شمس من المغرب


  

بسم الله الرحمن الرحيم

ألقاها الشاعر في الدار البيضاء بمؤتمر الأدب الإسلامي بالمغرب، وكان من المفروض أن يكرم فيه الأديب الناقد العالم الدكتور عماد الدين خليل. ولكنه تخلف عن المؤتمر فجأة لأسباب طارئة قاهرة.

 

وطـرنـا إلـيكم بشوقٍ, مشُوقٍ, *** يجوزُ الصحارَي ويطوي السٌّهولا

 

مِـن الـشـرق جئنا إلى مغربٍ, *** فـخلنا على الشرقِ هذا النزولا

 

كـأنَّـا مُـضـيفون في أرضِنا *** ولـسـنـا ضيوفًا أرادوا المثولا

 

ومـن مـصرَ أحملُ حُلو التحايا *** تـحـايـا الـكنانةِ شعبًا ونيلا

 

إلـى صـفوة المغرب اليعربيّ *** سـلامًـا يـفـوقُ النسيم العليلا

 

يـضـمِّـخُهُ الحبٌّ بالصالحاتِ *** فـيـبقَى على الدهر جيلاً فجيلا

 

لـقـد ألّـف الله مـا بـيـنَنَا *** ومـا ألَّـف الله يـبقى وَصُولا

 

***   ***   ***

 

مـن الشرق جئنا لعرس الأديب *** وعـرسِ البيان اليُحاكي الخميلا

 

نـكـرِّمُ فـيـه \"عـمادا خليلاً\" *** فـلـلـفـن عاش عمادًا خليلا

 

غـزيـرُ الـثـقافاتِ ثرٌّ المدى *** يـمـازجُ فـيها الجديدُ الأصيلا

 

وفـي الـنـقـد ينهل من مورد *** تـفـيـضُ عـطاياه عِلما نبيلا

 

وإن يـنـظـم الـشعر درًّا تفيَّأ *** تَ مُـلـكـا ونُعمَى وظَلاّ ظليلاً

 

وفـي قـلـبـه عَـزمة لا تلينُ *** وقُـوةُ رأي أبـت أن تـحـولا

 

فـلا الصعبُ يبقَى منيع الجناب *** ولا الـمـستحيلُ هو المستحيلا

 

وإن غـاب عـن حـفلنا كارها *** فـإن لـه فـي القلوب الحلولا

 

فـكم حاضرٍ, غَائبٌ في الحضور *** وإن مـلأ الـكـون صيتًا وقيلا

 

وكـم غـائبِ حاضرٌ في القلوب *** ولـو غـاب عنا طويلا طويلا

 

أرى الـشمس تشرق من مغرب *** \"ومـشـكاتكم\" قد هدتنِي السبيلا

 

بـهـا الأدب اليعربيُ الرصين *** تـخـذتـم له الدين تاجًا جليلا

 

مـنـارةُ فـكـر زكي وضيءٍ, *** فـكـانـت بـه للعقول الرسولا

 

تَـلـيـن وتـصـفو كماءٍ, نميرٍ, *** يُـروِّي الـقلوبَ ويشفي الغليلا

 

وحـيـنـا تَـثَـاقَـلُ في مَنعةٍ, *** فـتـحـرمني أن أنال الوُصُولا

 

فـكـم أجـهـدتني بعمقٍ, بعيد *** ولـكـن ظَللت المحبَ الوصولا

 

فـظـلـمُ الـحـبيب كما ظَلمِه *** يـراه الـمـحـبُ لذيذًا جَميلا

 

***   ***   ***

 

رأيـت أديـبـيـن فـي سُوقِها *** نـقـيـضين: طودا وقاعا مهيلا

 

أديـبًـا أمـيـنًا حفيظًا أصيلاً *** وآخَـر فـي الفن غِرًّا .. دخيلا

 

أديـبـا عـزيز الجنى والجناب *** أبَـى أن يـهـادن أو أن يميلا

 

تـزولُ الـجـبال..ولا ينحني *** ويـأبـى بإصراره أن .. يزولا

 

فـعـزتـه تـسـتـمـد الإله *** وقـرآنَـه والـهـدى والرسولا

 

سـلاحـاه قـلـبٌ نبيٌّ الشعور *** عـطـاياه تَهمي فتحيي المُحولا

 

وثـانـيـهـمـا القلمُ العبقريٌّ *** إذا مـا انـبرى كان سيفًا صقيلا

 

فـبـالـحـق يغدو قليلٌ كثيرًا *** وبـالـبغي يُمسِي كثيرٌ .. قليلا

 

وتـشـهـدُ فـيها الظلوم العتيَّ *** بـمـا قد أعد ضئيلا .. ضئيلا

 

وأمّـا أديـبُ الـهوى والهوان *** فيمضي .. ويمضي يدقٌّ الطبولا

 

ويـلـعـقُ أحـذيـة المنعِمين *** ويـطوي الموائدَ عرضا وطولا

 

فـغـايـة غـايـتـه أن ينال *** مـن الأدعـياءِ الرضى والقُبولا

 

ويـحـيـا حياة الخسيس اللئيم *** بـغِـيًّا .. دعيًّا .. مهينًا .. ذليلا

 

ولا تـسـألـنـهُ عن المكرماتِ *** فـقـد صيَّرتها الدنايا .. طُلولا

 

***   ***   ***

 

وقـد بـلـغ الـسيلُ هامَ الزبى *** وضـمَّ حـمـانا البغاثَ الهزيلا

 

وهـبَّ الـنهيقُ ـ على نكرِه ـ *** يـطـارد حـسٌّونها .. والهديلا

 

وأصـبـح \"مـادرُ\" شيخَ الكرام *** وحـاتـمُ يدعى الشحيحَ البخيلا

 

وَلُـقِّـبَ بـاقـلُ \"ربَّ الـبيانِ\" *** وقـسٌّ عـكاظَ \"الدعيَّ الجهولا\"

 

ولـلشمس قال الدجى في غرور *** أراكِ ظـلامـا خـفـيـا وبيلا\"

 

وخـنـثـى الكلام قصيدُ النثير *** تُـهينُ البيان .. وتُزرِي الخليلا

 

عـلـى رسـلكم يا أفاعي البيان *** فـهـيهاتَ يعلو الفحيحُ الصهيلا

 

ولـسـتُ أرى فيكُمُو من أصيل *** ولـكـن أرى المستهينَ الدخيلا

 

فـقـالـوا أردنـا حـياةَ البيانِ *** نـقيًّا .. صفيًّا .. كريما .. ذلولا

 

فـواعـجـبـا كيف يحيا البيانُ *** وقـد ذبـحـوه فـأهّوى قتيلا؟!

 

 ***   ***   ***

 

فـيـا حـرسَ الأدب الـيعربي *** حـمـاةَ الـبيان الثِّقات العُدولا

 

لـقـد بـلـغَ السيلُ هامَ الزبَى *** وعـاث فـسـادًا خطيرا مَهُولا

 

وإنَّ وراءكـمُـو مـا يـهـولُ *** جـهـادًا مـريـرًا وهمًّا ثقيلا

 

لـنـبـقَ وإيـاكـمُ فـي رباطٍ, *** لـنـحمي البيان الصدوقَ النبيلا

 

ونـشـرعَ أقـلامـنا في يقينٍ, *** فـلـيسَ علينا سوى أن نصولا

 

وإن مـن الأدب الـعـبـقريِّ *** جـيـوشًـا تفوق القنا والخيولا

 

وخـلَّـوا الجديد النقي الشريف *** يـعـانـقُ فينا التراث الأصيلا

 

***   ***   ***

 

وإن نـام غـيركمو في الطريق *** وشـدٌّوا عـلـيـهم لحافا طويلا

 

وغَـطّـوا غطيطَ الذي لا يُفيق *** فـأرخـى الـغبارُ عليهم سُدولا

 

فَـسُـلّوا اليراع، وقودوا المسار *** فَـصـيـلا يواصل فيها فَصيلا

 

وكـرّوا كـتـائبَ تحمي البيان *** وخـلٌّـوا النئوم وهزوا الكسولا

 

فـإنَّ الـجـهـاد عـدوٌّ الـنيام  *** لأنَّ الـمـنـامَ يـساوي الأفولا

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply