بالعلم واليقين تنال الإمامة في الدين


 

بسم الله الرحمن الرحيم

  

تنتشر الشبهات انتشار النار في الهشيم في الأوساط الجاهلة، فكلما كثر الجهل والجهلاء كلما كانوا أكثر استعداداً للتأثر بالشبهات، في حين أن العلم نور يستضيء به العلماء، فلا تستقر به تهمة، ولا تصدق به شبهة.

 

إن مشكلة كثير من الدعاة، فضلاً عن عامة المسلمين، أنهم قليلوا العلم، لا سيما العلم الشرعي، لذلك عندما يطلق بعض الناس شبهة أو يرمي بتهمة تجد البلبلة تدب في صفوف هذا الصنف من الدعاة، ويصبحون في حيص بيص، لا يعرف أحدهم كيف يرد على هذه التهم، بل لا يدري كيف يقنع نفسه بزيف هذه الشبهات وأنها لا تؤثر على سلامة الطريق الذي يسلكه والمنهج الذي يتبعه، فيصاب بالحيرة والشك والارتياب.

 

إن هذا الدين قد عظم من مكانة العلم والعلماء حتى أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: \" فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم \". (رواه الترمذي وقال حديث حسن).

 

وقال عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه -: \" من عمل بغير علم كان ما يفسده أكثر مما يصلح \".

 

وقال الحسن البصري - رحمه الله -: \" موت العالم ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء ما اطرد الليل والنهار\".(1)

 

ويقول علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -:

 

    ما الفخر إلا لأهل العلم إنــهم

                          على الهدى لمن استهـدى أدلاء

 

وقدر كل امرئ ما كان يحسنـه

                          والجاهلون لأهل العلم أعــداء

 

ففز بعلم تعش به حياً أبـــداً

                          الناس موتى وأهل العلم أحياء(2)

 

ويقول آخر:

      تعلم فليس المرء يولد عالــماً

                          وليس أخو علم كمن هو جاهل

 

فإن كبير القوم لا علم عنــده

                          صغير إذا التفت عليه الجحافل

 

وأن صغير القوم إن كان عالماً

                          كبير إذا ردت إليه المحــافل(3)

 

إن الذي يستطيع أن يقف سداً منيعاً أمام الشبهات هو ذلك الذي أنار الله قلبه وعقله بالعلم والمعرفة، لا كما يظن بعض الدعاة أن الإنسان كلما كانت له سابقة دعوية وأمضى سنوات طويلة في الدعوة فإنه يكون أبعد عن التأثر بالشبهات.

 

إن هذا النوع من الدعاة إن صمد أمام الشبهات فإنه يصمد ( غالباً) على جهل، وهذا يخشى أن يدخل إليه الشيطان من طريق ثان أو ثالث أو رابع.

 

نعم، إن كثيراً من الدعوات بحاجة إلى علماء وإلى طلبة علم جادين في تحصيلهم العلمي مدركين خطورة الجهل والجهلاء على الأفراد والجماعات.

 

وإذا قدر لك أن تتصدى للاتهامات، وأن تحاور مثيري الشبهات فعليك:

 

1.    أن تتبحر في دراسة موضوع الشبهة. 

2.    أن تكون مستعداً لأي سؤال. 

3.    أن لا تناقش في موضوع لا تعرفه جيداً. 

4.   أن لا تدافع عن فكرة إذا لم تكن على اقتناع تام بها، فإنك إن فعلت عرّضت نفسك للإحراج، وأسأت إلى الفكرة التي تحملها وتدافع عنها، إذ إن أغلب الناس يميلون إلى تجسيد الفكرة المجردة في شخص حاملها، ويعتبرون انتصاره انتصاراً لها دليلاً على أنها حق، كما يعتبرون انهزامه في الدفاع عنها انهزاماً لها دليلاً على أنها خطأ أو باطل، واذكر دائماً قوله تعالى: \" ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً \".( الإسراء: الآية 36). 

5.   أن تعد مادتك العلمية إعداداً جيداً، فالإتقان من شأن المؤمنين، والله - عز وجل - يحب إذا عمل أحدنا عملاً أن يتقنه، ففي هذا مرضاة لله - تعالى - بادئ ذي بدئ وهذا هو هدف الداعية الأول، ثم إن الإتقان يساعده على أداء مهمته في الحوار وذلك حين يعرض معلوماته عرضاً جيداً، مما يجعل سامعيه يجدون ما هو جدير بالاستماع إليه، وباختصار: الإتقان فيه مرضاة لله - عز وجل - ثم هو مظهر لاحترام الإنسان لنفسه واحترامه للآخرين.(4 )

 

______________________________________

1   يوسف القرضاوي، الرسول والعلم، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1974، ص 35-36.

2   جاسم مهلهل، العلم بين يدي العالم والمتعلم، ص 11.

3   علي محفوظ، هداية المرشدين إلى طريق الوعظ والخطابة، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت، ص 407.

4   وحدة الدراسات والبحوث بالندوة العالمية للشباب الإسلامي، أصول الحوار، الندوة العالمية للشباب الإسلامي، الرياض، ص 23.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply