الفكر هو المدخل


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

\"راقب أفكارك فإنها تتحول إلى كلمات، راقب كلماتك فإنها تصبح أفعالا، راقب أفعالك فإنها تتحول إلى عادات، راقب عاداتك فإنها تصبح طباعا، راقب طباعك فإنها ظلال مصيرك \". فرانك أنلو - القيادة والتغيير

 

قد جرت العادة أن يجري سجال حاد بين المهتمين بالإصلاح كلما حاولوا أن يقبضوا على البداية الصحيحة للتغيير. كما أن العادة قد جرت بتحيز كل فريق إلى تخصصه ، والاعتقاد بأن البداية الحقيقية تكون في إصلاح المجال الذي تخصص فيه، فالتربويون يعتقدون أنه ما لم ينشأ جيل جيد قد ربي التربية الصحيحة، فإن الأمل في تحسن الأحوال معدوم. والاقتصاديون يعتقدون أن البداية الحقيقية تكون في إصلاح الاقتصاد. والشرعيون يرون الالتزام بأحكام الشريعة هو البداية.وهكذا...

وأميل إلى الاعتقاد أن ما يحتاج إلى أن نبدأ بإصلاحه وتقويمه هو الفكر، حيث إننا لا نستطيع أن نعالج أية مشكلة في أي جانب من جوانب الحياة بدون تفكير صحيح قادر على تصور المشكلة ورؤية أسبابها وجذورها وهوامشها وتناقضاتها الداخلية وعلاقاتها التبادلية مع غيرها. ولا نستطيع أيضا أن نلج مرحلة المعالجة لها بما تقتضيه من أولويات البدء، ومراحل التدرج وأدوات الحل وآثار ذلك على الجوانب الحياتية الأخرى... إلا من خلال الفكر والفكر وحده. فإصلاح الجوانب الحياتية المختلفة – كقضية الالتزام مثلا - متوقف على إصلاح الفكر، على أن إصلاح الفكر لا يتوقف على أي شيء آخر، مما يعطيه أولوية البدء.

وللثقافة الأثر الأكبر في استقامة التفكير واعوجاجه. فحين تكون البنى الثقافية أقرب إلى السلامة والفعالية، فإنها تساعد إمكاناتنا العقلية على إنتاج الأفكار القويمة والبناءة من خلال المعطيات التي تقدمها لها. وحين تكون الثقافة متأزمة أو ضامرة فإن الأحكام العقلية تكون أقرب إلى الخطل والاعوجاج.

ولا يخلو شعب من شعوب الأرض من ثقافة خاصة به. لكن ليست كل الثقافات قادرة على تأسيس المدنيات واستيعاب النظم الحضارية المتعددة، ويمكن القول: إن الثقافات البعيدة عن تيار الحضارة المتدفقة لا تستطيع أن تؤسس روح المدنية، ولا بناء مناخاتها الصحية، كما أنها لا تستطيع أن تقدم ما يساعد أدمغتنا على إنتاج فكر منهجي قويم.

إن علينا أن نصر على النجاح في عالم الأفكار، لأن كل ما نملكه من ثروات وأموال... سوف يكون محدود الفائدة إذا نحن لم نربح معركة الأفكار، وإذا لم نستطع أن نقدم الأفكار التي تصلح شأننا الحضاري كله...

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply