تبرئة معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه -مما نسب إليه من الزور والبهتان


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

قال عبد الله بن المبارك - رحمه الله -: معاوية عندنا محنة، فمن رأيناه ينظر إليه شزراً اتهمناه على القوم، يعني الصحابة.\"البداية والنهاية\"(8/139)

 

الحمد لله وبعدº

فقد انبرى أهل البدع بالطعن في أحد الصحابة ألا وهو معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه -، والزور والبهتان الذي رُمي به معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - ليس وليد الساعة، ومع الأسف اغتر بعض أهل السنة بمثل هذه الطعون في معاوية - رضي الله عنه -، وأصبحوا يرددونها في المجالس العامة، والله المستعان.

 

وفي هذا المقال نريد أن نقف مع المطاعن والشبه التي قيلت في معاوية - رضي الله عنه -، ونثبت أنها زورٌ وبهتانٌ لا يصح منها شيء البتة.

 

والناظر فيما رُمي به معاوية - رضي الله عنه - يجد أن غالب من تكلم فيه لا يورد مثالب معاوية - رضي الله عنه - بزعمهم - بالسند، بل يذهب إلى كتب التاريخ التي تروي من غير اعتماد على السند في الغالب، لأنهم لو ذكروها بالسند لظهر كذبهم.

 

وقد أخذت عنوان البحث وهو\"تَبرِئَةُ مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفيَانَ - رضي الله عنه - مِمَا نُسِبَ إِلَيهِ مِنَ الزٌّورِ وَالبُهتَانِ\"من كتاب\"لا دفاعا عن الألباني فحسب...بل دفاعاً عن السلفية\"(ص 171) للشيخ عمرو عبد المنعم سليم في رده على الضال حسن السقاف - وما أكثر الضلال في الأزمنة المتأخرة لا كثرهم الله لأنني رأيت أنه عنوان يناسب المقام، ولا شك أن كتابَ الشيخِ عمرو عبد المنعم أحدُ المراجع التي اعتمدتُ عليها في هذا البحث.

 

ومع عناصر البحث.

أولاً: فضائلُ معاويةَ - رضي الله عنه -:

إن فضائل معاوية ثابتةٌ عموماً وخصوصاً.

* فضائلُ معاويةَ - رضي الله عنه - على وجهِ العمومِ:

لا شك أن معاوية - رضي الله عنه - يدخل في عمومِ الآياتِ التي وردت في فضائلِ الصحابةِ، ولن أطيل في ذكر الآيات الواردة، فمن ذلك:

1 قال - تعالى -:\"مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَينَهُم تَرَاهُم رُكَّعًا سُجَّدًا يَبتَغُونَ فَضلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضوَانًا سِيمَاهُم فِي وُجُوهِهِم مِن أَثَرِ السٌّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُم فِي التَّورَاةِ وَمَثَلُهُم فِي الإِنجِيلِ كَزَرعٍ, أَخرَجَ شَطأَهُ فَآزَرَهُ فَاستَغلَظَ فَاستَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعجِبُ الزٌّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنهُم مَغفِرَةً وَأَجرًا عَظِيمًا\"[الفتح: 29].

ولو لم يكن في الصحابة إلا هذه الآية لكفتهم - رضي الله عنهم -.

2 وقال - تعالى -:\"لَا يَستَوِي مِنكُم مَن أَنفَقَ مِن قَبلِ الفَتحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الحُسنَى\"[الحديد: 10].

 

وغيرُ ذلك من الآياتِ التي وردت في مدحِ الصحابةِ عموماً ومنهم معاويةُ - رضي الله عنه -، وليس المقامُ مقامَ حصرٍ,.

أما الثناءُ على الصحابةِ ومنهم معاوية - رضي الله عنه - في السنةِ كثيرٌ جدا فمن ذلك:

1 - عَن أَبِي بُردَةَ ، عَن أَبِيهِ قَالَ: صَلَّينَا المَغرِبَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قُلنَا: لَو جَلَسنَا حَتَّى نُصَلِّيَ مَعَهُ العِشَاءَ، قَالَ: فَجَلَسنَاº فَخَرَجَ عَلَينَا فَقَالَ: مَا زِلتُم هَاهُنَا؟ قُلنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّينَا مَعَكَ المَغرِبَ، ثُمَّ قُلنَا نَجلِسُ حَتَّى نُصَلِّيَ مَعَكَ العِشَاءَ، قَالَ: أَحسَنتُم، أَو أَصَبتُم ، قَالَ: فَرَفَعَ رَأسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَكَانَ كَثِيرًا مِمَّا يَرفَعُ رَأسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ : النٌّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ فَإِذَا ذَهَبَت النٌّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ، وَأَنَا أَمَنَةٌ لِأَصحَابِي فَإِذَا ذَهَبتُ أَتَى أَصحَابِي مَا يُوعَدُونَ، وَأَصحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي فَإِذَا ذَهَبَ أَصحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ. رواه مسلم (2531).

 

2 - عَن أَبِي سَعِيدٍ, الخُدرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيٌّ - صلى الله عليه وسلم -: \"لَا تَسُبٌّوا أَصحَابِي، فَلَو أَنَّ أَحَدَكُم أَنفَقَ مِثلَ أُحُدٍ, ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِم وَلَا نَصِيفَهُ\". رواه البخاري (3673)، ومسلم (2540).

 

وأكتفي بهذين الحديثين في ذكر فضائل صحابة رسول الله صلى الله عليه، وإلا لو سردنا ما ورد في فضائلهم لسطرنا في ذلك مجلدات - رضي الله عنهم -.

 

* فضائلُ معاويةَ - رضي الله عنه - على وجهِ الخصوصِ:

جاءت أحاديث في فضائل معاوية، ولم أكتفِ بذكر فضائله، بل وجدت أحاديث كثيرة تبين ما لهذا الصحابي الجليل من منزلة عند غيره من الصحابة، إلى جانب فقهه واجتهاده في بعض المسائل، ونصحه لرعيته، وحرصت على ما ورد في الصحيحين لكي لا يطول البحث، فمن ذلك:

 

* دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه كان له زكاةً وأجراً ورحمةً:

عَن ابنِ عَبَّاسٍ, قَالَ: كُنتُ أَلعَبُ مَعَ الصِّبيَانِ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَوَارَيتُ خَلفَ بَابٍ,، قَالَ: فَجَاءَ فَحَطَأَنِي حَطأَةً وَقَالَ: اذهَب وَادعُ لِي مُعَاوِيَةَ، قَالَ فَجِئتُ فَقُلتُ: هُوَ يَأكُلُ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ لِيَ: اذهَب فَادعُ لِي مُعَاوِيَةَ، قَالَ: فَجِئتُ فَقُلتُ: هُوَ يَأكُلُ، فَقَالَ: لَا أَشبَعَ اللَّهُ بَطنَهُ. رواه مسلم (2604)، والطيالسي (2869).

ولنا مع هذا الحديثِ وقفاتٌ:

الوقفةُ الأولى:

ظن بعضُ المبتدعةِ أن هذا الحديثَ من مثالبِ معاويةَ، فبئس ما صنعوا، بل الحديثُ يعتبرُ منقبةً من مناقبِ معاويةَ - رضي الله عنه -، فما هو ردُ أهلِ السنةِ على هذه الفريةِ في حقِ معاوية - رضي الله عنه -؟

بوب الإمام النووي على الحديث بقوله: من لعنه النبي - صلى الله عليه وسلم - أو سبَّه أو دعا عليه، وليس هو أهلاً لذلك كان له زكاةً وأجراً ورحمةً.

وقال الإمام النووي في\"المنهاج\"(16/156): وَقَد فَهِمَ مُسلِم - رحمه الله - مِن هَذَا الحَدِيث أَنَّ مُعَاوِيَة لَم يَكُن مُستَحِقًّا لِلدٌّعَاءِ عَلَيهِ، فَلِهَذَا أَدخَلَهُ فِي هَذَا البَاب، وَجَعَلَهُ غَيره مِن مَنَاقِب مُعَاوِيَة لِأَنَّهُ فِي الحَقِيقَة يَصِير دُعَاء لَهُ. ا. هـ.

ومما يؤكد هذا الفهم لكلام النبي - صلى الله عليه وسلم - الأحاديث الأخرى التي تحت الباب المذكور فمن ذلك:

عَن عَائِشَةَ قَالَت: دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلَانِ، فَكَلَّمَاهُ بِشَيءٍ, لَا أَدرِي مَا هُوَ؟ فَأَغضَبَاهُ، فَلَعَنَهُمَا، وَسَبَّهُمَا فَلَمَّا خَرَجَا قُلتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَن أَصَابَ مِن الخَيرِ شَيئًا مَا أَصَابَهُ هَذَانِ، قَالَ: وَمَا ذَاكِ؟ قَالَت: قُلتُ: لَعَنتَهُمَا وَسَبَبتَهُمَا، قَالَ: أَوَ مَا عَلِمتِ مَا شَارَطتُ عَلَيهِ رَبِّي؟ قُلتُ: اللَّهُمَّ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ فَأَيٌّ المُسلِمِينَ لَعَنتُهُ أَو سَبَبتُهُ فَاجعَلهُ لَهُ زَكَاةً وَأَجرًا. رواه مسلم (2600).

وَفِي رِوَايَة:\"أَو جَلَدته فَاجعَلهَا لَهُ زَكَاة وَرَحمَة\".

وَفِي رِوَايَة:\"فَأَيّ المُؤمِنِينَ آذَيته شَتَمته لَعَنته جَلَدته اِجعَلهَا لَهُ صَلَاة وَزَكَاة وَقُربَة تُقَرِّبهُ بِهَا إِلَيك يَوم القِيَامَة\". وَفِي رِوَايَة:\"إِنَّمَا مُحَمَّد بَشَر يَغضَب كَمَا يَغضَب البَشَر، وَإِنِّي قَد اِتَّخَذت عِندك عَهدًا لَن تُخلِفَنِيهِ، فَأَيّمَا مُؤمِن آذَيته أَو سَبَبته أَو جَلَدته فَاجعَلهَا لَهُ كَفَّارَة وَقُربَة\".

وَفِي رِوَايَة:\"إِنِّي اِشتَرَطت عَلَى رَبِّي فَقُلت: إِنَّمَا أَنَا بَشَر أَرضَى كَمَا يَرضَى البَشَر، وَأَغضَب كَمَا يَغضَب البَشَر، فَأَيّمَا أَحَد دَعَوت عَلَيهِ مِن أُمَّتِي بِدَعوَةٍ, لَيسَ لَهَا بِأَهلٍ, أَن تَجعَلهَا لَهُ طَهُورًا وَزَكَاة وَقُربَة\".

قال النووي عن هذه الروايات: وَهَذِهِ الرِّوَايَة المَذكُورَة آخِرًا يقصد: إِنِّي اِشتَرَطت عَلَى رَبِّي - تُبَيِّن المُرَاد بِبَاقِي الرِّوَايَات المُطلَقَة، وَأَنَّهُ إِنَّمَا يَكُون دُعَاؤُهُ عَلَيهِ رَحمَة وَكَفَّارَة وَزَكَاة وَنَحو ذَلِكَ إِذَا لَم يَكُن أَهلًا لِلدٌّعَاءِ عَلَيهِ وَالسَّبّ وَاللَّعن وَنَحوه، وَكَانَ مُسلِمًا، وَإِلَّا فَقَد دَعَا - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الكُفَّار وَالمُنَافِقِينَ، وَلَم يَكُن ذَلِكَ لَهُم رَحمَة.

فَإِن قِيلَ: كَيف يَدعُو عَلَى مَن لَيسَ هُوَ بِأَهلِ الدٌّعَاء عَلَيهِ أَو يَسُبّهُ أَو يَلعَنهُ وَنَحو ذَلِكَ؟

 

فَالجَوَاب مَا أَجَابَ بِهِ العُلَمَاء، وَمُختَصَره وَجهَانِ:

أَحَدهمَا: أَنَّ المُرَاد لَيسَ بِأَهلٍ, لِذَلِكَ عِند اللَّه - تعالى -، وَفِي بَاطِن الأَمر، وَلَكِنَّهُ فِي الظَّاهِر مُستَوجِب لَهُ، فَيَظهَر لَهُ - صلى الله عليه وسلم - اِستِحقَاقه لِذَلِكَ بِأَمَارَةٍ, شَرعِيَّة، وَيَكُون فِي بَاطِن الأَمر لَيسَ أَهلًا لِذَلِكَ، وَهُوَ - صلى الله عليه وسلم - مَأمُور بِالحُكمِ بِالظَّاهِرِ، وَاَللَّه يَتَوَلَّى السَّرَائِر.

 

وَالثَّانِي أَنَّ مَا وَقَعَ مِن سَبّه وَدُعَائِهِ وَنَحوه لَيسَ بِمَقصُودٍ,، بَل هُوَ مِمَّا جَرَت بِهِ عَادَة العَرَب فِي وَصل كَلَامهَا بِلَا نِيَّة، كَقَولِهِ: تَرِبَت يَمِينك، عَقرَى حَلقَى وَفِي هَذَا الحَدِيث (لَا كَبِرَت سِنّك) وَفِي حَدِيث مُعَاوِيَة (لَا أَشبَعَ اللَّه بَطنك) وَنَحو ذَلِكَ لَا يَقصِدُونَ بِشَيءٍ, مِن ذَلِكَ حَقِيقَة الدٌّعَاء، فَخَافَ - صلى الله عليه وسلم - أَن يُصَادِف شَيء مِن ذَلِكَ إِجَابَة، فَسَأَلَ رَبّه - سبحانه وتعالى - وَرَغِبَ إِلَيهِ فِي أَن يَجعَل ذَلِكَ رَحمَة وَكَفَّارَة، وَقُربَة وَطَهُورًا وَأَجرًا، وَإِنَّمَا كَانَ يَقَع هَذَا مِنهُ فِي النَّادِر وَالشَّاذّ مِن الأَزمَان، وَلَم يَكُن - صلى الله عليه وسلم - فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا وَلَا لَعَّانًا وَلَا مُنتَقِمًا لِنَفسِهِ، وَقَد سَبَقَ فِي هَذَا الحَدِيث أَنَّهُم قَالُوا: اُدعُ عَلَى دَوس، فَقَالَ:\"اللَّهُمَّ اِهدِ دَوسًا\"وَقَالَ:\"اللَّهُمَّ اِغفِر لِقَومِي فَإِنَّهُم لَا يَعلَمُونَ\"وَاَللَّه أَعلَم. ا. هـ.

 

وقال الإمام الذهبي في\"السير\"(14/130): لَعَلَّ أَن يُقَال هَذِهِ مَنقَبَةٌ لِمُعَاوِيَةَ لِقَولِهِ - صلى الله عليه وسلم -:\"اللَّهُمَّ مَن لَعَنتُهُ أَو سَبَبتُهُ فَاجعَل ذَلِكَ لَهُ زَكَاةً وَرَحمَةً\". ا. هـ.

 

وقال مثله أيضا في\"تذكرة الحفاظ\"(2/699).

وقال ابن كثير في\"البداية والنهاية\"عند ترجمة معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه -: وقد انتفع معاوية بهذه الدعوة في دنياه وأخراه.

أما في دنياه: فإنه لما صار إلى الشام أميراً، كان يأكل في اليوم سبع مرات يجاء بقصعة فيها لحم كثير وبصل فيأكل منها، ويأكل في اليوم سبع أكلات بلحم، ومن الحلوى والفاكهة شيئاً كثيراً، ويقول: والله ما أشبع وإنما أعيا، وهذه نعمة ومعدة يرغب فيها كل الملوك.

وأما في الآخرة: فقد أتبع مسلم هذا الحديث بالحديث الذي رواه البخاري وغيرهما من غير وجه عن جماعة من الصحابة. أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:\"اللهم إنما أنا بشر فأيما عبد سببته أو جلدته أو دعوت عليه وليس لذلك أهلاً فاجعل ذلك كفارةً وقربة تقربه بها عندك يوم القيامة\".

فركب مسلم من الحديث الأول وهذا الحديث فضيلة لمعاوية، ولم يورد له غير ذلك. ا. هـ.

 

الوقفةُ الثانيةُ:

قد ينكرُ بعضُ الناسِ الأحاديث التي ذكرناها في بشرية الرسول، وأن هذا الأمر لا يتصور في حق النبي - صلى الله عليه وسلم -، وينزه النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النطق بمثله.

يجيب العلامة الألباني - رحمه الله - عن مثل هذه الشبهة في\"الصحيحة\"(1/123 124) فيقول: واعلم أن قوله:\"إِنَّمَا أَنَا بَشَر أَرضَى كَمَا يَرضَى البَشَر...\"إنما هو تفصيل لقول الله- تبارك وتعالى -:\"قُل إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثلُكُم يُوحَى إِلَيَّ... الآية\"[الكهف: 110].

 

وقد يبادر بعض ذوي الأهواء أو العواطف الهوجاء إلى إنكار مِثل هذا الحديثº بزعم تعظيم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتنزيهه عن النطق به! ولا مجال إلى مثل هذا الإنكارº فإن الحديث صحيح، بل هو عندنا متواترº فقد رواه مسلم من حديث عائشة وأم سلمة كما ذكرنا، ومِن حديث أبي هريرة وجابر - رضي الله عنهما -، وورد من حديث سلمان وأنس وسمرة وأبي الطفيل وأبي سعيد وغيرهم. انظر\"كنز العمال\"(2/124).

 

وتعظيم النبي - صلى الله عليه وسلم - تعظيما مشروعاً، إنما يكون بالإيمان بكل ما جاء عنه - صلى الله عليه وسلم - صحيحا ثابتا، وبذلك يجتمع الإيمان به - صلى الله عليه وسلم - عبدا ورسولاº دون إفراط ولا تفريط، فهو - صلى الله عليه وسلم - بشر بشهادة الكتاب والسنة، ولكنه سيد البشر وأفضلهم إطلاقا بنص الأحاديث الصحيحة، وكما يدل عليه تاريخ حياته - صلى الله عليه وسلم - وسيرته، وما حباه الله - تعالى -به من الأخلاق الكريمة والخصال الحميدة التي لم تكتمل لبشر اكتمالها فيه - صلى الله عليه وسلم -، وصدق الله العظيم إذ خاطبه بقوله:\"وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ, عَظِيمٍ,\"[القلم: 4]. ا. هـ.

 

الوقفةُ الثالثةُ:

جاء في رواية الطيالسي تأويلٌ لحديثِ\": لَا أَشبَعَ اللَّهُ بَطنَهُ\"عن بعضِ السلفِ ما نصهُ:

قال عبد الله بنُ جعفرِ بنِ فارسٍ, الراوي عن يُونُس بنِ حبيب -: معناه والله أعلم: لا أشبع الله بطنه في الدنيا حتى لا يكون ممن يجوع يوم القيامة، لأن الخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -:\"أَطولُ النَّاسِ شِبَعًا فِي الدٌّنيا أَطوَلهم جُوعًا يَوم القِيَامَة\". ا. هـ.

وقد رد الحافظ الذهبي هذا التأويل في\"السير\"(3/123) فقال: قُلتُ: هَذَا مَا صَحَّ، وَالتَّأوِيلُ رَكِيكٌ، وَأَشبَهُ مِنهُ قَولُهُ - عليه الصلاة والسلام -:\"اللَّهُمَّ مَن سَبَبتُهُ أَو شَتَمتُهُ مِنَ الأُمَّةِ، فَاجعَلهَا لَهُ رَحمَةً\"، أَو كَمَا قَالَ. وَقَد كَانَ مُعَاوِيَةُ مَعدُوداً مِنَ الأُكَلَةِ. ا. هـ.

 

تَـنـبِـيـهٌ:

حديث:\"أَطولُ النَّاسِ شِبَعًا فِي الدٌّنيا أَطوَلهم جُوعًا يَوم القِيَامَة\"لا يثبت عن النبي صلى الله، وهو حديث معلول بجميع طرقه، وممن أعله الإمام أحمد كما في\"المنتخب من العلل للخلال\"(ص 47 50) لابن قدامة المقدسي وتحقيق طارق عوض الله، وابن أبي حاتم في\"العلل\"(1861) عن أبيه فقال: حديث باطل.

 

الوقفةُ الرابعةُ:

طار بعض المبتدعة بقصة حدثت للإمام النسائي صاحب السنن ورد فيها ذكر الحديث الذي نحن بصدده\": لَا أَشبَعَ اللَّهُ بَطنَهُ\"، وظنوا أنهم وجدوا شيئا لكي يردوا به على أهل السنة، ويجوزوا لأنفسهم زعموا أن يقدحوا فيه - رضي الله عنه -.

 

فما هي هذه القصة؟ وما الرد عليها؟

ذكر القصة الإمام المزي في\"تهذيب الكمال\"(1/338)، والإمام الذهبي في\"السير\"(13/130) ونصها: وَقَالَ الوَزِيرُ ابنُ حِنزَابَةُ: سَمِعتُ مُحَمَّدَ بنَ مُوسَى المأَمونِيَّ - صَاحِبُ النَّسَائِيّ قَالَ: سَمِعتُ قَوماً يُنكِرُونَ عَلَى أَبِي عَبدِ الرَّحمَنِ النَّسَائِيِّ كِتَاب\"الخَصَائِص\"لِعَلِيٍّ, - رضي الله عنه - وَتَركَهُ تَصنِيفَ فَضَائِلَ الشَّيخَينِ، فَذَكَرتُ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: دَخَلتُ دِمَشقَ وَالمُنحَرِفُ بِهَا عَن عَلِيٍّ, كَثِير، فَصَنَّفتُ كِتَابَ\"الخَصَائِصِ\"رَجَوتُ أَن يَهدِيَهُمُ الله - تعالى -. ثُمَّ إِنَّهُ صَنَّفَ بَعدَ ذَلِكَ فَضَائِلَ الصَّحَابَةِ، فَقِيلَ لَهُ: وَأَنَا أَسمَعُ أَلاَ تُخرِجُ فَضَائِلَ مُعَاوِيَةَ - رضي الله عنه -؟ فَقَالَ: أَيٌّ شَيءٍ, أُخرِجُ؟ حَدِيثَ:\"اللَّهُمَّ لاَ تُشبِع بَطنَهُ\"فَسَكَتَ السَّائِلُ. ا. هـ.

وقد رد جاسم بن محمد بن حمود الفجي محقق كتاب\"القول المعتبر في ختم النسائي رواية ابن الأحمر للسخاوي\"(ص 20 28) على هذه المسألة في تسع نقاط، ألخصها في أربع نقاطٍ, بما يلي:

أولاً: أن النسائي بين سبب تأليف كتابه\"الخصائص\"بنفسه فقال:\"دَخَلتُ دِمَشقَ وَالمُنحَرِفُ بِهَا عَن عَلِيٍّ, كَثِير، فَصَنَّفتُ كِتَابَ\"الخَصَائِصِ\"رَجَوتُ أَن يَهدِيَهُمُ الله - تعالى -\".

إذاً فالنسائي لما رأى هذا الاعوجاج في الأمة المحمدية وهو تفضيل معاوية على علي أراد أن ينصح لهذه الأمة ويُقَوِّمَ هذا الانحراف الواقع فيها، فكان - رحمه الله - من الناصحين والمجاهدين في نصرة الحق ودفع الباطل.

 

ثانياً: نقل الحافظ المزي في\"تهذيب الكمال\"(1/339) عن الحافظ أبي القاسم بن عساكر ما نصه: وهذه الحكاية لا تَدُلُ على سوء اعتقاد أبي عبد الرحمن في معاوية بن أبي سفيان، وإنما تدل على الكف في ذكره بكل حال. ثم روى بإسناده عن أبي الحسن علي بن محمد القابسي قال:\"سمعت أبا علي الحسن بن أبي هلال يقول: سُئل أبو عبد الرحمن النسائي عن معاوية بن أبي سفيان صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنما الإسلام كدار لها باب، فباب الإسلام الصحابة، فمن آذى الصحابة إنما أراد الإسلام، كمن نقر الباب إنما يريد دخول الدار، قال: فمن أراد معاوية فإنما أراد الصحابة. ا. هـ.

 

ثالثاً: أن قول النسائي لما سُئل أن يخرج فضائل معاوية فقال: أَيٌّ شَيءٍ, أُخرِجُ؟ حَدِيثَ:\"اللَّهُمَّ لاَ تُشبِع بَطنَهُ\"؟ أنه كان يحكي واقع حاله وأنه لا يحفظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في معاوية إلا هذا الحديث، وهذا فيه دليل على فقه الإمام النسائي - رحمه الله - فإنه فهم من هذا الحديث أنه فضيلة لمعاوية للحديث الآخر الذي فيه:\"اللَّهُمَّ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ فَأَيٌّ المُسلِمِينَ لَعَنتُهُ أَو سَبَبتُهُ فَاجعَلهُ لَهُ زَكَاةً وَأَجرًا\". ولكن لما كان ظاهر الحديث فيه تنقص لمعاوية لم يحدث به خشية أن يظن بعض السفهاء ومن لا علم عندهم كما هو حاصل من بعض الكتاب في هذا المنتدى وغيره من منتديات الحوار على الشبكة أنه ينتقص معاوية - رضي الله عنه - في نشر مثل هذا الحديث ولذلك:\"سَكَتَ وَسَكَتَ السَّائِلُ\"كما تقدم، وهذا يدل على أنه ما أراد تنقص معاوية أبداً، وإنما يذكر حاله. إلى جانب أنه أخبر بما يحفظ هو من أحاديث فلم يصح عنده في معاوية - رضي الله عنه - بخصوصه إلا حديث:\"اللَّهُمَّ لاَ تُشبِع بَطنَهُ\".

 

قال الإمام ابن القيم في\"المنار المنيف\"(ص 116): ومن ذلك ما وضعه بعض جهلة أهل السنة في فضائل معاوية بن أبي سفيان... وكل حديث في ذمه، فهو كذب. ا. هـ.

 

رابعاً: قال السخاوي:\"وأما ما وُجد بخط السِّلفي مما حكاه ابن العديم في\"تاريخ حلب\"بسنده إلى أبي منصور تكين الأمير قال: قرأ عليَّ النسائي كتاب\"الخصائص\". فقلت له: حَدثني بفضائل معاوية فجاءني بعد جمعة بورقة فيها حديثان فقلت: أهذه فقط؟ فقال: مع أنها ليست صحيحة هذه غرم معاوية عليها الدراهم. فقلت له: أنت شيخ سوء لا تُجاورني فقال: ولا لي في جوارك حظٌ وخرج. انتهى فهو شيءٌ لا يصح. ا. هـ.

وبعد هذا البيان يتبين أن من دندن حول هذه القصة، وظن أنه حصل على كنز ثمين بزعمه فأقول له: اتق الله، وسيكون هذا الصحابي الجليل خصيمك يوم القيامة بما تنسبه إليه لكي تصل إلى القدح فيه.

والإمام النسائي نسبت إليه أمور تحتاج إلى إفراد موضوع خاص به - رحمه الله -.

 

مِن فقهِ واجتهادِ معاويةَ - رضي الله عنه -:

1 - عَن ابنِ أَبِي مُلَيكَةَ قَالَ: أَوتَرَ مُعَاوِيَةُ بَعدَ العِشَاءِ بِرَكعَةٍ, وَعِندَهُ مَولًى لِابنِ عَبَّاسٍ,، فَأَتَى ابنَ عَبَّاسٍ, فَقَالَ : دَعهُº فَإِنَّهُ قَد صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. رواه البخاري (3764).

 

2 - وَعَن ابنُ أَبِي مُلَيكَةَ قِيلَ لِابنِ عَبَّاسٍ,: هَل لَكَ فِي أَمِيرِ المُؤمِنِينَ مُعَاوِيَةَ؟ فَإِنَّهُ مَا أَوتَرَ إِلَّا بِوَاحِدَةٍ,، قَالَ: أَصَابَ، إِنَّهُ فَقِيهٌ. رواه البخاري (3765).

 

3 - وَعَن مُعَاوِيَةَ قَالَ: إِنَّكُم لَتُصَلٌّونَ صَلَاةً لَقَد صَحِبنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَمَا رَأَينَاهُ يُصَلِّيهَا، وَلَقَد نَهَى عَنهُمَا. يَعنِي الرَّكعَتَينِ بَعدَ العَصرِ. رواه البخاري (3766)، وأحمد (4/99، 100).

وبوب عليها البخاري بقوله: باب ذكر معاوية - رضي الله عنه -.

 

قال الحافظ ابن حجر في\"الفتح\"(7/131): عَبَّرَ البُخَارِيّ فِي هَذِهِ التَّرجَمَة بِقَولِهِ\"ذِكر\"وَلَم يَقُل فَضِيلَة وَلَا مَنقَبَة لِكَونِ الفَضِيلَة لَا تُؤخَذ مِن حَدِيث البَاب، لِأَنَّ ظَاهِر شَهَادَة اِبن عَبَّاس لَهُ بِالفِقهِ وَالصٌّحبَة دَالَّة عَلَى الفَضل الكَثِير، وَقَد صَنَّفَ اِبن أَبِي عَاصِم جُزءًا فِي مَنَاقِبه، وَكَذَلِكَ أَبُو عُمَر غُلَام ثَعلَب، وَأَبُو بَكر النَّقَّاش وَأَورَدَ اِبن الجَوزِيّ فِي\"المَوضُوعَات\"بَعض الأَحَادِيث الَّتِي ذَكَرُوهَا ثُمَّ سَاقَ عَن إِسحَاق بن رَاهوَيهِ أَنَّهُ قَالَ: لَم يَصِحّ فِي فَضَائِل مُعَاوِيَة شَيء، فَهَذِهِ النٌّكتَة فِي عُدُول البُخَارِيّ عَن التَّصرِيح بِلَفظِ مَنقَبَة اِعتِمَادًا عَلَى قَول شَيخه، لَكِن بِدَقِيقِ نَظَره اِستَنبَطَ مَا يَدفَع بِهِ رُءُوس الرَّوَافِض، وَقِصَّة النَّسَائِيِّ فِي ذَلِكَ مَشهُورَة، وَكَأَنَّهُ اِعتَمَدَ أَيضًا عَلَى قَول شَيخه إِسحَاق، وَكَذَلِكَ فِي قِصَّة الحَاكِم. ا. هـ.

 

وسنأتي على عبارة إسحاق بن راهويه من جهة ثبوتها أو عدم ثبوتها عنه.

4 - عَن أَبِي أُمَامَةَ بنِ سَهلِ بنِ حُنَيفٍ, قَالَ: سَمِعتُ مُعَاوِيَةَ بنَ أَبِي سُفيَانَ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى المِنبَرِ أَذَّنَ المُؤَذِّنُ قَالَ: اللَّهُ أَكبَرُ اللَّهُ أَكبَرُ، قَالَ مُعَاوِيَةُ : اللَّهُ أَكبَرُ اللَّهُ أَكبَرُ، قَالَ: أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: وَأَنَا، فَقَالَ: أَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: وَأَنَاº فَلَمَّا أَن قَضَى التَّأذِينَ قَالَ: يَا أَيٌّهَا النَّاسُº إِنِّي سَمِعتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى هَذَا المَجلِسِ حِينَ أَذَّنَ المُؤَذِّنُ يَقُولُ مَا سَمِعتُم مِنِّي مِن مَقَالَتِي. رواه البخاري (914).

 

5 - عَن أَبِي سَعِيدٍ, الخُدرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قَالَ : كُنَّا نُعطِيهَا فِي زَمَانِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - صَاعًا مِن طَعَامٍ,، أَو صَاعًا مِن تَمرٍ,، أَو صَاعًا مِن شَعِيرٍ,، أَو صَاعًا مِن زَبِيبٍ,، فَلَمَّا جَاءَ مُعَاوِيَةُ، وَجَاءَت السَّمرَاءُ قَالَ: أُرَى مُدًّا مِن هَذَا يَعدِلُ مُدَّينِ. رواه البخاري (1508).

 

قَالَ النَّوَوِيٌّ: تَمَسَّكَ بِقَولِ مُعَاوِيَةَ مَن قَالَ بِالمُدَّينِ مِن الحِنطَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ فِعلُ صَحَابِيٍّ, قَد خَالَفَهُ فِيهِ أَبُو سَعِيدٍ, وَغَيرُهُ مِن الصَّحَابَةِ مِمَّن هُوَ أَطوَلُ صُحبَةً مِنهُ وَأَعلَمُ بِحَالِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَقَد صَرَّحَ مُعَاوِيَةُ بِأَنَّهُ رَأيٌ رَآهُ لَا أَنَّهُ سَمِعَهُ مِن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. ا. هـ.

 

وهذا اجتهادٌ من الصحابي معاوية - رضي الله عنه -.

 

6 - عَن أَبِي الطٌّفَيلِ قَالَ : كُنتُ مَعَ ابنِ عَبَّاسٍ,، وَمُعَاوِيَةُ لَا يَمُرٌّ بِرُكنٍ, إِلَّا استَلَمَهُ، فَقَالَ لَهُ ابنُ عَبَّاسٍ, : إِنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَم يَكُن يَستَلِمُ إِلَّا الحَجَرَ الأَسوَدَ، وَالرٌّكنَ اليَمَانِيَ. رواه البخاري تعليقا (1608)، ومسلم (1269) من غير القصة، والترمذي (858).

 

زَادَ أَحمَدُ مِن طَرِيقِ مُجَاهِدٍ,: فَقَالَ اِبنُ عَبَّاسٍ,:\"لَقَد كَانَ لَكُم فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ\"فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: صَدَقت.

 

7 - عَن الزٌّهرِيِّ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ جُبَيرِ بنِ مُطعِمٍ, يُحَدِّثُ أَنَّهُ بَلَغَ مُعَاوِيَةَ - وَهُوَ عِندَهُ فِي وَفدٍ, مِن قُرَيشٍ, - أَنَّ عَبدَ اللَّهِ بنَ عَمرِو بنِ العَاصِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَيَكُونُ مَلِكٌ مِن قَحطَانَ، فَغَضِبَ مُعَاوِيَةُ، فَقَامَ فَأَثنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعدُº فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رِجَالًا مِنكُم يَتَحَدَّثُونَ أَحَادِيثَ لَيسَت فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَلَا تُؤثَرُ عَن رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأُولَئِكَ جُهَّالُكُم، فَإِيَّاكُم وَالأَمَانِيَّ الَّتِي تُضِلٌّ أَهلَهَا فَإِنِّي سَمِعتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: إِنَّ هَذَا الأَمرَ فِي قُرَيشٍ,، لَا يُعَادِيهِم أَحَدٌ إِلَّا كَبَّهُ اللَّهُ عَلَى وَجهِهِ مَا أَقَامُوا الدِّينَ. رواه البخاري (3500).

 

قال الحافظ ابن حجر في\"الفتح\"(13/124): فِي هَذَا الكَلَام أَنَّ مُعَاوِيَة كَانَ يُرَاعِي خَاطِر عَمرو بن

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply