حرية العقيدة وحرية الرأي بين الدقة والوضوح وبين التفلت والغموض


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

اعتاد عدد غير قليل من المسلمين أن يستخدم مصطلحات عامة لا يرافقها تحديد ووضوح، ثم تتحول هذه المصطلحات إلى شعار لا يحمل الدقة كذلك، ولا المنهج، ثم ينتشر بين الناس حين يلامس رغبة في النفوس أو مجالاً للتنفيس عما في نفوسهم من ضغط وحيرة وآمال مضطربة، فيصبح الواقع كله يعيش في أجواء من الشعارات والتعبيرات العامة خالية من النهج أو تحديد الدرب والمسار، وتطوى قضايا الأمة في خضم الشعارات دون بلوغ هدف أو تحقيق غاية.

 

إن انتشار هذه الظاهرة من المصطلحات العامة يوحي بعدم وجود نهج أو خطة واضحة في أذهان مختلف القطاعات.

 

ويزداد الأمر سوءاً حين تصبح هذه المصطلحات العامة قاعدة لتحديد موقف أو اتخاذ قرار أو إصدار اجتهاد وفتوى، ويصبح هذا الموقف أو القرار أو الاجتهاد مصدراً لاضطراب أوسع أو خلافات وشقاق.

 

ومن أبرز الأمثلة على هذه المصطلحات العائمة \" حرية العقيدة وحرية الرأي \" وقد دأب على استخدام هذه المصطلحات بعض دعاة المسلمين وانتشرت بين الناس على أنها مطلب حضاري ينادون به. ماذا تعني \"حرية العقيدة \"، وماذا تعني \" حرية الرأي \"، وكيف تُمارس وتُطبق؟!.

 

اعتقد أنها مصطلحات وافدة من الغرب العلماني الذي يقوم على تصورات خاصة مغايرة للإسلام، ولو رجعنا إلى الكتاب والسنة لا نجد مثل هذه التعبيرات. ولو رجعنا إلى أئمة الإسلام في العصور التي كان يحكم فيها الإسلام لا نجد مثل هذه التعبيرات لقد جاء الكتاب والسنة في غاية الدقة والوضوح والتفصيل في استعمال التعبيرات والمصطلحات، وتعلم أئمة الإسلام هذه الدقة والوضوح فيما يستخدمونه من مصطلحات أو فيما يستحدثونه.

 

جاء الإسلام ليدعو إلى عقيدة واحدة ودين واحد، وحمَّل الإنسان مسؤولية اختيار الإيمان والتوحيد والإسلام أو سواه، ولكل اختيار نتيجة في الدنيا والآخرة، الإسلام يدعو الناس كافة إلى الإسلام، وفرض القتال والجهاد من أجل ذلك، ونفر من الكفر ومن أي دين غير الإسلام، وأنذر الكافرين بعذاب شديد، وجعل النار مصير من يموت منهم على الكفر، مع ابتلاء شديد في الدنيا، ووعد المؤمنين بالجنة لمن صبر والتـزم، ووعد الصادقين العاملين المجاهدين بالنصر.

 

هذا الذي يدعو إليه الإسلام، فهل تعبير حرية العقيدة الذي يطلقونه اليوم يحمل هذه المعاني، أو هل هذا الذي يدعو إليه الإسلام يماثل \" حرية العقيدة \". الإسلام ينظر إلى الكافرين وغير المؤمنين الصادقين أنهم يتساقطون في النار، في نار جهنم، هذه حقيقة أكيدة ويقين بالنسبة للإسلام، فهل يعقل أن يترك الناس ليتهاووا في جهنم؟! إذن لماذا بعث الله الرسل على مدى الزمان وختمهم بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، ولماذا شرع القتال والجهاد في سبيل الله حتى تكون كلمة الله هي العليا.

 

دين الله:

الإسلام جاء ليجتث الكفر من الأرض ولينشر الإسلام دين الله. دين جميع الرسل والأنبياء، الدين الذي لا يقبل الله غيره، فهل يُعقل بعد ذلك أن ينادي الإسلام ويقول يا أيها الناس خذوا أي عقيدة تريدون وأي دين ترغبون فلا بأس في ذلك!! ((إن الدين عند الله الإسلام)) [آل عمران: 19]. ! ((ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين)) [آل عمران: 85].

 

هنالك فرق كبير بين أن يُحمّل الله كل إنسان مسؤولية اتخاذ قرار اختيار دينه وعقيدته، بعد أن يكون رسله قد أبلغوا الرسالة كاملة، وأنذر من خالف بعذاب الدنيا والآخرة. وبشر الصادقين بخير الدنيا والآخرة. وبين أن يترك الأمر في حرية عائمة مائعة، تغري الناس بالكفر والفتنة والفساد أكثر مما تغريهم بالإيمان والإسلام.

 

فارق كبير بين حرية اختيار العقيدة والدين والحرية التي تغري الناس بالكفر والفتنة:

 

ليست القضية من حيث المبدأ انفلات حرية العقيدة ولا الدعوة لها ولا سن القوانين من أجلها إن القضية بالنسبة للإسلام أعظم من ذلك بكثير وأخطر من ذلك بكثير، إنها تتمثل في النقاط التالية:

 

أولاً: إنقاذ الإنسان من هلاك محقق وعذاب في جهنم شديد إذا مات على الكفر.

 

ثانياً: تهيئة الأجواء التي تعين على الإيمان والتوحيد والإسلام، وترغيب الناس بهذا الحق واليقين، وإخراجهم من الفتنة والضلال والباطل، وإخراجهم من الظلمات إلى النور.

 

ثالثاً: سد أبواب الفتنة والضلال والكفر، والفساد والأهواء والشهوات المتفلتة، واتخاذ الأسباب اللازمة لحماية فطرة الإنسان، الفطرة التي فطر الله الناس عليها لتكون منطلق الإيمان والتوحيد، قادرة على استقبال رسالات الأنبياء والدين الواحد.

 

رابعاً: إن هذه القضية بلغت أهميتها وخطورتها أن أصبحت أساس الأمانة التي حملها الإنسان وأبتها السموات والأرض والجبال. وأشفقن منها، إنها الأمانة التي يكون الإنسان بها غير ظالم ولا جاهل، وبتركها يصبح ((ظلوماً جهولاً)) [الأحزاب 72]! وهي الأمانة التي يقوم عليها معنى العبادة التي خلق الله الإنسان لأجلها والخلافة التي جعلت له، والعمارة التي أمر بها.

 

وعلى هذه الأسس تصاغ الشعارات والمصطلحات، وتسن القوانين، وتوضع مناهج التربية والبناء، وتقوم العلاقات بين المؤمنين وغيرهم.

 

وثيقة الرسول مع يهود:

يذكر بعض المسلمين هذا التعبير على النحو التالي: \" لقد تضمنت الوثيقة التي كتبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع يهود المدينة أوضح صورة للتعايش والتعاون كما يسعى إليه الإسلام، فقد تضمّنت حرية العقيدة وحرية الرأي … \"!

 

ولو رجعنا إلى نص الوثيقة لوجدناها تختلف عما ذكر اختلافاً واسعاً. فهي أولاً ليست وثيقة كتبها الرسول - صلى الله عليه وسلم - مع يهود المدينة وحدهم، إنها مع أهل يثرب وقبائلها كلها، ولنستمع إلى ما تقوله الوثيقة: \" هذا كتاب من محمد النبي رسول الله بين المؤمنين والمسلمين من قريش وأهل يثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم \"! ثم ذكرت الوثيقة المهاجرين من قريش، ثم قبائل يثرب ثم اليهود، ثم تذكر الوثيقة العلاقات، ولنستمع إلى ما تنص عليه الوثيقة في بعض فقراتها:

 

ألا يحالف مؤمن مولى مؤمن دونه.

 

وأن المؤمنين المتقين أيديهم على كل من بغى منهم أو ابتغى دسعيه ظلم أو إثماً أو عدواناً أو

 

فساداً بين المؤمنين، وأن أيديهم عليه جميعاً ولو كان ولد أحدهم.

 

ولا يقتل مؤمن مؤمناً في كافر، ولا ينصر كافراً على مؤمن.

 

وأن ذمة الله واحدة. يجير عليهم أدناهم، وأن المؤمنين بعضهم موالى بعض دون الناس.

 

وأن المؤمنين المتقين على أحسن هدى وأقومه.

 

وأنه لا يحل لمؤمن أقر بما في هذه الصحيفة وأمن بالله واليوم الآخر أم ينصر محدثاً أو يؤويه وأن

 

من نصره أو أواه فإن عليه لعنة الله وغضبه يوم القيامة. ولا يؤخذ منه صرف ولا عدل.

 

وأنكم مهما اختلفتم فيه من شيء فإن مرده إلى الله وإلى محمد.

 

ونصوص أخرى تفصّل في العلاقات والمسؤوليات والحقوق لا تجد فيها نصاً مبهماً أو عائماً أو متفلتاً.

 

جميع النصوص تقوم على القواعد التي ذكرناها، والتي تبين أهمها ونذكّر به حتى لا تختلط الصورة والتعبيرات:

 

فالوثيقة تنص بشكل صريح حاسم على أن الحكم في المدينة لدين واحد فقط هو الإسلام، هو لله ولرسوله.

 

وتنص كذلك على أن المؤمنين بعضهم موالي بعض دون الناس، وأنه لا يقتل مؤمن مؤمناً بكافر، ولا ينصر كافراً على مؤمن، وأن المؤمنين المتقين على أحسن هدى وأقومه، فالمؤمنون إذن أمة واحدة تربطهم الموالاة التي تجعلهم أمة واحدة من دون الناس. والولاء والموالاة علاقة شرعها الله للمؤمنين ورابطة تقوم عليها أخوة الإيمان.

 

فالحكم إذن للإسلام، والإسلام هو أحسن هدي وأقومه ولا يُنصر كافر على مؤمن ولا يقتل مؤمن بكافر، إنها تعبيرات محددة واضحة مفصلة لا تترك أمراً عائماً.

 

وعندما جاء النص: \" وأن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين لليهود دينهم وللمسلمين دينهم.. \" جاء النص مرتبطاً بسائر النصوص مبنياً عليها لا ملغياً لها، فاليهود أمة والمؤمنون أمة ولكنهم كلهم بحكمهم الإسلام وكل ما اختلف فيه مرده إلى الله وإلى محمد - صلى الله عليه وسلم -، وجميع من في يثرب يحمل مسؤولية الدفاع عنها وحمايتها من خلال الشروط والأسس التي ذكرناها.

 

وشرع الله للمسلمين أن يكون أهل الكتاب أهل ذمة يرتبطون مع المؤمنين بمواثيق وعهود يصبحون بها قوة لتنصر الإسلام والمؤمنين لا لتحاربهم، لهم دينهم وليس لهم أن يحكم دينهم أو لا أن ترد الأمور إليه، لهم أن يتبعوا فيما بينهم أحكام دينهم، وليس لهم أن يدعوا لها وأن ينشروها، فذلك حق المؤمنين الذين هم على أحسن هدي وأقومه.

 

وان من يعادي الإسلام ويحاربه فعلى اليهود نصرة المؤمنين. في مثل هذه التفصيلات الأساسية التي ذكرنا بعضها يأخذ أهل الكتاب حرية عقيدتهم ويظل المؤمنون يدعونهم إلى الإسلام لينقذوهم من عذاب الدنيا وعذاب الآخرة.

 

أما الكافرون من قريش وغيرهم، وقريش أقرباء النبي - صلى الله عليه وسلم - قربى ونسب ورحم، لكنهم حاربوا الله ورسوله فانقطعت حمية النسب إلا في أن يدعوا إلى الإيمان والإسلام، وتعلن الوثيقة قطع الصلات معهم، وبوادر الحرب معهم وتدعو إلى محاربتهم والتميز عنهم ولا تعطيهم أي حقوق، ولا تُقرهم على كفر أبداً ولا تعطيهم حق الدعوة إلى كفرهم ولا نشر مذهبهم وأفكارهم وآدابهم.

 

وكذلك شأن كل محدث والمحدث هو الذي يُحدث شيئاً مخالفاً للإسلام الذي يحكم المدينة كلها، ويخضع له كل من فيها، هذا المحدث لا حقوق له، ولا يحل نصره ولا إيواؤه، ولا مساعدته ومن يفعل ذلك فعليه لعنة الله.

 

فهل هذه الشروط كلها توحي بأن نقول إن الإسلام يدعو إلى \"حرية العقيدة \" بهذا التعبير المتفلّت والمصطلح العائم؟

 

إذا أردنا أن نبلغ دين الله. الإسلام. فلنبلغه كما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم -، وكما كان يبلغه محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الأبرار.

 

حين نستعير مصطلحات من الشرق والغرب، ثم نلصقها بدين الله، وبأحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -، نكون قد ارتكبنا خطأ جسيماً، فالإسلام حين قال: ((لا إكراه في الدين))، لم يتركها عائمة وإنما قال معها: ! ((لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم * الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون)) [البقرة: 256-257]

 

وقبلها جاءت آية الكرسي: ((الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السموات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه لا بما شاء وسع كرسيه السموات والأرض و يؤده حفظهما وهو العلي العظيم)) [البقرة: 255]

 

دعــوة إلى التوحيــد:

دعوة إلى الإسلام والتوحيد صريحة جلية حاسمة، قبل ((لا إكراه في الدين))، ودعوة كذلك صريحة جلية حاسمة، مع إنذار شديد للكافرين وبشرى للمؤمنين بعدها.!

 

((لا إكراه في الدين)) تعبير يختلف عـن تعبير \" حرية العقيدة \" يختلف معنى وصياغة وشروطاً ((لا إكراه في الدين)) تعني أن الله لا يقبل من عبد ادعاء الإيمان تحت ضغط الخوف أو المصلحة الدنيوية وهو يبطن خلاف ذلك. إن الله يقبل من عبده إيمانه وإسلامه حين يصدر عن قناعة ويقين وهذا يعني أن الله يريد من المؤمنين أن ينهضوا ليبلغوا رسالة الله وحقيقة الإيمان والتوحيد ودين الإسلام بلاغاً صادقاً واضحاً دقيقاً، لا أن يبلغ كل إنسان هداه وتصوراته الخاصة ويطوي نصوص الكتب والسنة، أو يبلغها محرفة أو ناقصة أو غير واضحة ولا يرى الإسلام على أساس ما عرضناه أن للكافر أن يدعو إلى كفره في ظل دولة الإسلام التي يحكمها منهاج الله، ولا أن لأهل الكتاب أن يدعوا إلى دينهم في قلب دولة الإسلام التي يحكمها منهاج الله.

 

يعطي أهل الكتب حرية الإقامة في أرض الإسلام على ألا يسعوا إلى أن يسود معتقدهم، وألا يحملوا السلاح على المسلمين، وألا يناصروا عدواً للإسلام، والمسلمين سراً ولا جهراً، وأن يرضوا بحكم الإسلام ولا يتآمروا عليه.

 

وعلى المسلمين أو يكونوا يقظين، فإن وجدوا منهم خيانة يؤخذ الخائن أو الخائنون بذنبهم ويعاقبون، ويخرجون من أرض الإسلام إذا خُشي استمرار خيانتهم وتأمرهم.

 

هذا الذي تبينه لنا الآيات والأحاديث وسيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته الأبرار - رضي الله عنهم -، فإن ابتلي المسلمون بالوهن والذل وغلب عليهم أعداؤهم، فلا يحملون الإسلام وشرعه وفقهه نتائج تهاونهم وعجزهم، ولا يلوون الآيات والأحاديث ليسوغوا المذلة والهوان. فأعداء الله يعرفون الإسلام وحكمه فيهم، فإن كتمنا حقائق الإسلام نخسر رضاء الله أولاً ونصرته، ونخسر ما كان يمكن أن نناله من هيبة في أعين الكافرين وأهل الكتاب، حين يرون أننا غيرنا وبدلنا. وأننا بدأنا نتبع ما تشابه من الأمور شأن من في قلوبهم زيغ.

 

إن أساس الدعوة الإسلامية هو البلاغ المبين البلاغ الذي يبلغ رسالة الله ليعذر الناس أنفسهم بين يدي الله يوم القيامة. فلا يتغير الدين مع تغير الواقع، فالدين حق لكل زمان ومكان. ونجد فيه الحلول لكل واقع كما وجد أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. دون الخروج عن الحق المطلق في الكتاب ولا سنة ودون تحريف النصوص ودون اتباع ما تشابه منه.

 

لقد أخذ ضغط الواقع المنحرف اليوم يشتد على بعض المسلمين حتى أصبح منهم من يسهل عليه إعطاء رأي ليؤمن مصلحة دنيوية ثم يلصق دعواه بالإسلام.

 

إن التقوى أهم أسباب النصر وإن خشية الله أهم عنصر في التقوى، وإن العلم وحده إذا ضعفت فيه التقوى، فقد قوته الإيمانية في الميدان.

 

ومصطلح أخر كثر ترداده بين المسلمين اليوم، ينادي به المنتسبون إلى الإسلام، فالإسلام أعظم رسالة في الأرض تحض على التفكير وتدعو له، وأعظم رسالة تحرر عقل الإنسان من أغلال الهوى والشهوات ومصالح الدنيا الآثمة، إن مصطلح \"حرية الرأي \" مصطلح عائم متفلت أعطى الفرصة لأعداء الله ليطعنوا الإسلام والمسلمين أكثر مما أعطى المسلمين الفرصة لبيان حقائق دينهم، إن الإسلام الذي يحض على التفكير ويدعو إليه ليحترم الرأي الذي يصدر عن إيمان ووعي مع الحجة والدليل، مع صدق النية وإخلاصها لله مبرأ من الهوى، نابعاً من العلم الحق لا من الظن والتخمين، فالإسلام لا يستخدم مثل هذا التعبير \"حرية الرأي\" ولكن يدعو المسلم ليقول رأيه جلياً واضحاً، ملتزماً بالشروط الإيمانية التي فصلها منهاج الله، دون أن يعتبر أن رأيـه وحده هو الحق إلا إذا كان الرأي نصاً من الكتاب والسنة، وجاء عرضه مطابقاً لحاجة القضية والواقع، جامعاً لكل الأدلة التي تنفي الشبهة وتشرق بالصدق والحق، لا يماري فيه بعد ذلك إلا ممار أو مجادل أو منافق، إن الحق يحمل معه دائماً إشراقته، والباطل يحمل عتمته وظلامه والقلب المؤمن يهتدي إلى الحق ويميزه من الباطل.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply