الأهواء والبدع


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

نواصل ما بدأناه في العدد الماضي من الموازنة بين سمات أهل السنة من جانب، وسمات أهل الأهواء والبدع، فنقول مستعينين بالله - تعالى -:

سادسًا: من سمات أهل السنة الولاء للمؤمنين وحب الصالحين، وتعظيم قدر الصحابة والعلماء أئمة الدين، ومن سمات أهل الأهواء الغِلٌّ على أهل السنة، وسبّ السلف ولمزهم، ومن ذلك:

1- طعنهم في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو بعضهم ولَمزِهم للسلف (أهل الحديث والسنة)، وتعييرهم وسبهم وبغضهم، ومن ذلك تسميتهم أهل السنة (حنابلة) أو (وهابية)، ونحو ذلك.

2- جفاؤهم للحديث والإسناد وأهله غالبًا.

3- كذبهم وتقولهم على الأئمة العلماء.

سابعًا: يتسم كثير من أهل الأهواء بموقفهم العدائي مع المخالفين، ومن ذلك:

1- مواقفهم مع المخالفين إجمالاً تتسم بالغرور والتعالي، والاستهانة بالرأي المخالف وصاحبه والتضييق ظلمًا وعدوانًا، والإلزام بالباطل بغير بينات، ولذلك نجد غالبهم يتنكرون للسنة ويضيقون على أهلها.

2- يبتدعون البدعة ويكفرون مخالفها، أو على النقيض من ذلك، فبعضهم لا يفرق بين السنة والبدعة، ولا بين الإيمان والكفر، أما أهل السنة - فهم بحمد الله - أهل إنصاف وتواضع وإشفاق ورحمة، ولا يكفرون المخالف لمجرد كونه مخالفًا إلا بدليل.

 

ثامنًا: من أصول أهل الأهواء والافتراق:

الخروج على أئمة المسلمين وجماعتهم، واستحلال السيف، وهذا منهج غالب فيهم، ومن سماتهم العامة، فهم لا يرون للسلطان طاعة، ولا يأخذون بوصية النبي - صلى الله عليه وسلم - بالصبر على الظلم والجور والأثرة من الوالي المسلم، ولذلك كان بعض السلف يسمي كل أهل الأهواء (خوارج).

 

تاسعًا: من سمات أهل الأهواء:

الإصرار على بدعهم (إلا النادر)، فلا يهتدون إلى الحق والسنة ولا يوفَّقون للتوبةº وذلك بسبب إصرارهم على البدعة- والله أعلم- فهم ممن قال الله فيهم: قُل هَل نُنَبِّئُكُم بِالأَخسَرِينَ أَعمَالاً (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعيُهُم فِي الحَيَاةِ الدٌّنيَا وَهُم يَحسَبُونَ أَنَّهُم يُحسِنُونَ صُنعًا [الكهف: 103- 104].

عاشرًا: من سمات أهل الأهواء:

كثرة الكلام فيما لا يعنيهم، وما ليس من اختصاصهم لا سيما في أمور الدين والعقيدة، والإكثار من حشو الكلاميات، ومن الكتب والمصنفات والردودº ولذلك اتسمت كتبهم ومصنفاتهم وأعمالهم بقلة البركة وقلة الفائدة.

 

حادي عشر: من سمات أهل الأهواء:

حرصهم على نشر البدعة، وقوة تأثيرهم فيمن يخالطهم، ولذلك تكثر استمالتهم للعامة والغوغاء والدهماء، وأصحاب المطامع وعشاق الشهرة، وقد تستجيب لهم هذه الفئات بسرعة عند الفتن، وعند غربة السنة وأهلها.

 

ثاني عشر: من سمات أهل الأهواء:

التعالم والغرور، فمن تعالمهم: زعمهم أنهم أعرف من العلماء الراسخين في الدين، أو مثلهم، وأنهم جديرون بالقول والحكم والاجتهاد مع قلة علمهم وجهلهم بالنصوص وقواعد الاستدلال وأصول الاجتهاد، بل إن غالبهم في الحقيقة من أصحاب الجهل المركب، ومن غرورهم وخذلانهم ظنهم أنهم ينصرون الإسلام بمناهجهم الضالة ومقالاتهم المبتدعة.

 

ثالث عشر: من سمات أهل الأهواء:

وقوعهم بين الغلو والتقصير، فكلٌّ أهلِ الأهواء خارجون عن منهج الاعتدال، فمنهم فرق اتسمت بالغلو والتنطع، كالخوارج والشيعة وبعض المعتزلة، وأخرى اتسمت بالتقصير، كالمرجئة والجهمية، وثالثة جمعت بين الغلو والتقصير كالصوفية وأكثر المعتزلة.

 

رابع عشر: ومن سمات أهل الأهواء كذلك:

1- استحواذ الشياطين والجن على طوائف منهم.

2- الجرأة على الله ورسوله وعلى الدين وعلى عباد الله الصالحين، ومن هنا نجد أن أصولهم كلها مخترعة مبتدعة ليس لهم فيها قدوة من أعلام الهدى الأئمة الأعلامº لذا وقعوا في تقرير قواعد فاسدة والقول بلوازمها.

3- القعود عن الجهاد وعن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبعضهم يعبر عن الجهاد بأنه (قسوة وعنف)، والنهي عن المنكر بأنه (حَجرٌ وتقييد للحريات).

4- يكتبون ما لهم ويعلنونه ويكتمون ما عليهم ويتجاهلونه.

5- التكلف والتعمق واتباع الصعاب والمحارات والمعضلات التي ما أنزل الله بها من سلطان.

6- اعتقادهم ما تتوهمه عقولهم، فإن أصولهم واعتقاداتهم ناتجة عن التوهمات والخيالات والتخرصات، فهم على منهج الذين قال الله فيهم: قُتِلَ الخَرَّاصُونَ (10) الَّذِينَ هُم فِي غَمرَةٍ, سَاهُونَ [الذاريات: 10-11].

7- تستهويهم العقليات والفلسفات ويزينها لهم الشيطان، وقد نتج عن تعويلهم على ذلك زعمهم أن العقيدة (عقيدة السلف) مما لا يعقل، وتوهموا المعارضة بين العقل والشرع.

8- ومن أبرز سمات أهل الأهواء والبدع: مضاهاتهم للشرع، وتدرجهم في مناهج الباطل، واتسامهم بالذلة والصغار.

9- المتأمل لحال أهل البدع والأهواء يجد أنه ليس في أئمتهم من تجمع الأمة على أنه إمام هدى، لكنهم قد ينتحلون بعض أئمة الدين تلبيسًا.

10- شؤمهم على الأمة وإسهامهم في نكباتها وفرقتها وهوانها وتسلط أعدائها.

 

الخلاصة:

إن مناهج أهل السنة والسلف الصالح تقوم على السنة والاتباع كما أمر الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، ومناهج أهل الأهواء تقوم على البدعة والفرقة والابتداع واتباع السبل.وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply