يا الله يا رب, يدعو من قلبه, وهو يتعجّب من أين جاءه هذا الإيمان؟

وبنت ستالين نشرت من عهد قريب مذكراتها, فذكرت كيف عادت إلى الدين, وقد نشأت في غمرة الإلحاد, وتعجبت هي نفسها من هذا المعاد. وما في ذلك عجب, فالإيمان بوجود إله, شيء كامن في كل نفس, إنه فطرة من الفطر البشرية الأصلية, كغريزة الجنس, والإنسان حيوان ذو دين. ولكن هذه الفطرة قد تغطيها الشهوات والرغبات والمطامع والمطالب الحيوية المادية, فإذا هزتها المخاوف والأخطار والشدائد, ألقت عنها غطاءها فظهرت. ولذلك سمي غير المؤمن كافرا, ومعنى الكافر في لسان العرب الساتر. ومن العجيب أني وجدت تأييد هذه الفكرة في كلمتين متباعدتين, في الزمان والمكان والظروف والقصد, ولكنهما متقاربتان في المعنى.

كلمة لعابدة مسلمة تقية معروفة هي رابعة العدوية وكلمة لكاتب فرنسي ملحد معروف وهو (أناتول فرانس). وأناتول فرانس يقول في معرض كفره وإلحاده: إن المرء يؤمن إذا ظهر بنتيجة فحص البول, أنه مصاب بداء السكري,\"يوم لم يكن قد عرف الأنسولين..).

ورابعة, قيل لها: (إن فلانا أقام ألف دليل على وجود الله), فضحكت وقالت: دليل واحد يكفي, قيل: وما هو؟, قالت: لو كنت ماشيا لوحدك في الصحراء, وزلّت قدمك فسقطت في بئر, لم تستطع الخروج منها, فماذا تصنع؟

قال: أنادي يا الله.. قالت: وذاك هو الدليل.

وستالين الذي يقول: لا اله والحياة مادة, والدين علقة تمتص دماء الشعوب, سرعان ما يضعف أمام هول الحرب العالمية الثانية ونيرانها الملتهبةº فيخرج القساوسة من السجن ليدعو له بالنصر.

ومرة ثانية أمام شدة المرض وسكرات الموت يرسل وراء قسيس حتى يصلي له ويستغفر.

 

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply