هذه شروط النجاح للتواصل


 

بسم الله الرحمن الرحيم

كنا قد تحدثنا في المقال السابق عن أن عملية التواصلِ تحاول تجاوز الحاجزِ النفسي والثقافي ومدِّ الجسور بين الحضاراتº لتقديم البدائل المتاحةَ عنِ الصراعِ الدائمِ والعقيمِ في نفسِ الوقت.

وأشرنا إلى أن ذلك يحتاج إلى خطوات خمس، نمر على بعضها في هذه الحلقة، من المقالات المخصصة لعلاج مشكلة التواصل بين الحضارة الإسلامية وغيرها من الحضارات.

ما هي الخطوات؟ نجملها في التالي:

ـ الخطوة الأولى: إيجاد قناعة لدى الأطراف الراغبة في التواصل أو التي لا تزال مترددة بأنه لا بديل عن التواصل والحوار وأن الحروب والكراهية المتبادلة يمكن أن تكون فرصة للسلام والوئام إذا أحسن الحكماء التصرف إزاءها وصرف نتائجها في قنوات التواصل عندما تستيقظ الضمائر من الطغيان وتصحو النفوس من الغرور لتستغل العولمة أفضل استغلال في تبادل المنتجات المصنعة وغير المصنعة وكذلك المنتجات الفكرية والأدبية والقانونية والفلسفية.

وفي هذا العصر، عصر انكماش المسافات وعولمة وسائل الاتصال والمواصلات وعولمة التقنية، لن يربح أحد من الحروب وعملية الزعزعة والتهديد، فالمنتصر هو أيضا منهزم..إن الوعي بهذه الحقيقة سيكون الخطوة الأولى للحوار.

ـ الخطوة الثانية: الأهداف والغايات.. إنَّ ضبطَ وربطَ التواصلِ والحوارِ بأهدافٍ, وغاياتٍ, يضبطُ المسيرة ويوضح الدرب حتى ولو التوت السبل وتعرجت المسالك، وبالعكسº فإنَّ الحوار الهائمِ العائمِ الذي ليس له هدفٌ ولا غايةٌ هو حوار من أجلِ الحوارِ قد يكون مقبولاً في بداياتِ الطريقِ لاستكشاف ساحات التواصل واستيضاحِ مناحِي المشاكلِ، ولكنَّه لا يجوز أن يكون أبدياً بل لا بد أن يضع المتحاورون نصب أعينهم محطات يسعون للوصول إليها وتجذبهم إلى الأمام وتشدهم إلى الأهداف فتهون في سبيلها الصعاب وتذلل العقبات.

ولهذا فإنَّ هذا الضابط يعتبر مركزياً في عملية التواصلِ والتبادلِ التي تسود على الساحة العالمية.

ـ الخطوة الثالثة: الاعتراف بالاختلاف للوصولِ إلى التعارفِ والائتلاف، إنَّ الاعتراف بالاختلاف يمثل أهم منطلق لحل الخلاف، ولهذا فقد يكون من المناسب الإشارة إلى بعض نقاط الاختلاف القيمي كاختلاف المصدر، واختلافِ مفهومِ النظامِ العام، وهو المعروف أو العرف الذي يتلقَّى الرضا العامَّ أو النكير المطلق في أيِّ مجتمع.

ولأهمية نظرية النظام العام في القضايا الفكرية المتنازع فيها وما يترتب عليه من نتائج فسنشرحها بإيجاز في المناسبة المقبلة إضافة لبقية الخطوات.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply