هل فقد المعلم هيبتـــه؟!


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 يتحدث الكثير من المعلمين عن هيبة المعلم وفقدانها ويشتكي البعض من أن كثيراً من المعلمين بات يقلقهم هذا الوضع، وكل معلم تجده يردد: رحم الله أيام كان للمعلم هيبة. فلا أدري هل بالفعل ضاعت وفقدت هيبة المعلم، أم أن بعض المعلمين يرددون تلك العبارة بمناسبة وغير مناسبة؟ أم أن بعض المعلمين يريدون من جميع الطلاب وأولياء أمورهم والناس أجمعين أن يقدموا لهم الاحترام والطاعة أينما وحيثما وجدوا، وربما يقفوا لهم احتراماً في الطرقات والأماكن العامة، وعند إشارات المرور وفي بعض الحدائق العامة. هل لأن الضرب ممنوع فقد المعلم هيبته؟! هل رفع الظلم عن الطالب أفقد المعلم هيبته؟! هل لأن حقل التربية والتعليم اقتحمه من يصلح ومن لا يصلح فقد المعلم هيبته؟! هل لأن الأوضاع قد تغيرت وتطورت وانفتح العالم على بعض، وما كان من تربية تطبق قديماً لا يصلح تطبيقها في الوقت الحاضر، ولذلك قد فقد المعلم هيبته؟! وهل.... وهل... أنا أرى أن المعلم لم يفقد هيبته، وأن احترامه وتقديره لا يزالان في قلوب المتعلمين وأولياء أمورهم، وأنه محل اهتمامهم، وحبهم له لا يزال في ازدياد ونمو. وما دام المعلم يتعامل مع الطالب تعاملاً جيداً إيجابياً بناء. ويحرص على أن يكون له قدوة حسنة، ويطبق تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف وأهدافه وآدابه عملياً، فهو محل الاهتمام والحب والتقدير. والمعلم الذي يحرص على تطوير نفسه وتزويدها بالعلوم والمعارف التي تجعله يرتقي بتعامله وسلوكياته مع الطلاب، ويزيد وينمي معلوماته وثقافته، فلن يزيده ذلك إلا تقديراً واحتراماً، أما المعلم الذي لا يحرص على تطوير نفسه ولا يزال يتعامل بمثل التعامل الذي عُومل به حينما كان طالباً، ويريد أن يضرب ويصرخ ويبطش وأن يقف له كل الطلاب حين تقع أعينهم عليه ويريد أن يكون الخوف منه في قلب كل طالب، إضافة إلى أنه من مرتادي المقاهي وأماكن يفترض ألا يذهب إليها أو يرتادها، فلن يزيده ذلك إلا انحطاطاً وقلة احترام وتقدير. علمتنا الحياة والتجارب أن المعلم الذي يتعامل مع الطلاب تعاملاً جيداً ويحرص عليهم ويحبهم، كما يحرص على نفسه أو ولده ويحبه، ولا يسلك أمامهم إلا سلوكاً جيداً وهو يقول الصدق، سيجعل الطلاب وأولياء أمورهم والناس كلهم يحترمونه ويحبونه ويقدرونه. وفوق ذلك فمادته التي يقوم بتدريسها هي أحب المواد إلى نفوس الطلاب حتى وإن كانت من المواد الصعبة. فعلى المعلم أن يزيل من نفسه أنه فقد هيبته واحترامه، وعليه أن يعي أن ما كان قبل ثلاثين أو أربعين سنة من تربية وتعليم وتعامل لا يصلح مع أبناء هذا الجيل. إنني معلم منذ عام 1405هـ، عملت مرشداً طلابياً في جميع مراحل التعليم الابتدائي، والمتوسط والثانوي، إضافة إلى معهد المعلمين، كما أنني عملت في الإشراف التربوي، والآن معلم في المرحلة الثانوية، وتنقلت بين عدة مدارس وتعاملت مع كثير من المديرين والمعلمين والطلاب، ولم أجد في يوم من الأيام أنني قد فقدت هيبتي أو احترامي أو تقديري، بل على العكس إنني محل اهتمام واحترام وتقدير كل طالب تعاملت معه وقدمت له خدمة في يوم من الأيام، وأجد حتى أولياء أمورهم كذلك يحترمونني ويقدرونني وهم قد تخرجوا في الجامعة ولم يعودوا طلاباً عندي، وحتى إنني أجد بعضاً من طلابي وهم في مراكز مرموقة الآن سواء في التعليم أو في الصحة أو في السلك العسكري يقدرونني ويحترمونني، وحتى إنني أشاهد بعضهم يطفىء السيجارة إذا كان يدخن عندما يشاهدني، ولا أفسر ذلك إلا أنني محل التقدير والاحترام عندهم. إن المعلم هو الذي يصنع لنفسه الهيبة والاحترام والتقدير، وذلك بالتعامل الجيد الحسن والسلوك الراقي مع الطلاب، وليس المسؤولون هم من يصنعون للمعلم الهيبة والاحترام والتقدير في نفوس الطلاب. إن المعلم عليه أن يشعر أن عمله الذي يقوم به وهو التربية والتعليم عمل جليل، وأن الجميع يقدره. حسب المعلم فخراً أن أمته قــد ارتضــته لأسّ المجــد يبنيـه فليتق اللـه في جيـل ينشئــه ينل رضا الله والحسنى، ويكفيه آمل أن يعي من يشعر أنه فقد هيبته أنه لم يفقدها، وأنه ما دام يتعامل مع أبناء جلدته تعاملاً سامياً فهو محل الاهتمام والتقدير، وكذلك آمل ألا يغضب مني أي معلم

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply