الفوضوية في الدعوة الفردية


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

( الفوضوية ): تطلق على عدة معان منها:

1ـ الاختلاط والاشتراك: يقال قوم فوضى أي مختلطون، ويقال: أمرهم فوضى وفَيضوضا وفَيضِيضا وفَوضُوضا بينهم إذا كانوا مختلطين فيلبس هذا ثوب هذا ويأكل هذا طعام هذا، لا يؤامر واحد منهم صاحبه فيما يفعل من أمره.

2ـ استواء الجميع و عدم وجود الأمير والقائد: يقال قوم فوضى أي لا أمير لهم يجمعهم، قال الأفوه:

لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم          ولا سراة إذا جهالهم سادوا

ويقال: قوم فوضى أي متساوون لا رئيس لهم.

3ـ التفرق: يقال صار الناس فوضى أي متفرقين، والوحش فوضى أي: متفرقة تتردد.[اللسان 6/3485،3486]

و(الفوضوية): نحلة سياسية تقول بإلغاء الحكومة وبناء العلاقات على الأسس الفردية الحرة. [الوسيط 2/706]

وبهذا نجد أن معنى الكلمة يدور حول الاضطراب والاختلاط وعدم النظام والتخطيط

 

( الدعوة الفردية ):

هي التوجه بالخطاب إلى المدعو على انفراد، أو مع جمع قليل من الناس لهم صفة الخصوص دون العموم. [الدعوة الفردية ـ السيد محمد نوح 35]

ومن كل ما سبق نخلص إلى أن الفوضوية في الدعوة الفردية: هي أن يمضي فيها الأستاذ على غير هدى, وبدون ترتيب، فليس هناك نظام, ولا معالم واضحة للسير، وإنما كل ما هناك رؤية عابرة، وكلمة طائرة، والسلام.

 

من مظاهر الفوضوية في الدعوة الفردية:

1ـ الداعية وسائق التاكسي: حيث يتحول الداعية ـ عند الفوضوية ـ إلى سائق تاكسي للمدعو! فهو مرتبط بالمرور على (سين) للذهاب إلى الملعب ومع (صاد) لمراجعة المستشفى ومع (عين) لزيارة أقاربه وهكذا يتحول العمل الدعوي إلى مجرد مرور وإحضار وتوصيل وإرجاع، أما التربية والتوجيه فقد ضاعت في زحمة المشاوير!!!

2ـ الداعية وتضييع العمر: فالعمر الوظيفي المفترض هو سنتان، يمكن خلالهما البلوغ بالمدعو إلى قمة عالية، ولكن عندما توجد الفوضوية نجد أن السنين تمر بدون حساب، فيقضي المدعو أربع سنين أو خمس وهو (محلك سر )!

3ـ لا أدري ماذا أقول؟: وهذا شعور يدل على فوضوية الداعية، فحين يكون مع المدعو في سيارة, أو مجلس تجده صامتاً لا يدري ماذا يقول ؟ أو تجده يرمي الكلام على عواهنه دون وعي, وتفكير، وأحسن الأحوال أن تخطر في باله قصة, أو فكرة, فيقولها دون أن تكون منتظمة في إطار منسق مع غيرها من الأفكار والقصص.

4ـ عناصر الاجتماعات: فكثيراً ما يحتار الداعية، ولا يدري ماهي الموضوعات التي يجب نقاشها في الاجتماعات؟

5ـ ماذا أعطيه؟: تسأل الداعية أحياناً ماذا أعطيت المدعوº ليقرأه أو ليسمعه؟ فتجد خلطاً عجيباً من العناوين، وتجد أشياء غير جيدة، وتجد أشياء لا تناسب المستوى الفكري, والإيماني للمدعو، وتجد أن بعض الجوانب فيها تطغى على بعض.

6ـ عدم التجانس التربوي: وهذه ظاهرة خطيرة، وصورة سيئة من صور الفوضوية لدى الدعاة، فحين يغيب النظام, وتحل الفوضوية تتأمل في طرائق التربية فتجد أن الداعية الذي تميز في الجانب الإيماني يغترف من بضاعته للمدعو فيغرقه بالإيمانيات، أما الفكر والثقافية والمهارات العملية فتجده أبعد ما يكون عن محاولة تلقينها لصاحبه! وتجد الداعية الذي تميز بالفكر والاطلاع يغرق صاحبه في بحر من القراءات والتحليلات، على حين أنه لم يزر معه مقبرة، ولم يصل معه ركعتي قيام! وهكذا تصبح لدينا في النهاية تضخمات لجوانب معينة على حساب جوانب أخرى.

7ـ الانتقاء العشوائي: فالداعية يهتم بمن جاء إليه، ودخل تحت سقف مسجده، دون تأمل وتفكير: هل يصلح هذا المدعو أم لا؟ إلى مرحلة سأصل معه؟ ومن ثم نجد من يمشي مع صاحبه سنين ذوات عدد ثم يصاب بالإحباطº لأنه فوجئ أن صاحبه هذا لا يمكن أن يستمر بحال! أفلا وعيت من قبل أيها الأخ؟

8ـ هل لديك ورقة وقلم؟: إن سير الدعوة بدون تخطيط على الورق معناه الفوضى وعدم الانضباط... وانظر في واقعنا: لو سألت أحد الدعاة: ما هي المرحلة التي بلغها صاحبك؟ لما عرف كيف يجيب، ولو طلبت منه أن يشرح لك تصوره التفصيلي للمرحلة القادمة لما أجابك إلا بعموميات لا تفصيل فيها.

وعموماً.. فما ذكرته هنا مجرد صور وخواطر وأفكار حول هذه القضية الخطيرة.. والباب مفتوح للنقاش والإضافة والإفادة.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply