هل يصح أن نقارن نجوم السماء بالحصى؟


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

الفتى الوسيم، حلو التقاسيم، الذي يأخذ باللب، ويدير الرأس، ويأسر الفؤاد، ويتعلق القلب بطلعته إذا بدا، ويكون فاكهة المجالس إذا غاب..!!

شاب متناسق الأعضاء، حلو المحيا، صبوح الوجه، خفيف الروح، لا تفارق وجهه ابتسامته الجميلة، ومع هذا فهو شهم في الأرجح..

وهكذا إلى حد يقرب إلى أن يكون (كامل الأوصاف) ليصبح هاجساً شاغلاً!!

..ولذا يغدو هذا هو فتى الأحلام للشباب والفتيات معاً...!!

نعم، أما الشباب فإنهم سرعان ما يتقمصون شخصيته، ليكون كل منهم نسخة طبق الأصل عنه، حتى يحظى بما حظي به من معجبين ومعجبات، وشهرة وأضواء!

 

وأما الفتيات فيصبح ويمسي وهو منتصب في بؤبؤ أعينهن، فارس أحلام لا يأتي على فرسه الأبيض، لأنه مغروس أصلاً باستمرار في عقل كل منهن لا يبرح، قد احتل قلبها واستعمره..!

هذه الشخصية كانت _ ولا تزال _ هي المحور الرئيس لأعمال الوسط الفني وكانوا قديماً يطلقون عليه لقب: فتى الشاشة الأول!!!

ويكون التنافس دائماً أيهم يظهر هذه الشخصية أكثر حسناً وجمالاً وجاذبية..

ليكون محط الأنظار، ومظنة قدوة، ومحل محاكاة للشباب!..

 

ثم ترقى الأمر: فرأينا (البطل!!) وإن كان عجوزاً..!

غير أنه عجوز على الموضة! فهو أكثر وسامة من الشباب، وألطف عشرة، وأجرأ سلوكاً، وأوسع ابتسامة، وأحلى ملامح، وأكثر مالاً..!

ولولا فارق السن لكان فتى الفتيان الأول..!!

 

ثم ترقى الأمر فأصبح من يؤدي أدوار الإجرام والشر كذلك هو الأجمل والأبهى والأحلى، والأقدر على التعامل بفن، والأوسع ابتسامة، والأقوى قلباً، والأروع منطقاً … !الخ

 

فإذا كان هذا الاهتمام كله منصباً في مظهر (البطل!)

حتى يبدو مقبولاً مهضوماً محبوباً ومعشوقاً أيضا …!!

فكيف إذن بالمرأة وهي بيت القصيد، وحجر الزاوية في طول الفيلم وعرضه؟

حدث هنا عن البحر ولا حرج.. حدث ثم حدث..!!

 

وملاحظة كبيرة لا أحسبها تفوتك:

إنك تجد قاسماً مشتركاً على أن يكون هذا النجم المحبوب الفاتن، الذي تتركز عليه الأضواء لمدة ساعتين أو يزيد، رجلاً فاسقاً ماجناً لا يعرف حلالاً فيلتزمه، ولا يبالي بالحرام ومن ثم يقدم عليه ولا يبالي..

_ وإن كان لسانه يدور بذكر الله بين الحين والحين!!!

مما يوحي لك بأنه يعرف الله ويخافه أيضاً!!!! عجبي! _

على كل حال، الذي أريد أن ألفت النظر إليه هو: إذا كانت قضية الحسن والجمال والسعي وراء صفات الكمال قد أخذت حيزاً كبيراً جداَ من الاهتمام في أعمال الوسط الفني..

لما يعرفون من خطورة هذا المنفذ إلى القلوب..

فإنا نقول في ثقة..

إنه لا يمكن أن تعرف الدنيا رجلاً أجمل ولا أحلى ولا أحسن، ولا أروع، ولا أكمل، ولا أبهى، ولا أزكى، ولا أعطر سيرة: من رسول الله.

وهل مثل محمد أحد في العالمين؟؟ كلا ثم كلا والله..

 

فإذا كان الناس إنما يلتفتون ابتداء حول الشخصية التي جمعت إلى الجمال الكمال فهو هنا محمد - عليه الصلاة والسلام - ليس كمثل شخصيته شخصية، ومن مجموع الروايات التي وصفه فيها أصحابه تجد مثل هذه الأوصاف التي تدير الرأس حقاً وبصدق:

 

كأن الشمس تجري في وجهه..

ما رأيت شيئاً أحسن منه قط..

كان وجهه مثل الشمس أو القمر مستديراً..

لم أر قبله ولا بعده مثله..

جعلت أنظر إلى وجهه وإلى القمر _بدراً _ فوالله لهو أحسن من القمر..

كان أحسن الناس وجهاً..

لا يُرى إلا مبتسماً..

لو رأيته قلت الشمس طالعة..

كأن العرق في وجهه اللؤلؤ..

ولما لبس ملابس العمرة قال أحدهم: كأن ظهره سبيكة فضة..

له نور يعلوه.. معتدل الخلق متماسك، عبق طيبه يشم عن بعد.. يبقى أثره بعد انصرافه..

يأسر ناظره عند مرآه..

وجدت ليده برداً وريحاناً كأنما أخرجها من جونة عطار..

ما شممت مسكاً ولا عنبراً أطيب من ريح رسول الله..الخ

أضف إلى ذلك:

أنه كان قمة القمم في كل خلق فاضل طيب، مما تفرق في عظماء الناس على مدار التاريخ، فكان أشجعهم قلباً، وأزكاهم نفسا،وأنداهم يدا، وأفصحهم لسانا، وأقواهم حجة،وأروعهم بياناً، وأحدّهم فطنة، وأذكاهم عقلاً، وأحسنهم أدباً، وأقواهم ذاكرة، وأجرأهم في الحق، وأبعدهم عن الباطل، وأكثرهم عبادة، وأحلاهم عشرة، وأنقاهم سريرة، وأكثرهم تبسماً، وكان أفكه الناس مع نسائه، وهكذا...

 

ما من خلق فاضل حسن، إلا وتراه قد تحلى به، بل كان في القمة فيه، عليه أفضل الصلاة والسلام..

فهاهنا جمال لا مثيل له، وحسن فائق مبهر، وكمال لم تر الدنيا مثله (فأين تذهبون؟) (مالكم كيف تحكمون؟).

(أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير؟)

 

وفوق هذا كله فأنت تراه - صلى الله عليه وسلم- لا يشدك إلا إلى كل خير، ولا يريد لك وبك إلا السمو، والرفعة والعزة والتألق على عكس مراد هؤلاء (النجوم _ الآفلة _) فإن ثمراتهم أمر من الحنظل، ولا تزال الأمة تعاني من هذه الثمرات والحبل على الجرار!!

 

وفيه - صلى الله عليه وسلم - يصح قول القائل:

وعلى تفنن واصفيه بمدحه *** يفنى الزمان وفيه ما لم يوصفِ

ولله در القائل:

واللهِ ما خلقَ الإلهُ ولا برى *** بشراً يُرى كمحمدٍ, بين الورى

صلى الله عليك يا رسول الله أفضل الصلاة وأزكى السلام.

عدد خلق الله، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته.

 

 ذلك لأن هؤلاء النجوم _ الآفلة _ أتفه من الحصى في الوحل، وأحقر وأحط!!

وأما محمد - صلى الله عليه وسلم - فهو أعظم من النجوم في سماها، وأعلى وأروع وأكثر تلألؤاً منها..

 

لذا فإني أخشى أن يحاسبني الله على هذه الكلمات...

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply