لا تيأس فالنصر قادم


 

بسم الله الرحمن الرحيم

دلائل القرآن والسنة والمبشرات فيهما تقطع بنصر الإسلام على أعدائه وهيمنته على الأرض، فالنصر للإسلام لأنه منهج رباني، وكثير من المبشرات لم تتحقق بعد، ويقيننا بصدقها يبشر بأن النصر قادم، وقد ركب أعداء الإسلام سبيل الأمم الهالكة وبذلوا من أسباب الهلاك ما يبشر بقرب هلاكهم فالسنن الربانية مضطردة ... وهذا ما سيعرض له درسنا .

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد،،،
بشارات عظيمة لهذا الدين والمستقبل للإسلام، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: [بَشِّر هَذِهِ الأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالرِّفعَةِ وَالدِّينِ وَالنَّصرِ وَالتَّمكِينِ فِي الأَرضِ...] رواه أحمد في المسند وابنه عبد الله في زوائده . إنه حديث عظيم في وسط اليأس والإحباط الذي يشعر به الكثيرون اليوم من تكالب الأعداء وضعف المسلمين ولكن الله رحيم بعباده والفرج آت لاريب : } فَإِنَّ مَعَ العُسرِ يُسرًا[5]إِنَّ مَعَ العُسرِ يُسرًا[6]{ [سورة الشرح] .

إننا نعيش في وقت استثنائي فعلاً يجب علينا أن نفقهه ونفهمه، ولو تأملت منذ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم حتى الآنº لوجدت أن أكثر الوقت الذي عاشته هذه الأمة كان النصر لها وأن الوقت الذي كان المسلمون فيه في استضعاف- كمرحلة غزوة التتر، أو الحملات الصليبية، أو الوقت الحاضر الذي نعيش فيه- هو الأقل، وليس الأكثر في هذه الأمة، وإذا عرفنا النصوص الشرعية المتعلقة بأن القوة للمسلمين، وأن النصر لهم، وأن هذا هو الأصلº يجب أن نقتنع أن هذا هو الأصل، وأن ما نحن فيه الآن مرحلة استثنائية، عندما يشعر المسلم بهذا ويعتقد وضعه في الإنتاج لهذا الدين والعمل لهº لأن أملاً ونوراً سيأتي ولابد.

ومن النصوص الشرعية الدالة على ذلك:

قول الله سبحانه وتعالى:} يُرِيدُونَ لِيُطفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفوَاهِهِم وَاللَّهُ مُتِمٌّ نُورِهِ وَلَو كَرِهَ الكَافِرُونَ[8]هُوَ الَّذِي أَرسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَو كَرِهَ المُشرِكُونَ[9]{ [سورة الصف] .

إن وعد الله لا يتخلف، قال تعالى:} وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُم وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَستَخلِفَنَّهُم فِي الأَرضِ كَمَا استَخلَفَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِم وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُم دِينَهُمُ الَّذِي ارتَضَى لَهُم وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِن بَعدِ خَوفِهِم أَمنًا...[55]{ [سورة النور] .

لابد أن يرجعº لأن الله تعالى قال:} إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدٌّنيَا وَيَومَ يَقُومُ الأَشهَادُ[51]{ [سورة غافر] .

والنصر للمسلمين ولابد منهº لأنهم المتقون، قال تعالى:} وَالعَاقِبَةُ لِلمُتَّقِينَ[128]{ [سورة الأعراف] .

والله عز وجل قد أهلك القرون من قبلنا من الكفار، وسيهلك هؤلاء ولابد:} إِنَّهُم يَكِيدُونَ كَيدًا[15]وَأَكِيدُ كَيدًا[16]فَمَهِّلِ الكَافِرِينَ أَمهِلهُم رُوَيدًا[17]{ [سورة الطارق] .

ويمكرون هؤلاء النصارى واليهود، وغيرهم اليوم من المجوس والهندوس:} وَيَمكُرُونَ وَيَمكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيرُ المَاكِرِينَ[30]{ [سورة الأنفال] . هؤلاء ستباد قراهم ويزول ملكهمº لأن الله يقول:} وَكَأَيِّن مِن قَريَةٍ, عَتَت عَن أَمرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبنَاهَا عَذَابًا نُكرًا[8]فَذَاقَت وَبَالَ أَمرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمرِهَا خُسرًا[9]{ [سورة الطلاق] . كم مليون من الكفار قتل في الحرب العالمية الثانية خمسين مليون، وكم دمر من مدنهم، وكم سقط من دولهم كثير جدًا ما مضى زمن طويل عليها، والله قادر على تدميرها مرة أخرى، وإهلاك الملايين الكثيرة من هؤلاء الكفار، فقد أرانا الله عما قريب آيات بهم وسيرينا آيات بمشيئته سبحانه وتعالى.

هؤلاء ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله كما يحدث اليوم بوضوح شديد:} إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَموَالَهُم لِيَصُدٌّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيهِم حَسرَةً ثُمَّ يُغلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحشَرُونَ[36] { [سورة الأنفال] .

وهذه البشائر النبوية تتوالى في أحاديثه الصحيحة صلى الله عليه وسلم:

يقسم على ذلك فيقول : [...وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الأَمرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِن صَنعَاءَ إِلَى حَضرَمَوتَ لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ...] رواه البخاري.

وكذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر عن انتشار دينه في العالم فقال: [لَيَبلُغَنَّ هَذَا الأَمرُ مَا بَلَغَ اللَّيلُ وَالنَّهَارُ وَلَا يَترُكُ اللَّهُ بَيتَ مَدَرٍ, وَلَا وَبَرٍ, إِلَّا أَدخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ, أَو بِذُلِّ ذَلِيلٍ, عِزًّا يُعِزٌّ اللَّهُ بِهِ الإِسلَامَ وَذُلًّا يُذِلٌّ اللَّهُ بِهِ الكُفرَ] رواه أحمد.

وقال صلى الله عليه وسلم : [ إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِي الأَرضَ فَرَأَيتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبلُغُ مُلكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنهَا...] رواه مسلم. \' زَوَى \' يعني : ضم وجمع، فإذا حدث أحد بأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى قارة استراليا وقارة أمريكا، فلا تكذبهº لأنه قال: : [ إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِي الأَرضَ فَرَأَيتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا]. أطلع عليها كلها صلى الله عليه وسلم، وأخبر بأن ملك أمته سيبلغ المشارق والمغارب وهذا لم يحدث بعد فلماذا لا نتعبد ربنا بالتصديق بوعده، ونتقرب إليه بالتصديق بوعده، وبوعد النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى .

وهو الذي بشرنا بفتح روما بعد فتح القسطنطينية، سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَيٌّ المَدِينَتَينِ تُفتَحُ أَوَّلًا قُسطَنطِينِيَّةُ أَو رُومِيَّةُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: [ مَدِينَةُ هِرَقلَ تُفتَحُ أَوَّلًا- يَعنِي قُسطَنطِينِيَّةَ-] رواه أحمد .

وهو الذي أخبرنا أنه سيكون بعده صلى الله عليه وسلم خلافة على منهاج النبوة ثم يكون ملك عاضاً ثم ملك جذرياً ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، وهذا لم يأت بعد .

ومن المبشرات العظيمة:أن الله لا يترك دينه بدون مجددين، وكلما خبا هذا الضوء وخفتº أعاده الله للوهج مرة أخرى بهؤلاء العظماء، الذين يحيون السنة، ويميتون البدعة، ويوقدون أنوار التوحيد ويطفئون نيران الشرك، قال صلى الله عليه وسلم: [إِنَّ اللَّهَ يَبعَثُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ عَلَى رَأسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ, مَن يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا] رواه أبو داود. فيحيون ما اندرس ويرجعون الناس للعمل بالكتاب والسنة .

بل إن هناك طائفة منصورة لا يمكن أن يخلو منها الزمان قال صلى الله عليه وسلم : [ لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِن أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الحَقِّ لَا يَضُرٌّهُم مَن خَذَلَهُم حَتَّى يَأتِيَ أَمرُ اللَّهِ وَهُم كَذَلِكَ]رواه مسلم . فهذه الطائفة موجودة مستمرة وقد توجد في بعض الأرض دون بعض وفي بعض البلدان دون بعض ولكنها موجودة .

والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الأمة لا تخلو من الخير، قال صلى الله عليه وسلم: [مَثَلُ أُمَّتِي مَثَلُ المَطَرِ لَا يُدرَى أَوَّلُهُ خَيرٌ أَم آخِرُهُ] رواه الترمذي، وأحمد.

قد يقول قائل: نحن الآن من أين لنا الفرج وقد طبق الأرض ظلم هؤلاء الكفرة وعم الفساد في البلاد والذل للعباد بما حصل من هذا الطغيان الذي نراه اليوم من أولئك الكفرة بأسلحتهم العظيمة وقدارتهم الاقتصادية الضخمة وأعدادهم الهائلة ؟

فنقول: إن الله على كل شيء قدير والله لا يخلف الميعاد، وقد أخبرنا صلى الله عليه وسلم فيما أخبرنا بأن عيسى عليه السلام سينزل في آخر الزمان وقد قال الله :} وَإِنَّهُ لَعِلمٌ لِلسَّاعَةِ...[61]{ [سورة الزخرف] . يعني: آية، فيكون قبل يوم القيامة نزول عيسى بن مريم ، والذي نفسي بيده يقول صلى الله عليه وسلم : [لَيُوشِكَنَّ أَن يَنزِلَ فِيكُم ابنُ مَريَمَ حَكَمًا عَدلًا فَيَكسِرَ الصَّلِيبَ وَيَقتُلَ الخِنزِيرَ وَيَضَعَ الجِزيَةَ وَيَفِيضَ المَالُ حَتَّى لَا يَقبَلَهُ أَحَدٌ] رواه البخاري ومسلم . ويدعو الناس إلى الإسلام، ويهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام، كل سكان الأرض مسلمون، فإذا قال لك إنسان: هل سيكون هناك سلام عالمي؟ فتقول : نعم، في عهد عيسى عليه السلام أما على أيدي هؤلاء الكفرة لا يوجد سلام .

فإذاً دلت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على أن النصر للإسلام، والمستقبل للمسلمين، وأن القوة ستأتي للمسلمين في النهاية، وأن الخلافة على منهاج السنة ستكون، وأن عيسى سينزل، والمهدي سيظهر، وأن اليهود سيهزمون، والنصارى سيهزمون وأن الإسلام سيطبق الأرض.. كل هذه حقائق لا يمكن الشك فيها .

ومن المبشرات: أن أعداءنا يرشحون هذا الدين للهيمنة والمفكرون منهم يظنونه فعلاً دين سيسيطر وهم يحسبون له ألف حساب، وأنهم يفكرون فعلاً بقلق شديد للمستقبل:

يقول بن غوريون اليهودي : إن أخشى ما نخشاه أن يظهر في العرب الإسلامي محمد جديد. طبعاً لن يخرج محمد جديدº لأن محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين والمرسلين لكن سيظهر مجددون وقادة.

وقال آخر: وجدنا أن الخطر الحقيقي علينا موجود في الإسلام وقدرته في التوسع والإخضاع وفي حيويته المدهشة .

وقال آخر: إن المسلم الذي نام نوم عميقاً مئات السنين قد استيقظ، وأخذ ينادي هذا أنا لم أمت أنا أعود للحياة لا لأكون أداة طيعة تسيرها العواصم الكبرى، ربما يعود اليوم الذي تصبح بلاد الفرنج مهددة بالمسلمين يهبطون إليها من السماء لغزو العالم مرة ثانية في الوقت المناسب، لست متنبئًا لكن الإمارات الدالة على هذا كثيرة، ولا تقوى الذرة ولا الصواريخ على وقفها .

وكذلك قال البرتغالي بلا زار: إن الخطر الحقيقي على حضارتنا هو الذي يمكن أن يحدثه المسلمون حينما يغيرون نظام العالم، فقال له أحدهم: لكن المسلمون مشغولون بخلافاتهم، و تنازعاتهم فأجابه أخشى أن يخرج منهم من يوجه خلافاتهم إلينا .

ويقول جب المستشرق: إن المسلمين لا ينقصهم إلا ظهور صلاح الدين من جديد .

ويقول أشعي: يكون من شيئا من الخوف يجب أن يسيطر على العالم الغربي من الإسلام لهذا الخوف أسباب، منها: أن الإسلام منذ ظهر في مكة لم يضعف عددياً - لفت نظره أن الإسلام أتباعه يزدادون باستمرار- . ثم قال : من أسباب الخوف أن هذا الدين من أركانه الجهاد .

إذاً أعداؤنا يعترفون بقوة ديننا، ويخشونه، ويحسبون له حسابًا، وعندهم دراسات كاملة تنبئهم بأن المسلمين سيأتون ولابد.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply