أيها الكرام: كيف أبحنـا لأنفسنا التنقــــل بين الفضائيات؟!!


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

قال تعالى: ( يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ )

 

 أصبحت أتألم من طريقة نقد بعض الغيورين لمحتويات الفضائيات من المواد الهابطة,..سواء كان ذلك في الصحف أو في المنتديات !. وسبب هذا الألم هو أن هذه الظاهرة وخاصة بطريقة عرضها وكثرتهــا تشير إلى تساهل الغيورين في الاشتراك في هذه القنوات ورؤيــة ما فيها من الباطل والمحرمات.

 

 وهذه الظاهرة تذكرني بالواقع المؤسف الذي أصبح يمارسه أغلب المسلمين من التساهل في أمر الدين وأحكامه وفتاوى العلماء فيما يتعلق بالفضائيات والرمـي بها عرض الحائط وإتباع هوى النفس في الإطلاع ورؤية العديد والكثير من القنوات بــدون ضرورة شرعية حقيقيـة معتبـرة وبدون خـوف من الجبار الذي يرانـا وهو مستــوي على عرشه ويعلم سبحانه خائنـة الأعين!! وما تخفي الصدور.

 

 وقد ازداد شر وتغلغل الفضائيات في مجتمعاتنا حتى أصبح الجل الأعظم من المسلمين بما فيهم الغيوريــــن ذوي الأفكار الحسنة الطيبة يبيحـون لأنفسهم التنقل بين الفضائيات ورؤية ما فيها في أوقات كثيرة (وبــدون ضرورة حقيقية) وكأنـه يكفيه فقط لينجو من إثم هذا الإطلاع المتكرر أن يقوم بانتقاده في قرارة نفسه أو في المجالس أو في كلمات تكتب في الصحف.

 

وهذا المسلك من هؤلاء الغيورين خطير لأنه:

 

أولاً : فيه إثم كبير لأن الإطلاع على ما يحرم أو فيه الحرام لا يجوز إلا في الضــرورة وعند الحاجة إلى ذلك في وقت معيــن محدد وظـرف معين ومن أشخاص معينـون يؤدون هذا الشيء وهم يتقــون الله في أن لا يروا إلا المقدار الضــروري فـقــط ولوقت محـدود لكـي يقوموا من ثم بإنكاره.

 

ثانياُ : أن هذا المسلك – أي الإكثار من رؤية الفضائيات ثم نقدها – بهذا الشكل وبهذه الكثرة يؤدي إلى تساهل كل مجتمعنا في رؤية منكرات القنوات مقتدين بمن رأوهم يشاهدون باستمـرار هذه القنوات من أصحــاب الغيرة والأقلام الطيبة، وأيضاُ ستنطبـع في نفوسهم نفس الفكرة من أن لنا أن نرى ونستطلع في أي وقت وبــدون ضوابط شرعية ويكفــي لننجو من الإثم أن ننتقد ما نراه!!.

 

ومعروف أن مجـرد التنقل بين هذه القنوات يؤدي إلى رؤية الكثيـر من المناظر المحرمة بل الشديدة في حرمتها.

 

وللأسف أن معظم المسلميـــن الآن استحلوا النظر في المحرمات في وقتنا الحاضر وتعودوا عليه حتى أنهم أصبحوا لا يلقون له بالاً, فمن الأصل شرعاُ لا يجـوز النظر إلى المرأة المتبرجة ولو كانت مذيعة فقط!. فما بالنا إلى من يسمح لنفسه بالتنقل بين القنوات بــدون ضرورة حقيقية مؤكدة فيرى في لحظات هذه التنقلات الكثير الكثير من الطامات التي والـلـه إن ربنا رحيم وحليم بنا إذ لم يؤاخذنا بتساهلنا في رؤية مثل هذه المنكرات التي تغضبه, وسماحنا لها بأن تعرض في بيوتنا واستراحــــــاتنا ووو . . . الخ.

 

ومعروف أيضا الخطر الكبير لأكثر القنوات على ديننا وقيمنا وأخلاقنا.فالله الله يا أهل الغيرة في أن نكون- من غير أن نشعر- سبباً في تشجيـع مجتمعاتنا على هذه السموم الفاسدة المضيعة لأمتنا.

 ولقد كثرت هذه الظاهرة من الغيورين فمن منتقد لأغاني الفيديو كليب !! ومن منتقد للأفلام المكسيكية ويذكر هذا الانتقاد بطريقة تؤكـد هذه الظاهره الخطيرة بأنه لا بـأس من رؤية كل هذه المناظر ( وإمتــاع !! ) العيون بما لا يرضي الله وفقـط يكفي أننا ننتقدها في الأخير.

- بل إنني أشعر أن هذه الظاهرة كان لها أثر أيضاً في تشجيع الغيـــــــــــر على الكلام والكتابة عن منكرات وطامات القنوات حتـى بدون إنتقادها وكأن هذه المنكرات أمور جائزة لا تغضب الجبار سبحانه,...فمـن واصف لجمال ممثلة ورشاقة جسدها !!ومـن مادحٍ, لمذيعـة عصت الخالق بتبرجها وجرأتها على ما لا يرضيه !! ومـــــــن ناقل لأخبار الأفلام المفسدة والأغاني الماجنة!! بـدون أي نقدٍ, لها !!. أي بمعنى آخر أصبح الحديث عن الحـرام وكأنه حــلال !! وما أحلمـك يا عظيم سبحانك على هذه المجاهرة والإصـرار على ما يغضبك,... وكيـف تنتصر أمتنا وهي تجاهر خالقها العظيم بما لا يرضاه. بل إن مثل هذه المجاهرة تخيفنا مــن قـرب تحقق العذاب علينا نسأل الله السلامة والعافية والغفران!

 

 وخطابي هنا موجه بالـذات لهؤلاء الغيورين الذين ينتقدون هذه المنكرات بأن عليهم الانتباه إلى هذا المزلق الخطير الذي يوقعهم فيه الشيطان من حيث لا يشعرون وعليهـم (وفقهم الله) إذا أرادوا انتقاد شيء ما في الفضائيات أن يوضحـوا للمسلمين أنهم رأوا ذلك فقط في وقت معيـن ولهدف محدد, وأنهــم أصلاُ لا يرضـون أن يتساهل ويتمادى المسلمون في الاشتراك والنظر إلى هذه القنوات التي تغضب رب الأرض والسماوات بدون مراعاة لما يحرم وما لا يحرم وبدون مراعاة صادقة حقيقية للضرورة وأحكامها والتي الأصل أن يحددها المسلم بتجـرد من هوى النفس وبتقوى وخوف من الله, ومن الأولى أن يستشيـر في ذلك من يوثق في تقواه وصلاحه.

 

 وللتنبيـه أقول أننا ندرك ونقـر بأنه لابد من وجود أفراد من مجتمعنا يطلعون على بعض القنوات وبعض البرامج فيها لنعرف واقع الأمة والعالم من حولنا ولننتبه بشكل أدق لما يحاك لنا, ولكـن الأصل أن يقوم بهذا أفـراد محدودون من مجتمعنا يكون بالفعـل عملهم أو مسؤولياتهم وأدوارهم تستلزم عليهم عمل ذلك,وعليهم أن يتقـوا الله العظيم تماماُ في هذا الأمر ويقتصروا أيضاً على رؤية ما هناك حاجة وضرورة لرؤيته, حتى يكونوا حقاً من عوامل النصر لأمتنا وحفظها من الشرور لا من عوامل تأخير نصر الأمة لتساهلهم وتشجيعهم مجتمعاتنا على أمور لا يرضاها العليم البصير.

 

 ومسألة يجدر ذكرها فيما يتعلق بهذا الموضوع وهي أن الدافع لهذه الرؤية لهذه البرامج والمحطات لنقدها كثيراً ما يكون مصاحبـاً أو أساسه شهوة خفية قد لا ينتبه لها الإنسان تكون هـي السبب الذي يجعله يتنقل بين المحطات والبرامج فتختلـــــــــــس العين مناظر معينة كانت هي السبب في تشجيعه على ذلك العمل وإن لم يشعر. وهذا الشيء يحصل لأي إنسان ولطالما عاتبنا أنفسنا على نظرات كان دافعنا لها كما توهمنا هو الغيرة على الدين لإنكار ما فيها وتبين لنا عندما وقفنا مع أنفسنا بصدق أن الدافع لم يكن سليماً وكانت الثانية هي الدافع الأكبر فاستغفرنا الله سائلين منه الصفح والغفران!

 

 وختامـــــــاً أرجو أن يتقبل هؤلاء الغيورون هذه الكلمة التي نريد بها النصيحة والخير لنا ولهم ولأمتنا خاصة في هذه الفترة العصيبـة التي تعيشها الأمة والتي تستلـزم منها أن تسارع في البعد عن كل ما لا يرضي خالقها ويبعدها عن أوامر وقيم دينها حتـى ينصرها سبحانه ويكتب لها النصر على الأعداء المتربصين ولكي تنقذ أبناءها المذبحين المنكوبين فـي شتى بقاع الأرض.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply