تجربة حلقات القرآن مناقشات وآراء القراء


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لقد أنزل الله - سبحانه - على رسوله - صلى الله عليه وسلم - لهذه الأمة كتابا عظيما جليلا ودستورا كاملا \" تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم لذكر الله \"، وأمر - سبحانه - بتكريمه وحفظه وتدبره وتطبيقه والحكم به، ووعد - عز وجل - من كان من أهل القرآن ثواب الدنيا والآخرة..

 

والمؤمن المتصل بربه برباط وثيق يفزع إلى كتاب ربه القرآن فتهدأ نفسه بقراءته وتطمئن روحه بقربه وتسليته وتأمن ذاته بالإيمان بمعانيه.

والقلب الصدوق يتعلق بالقرآن الكريم فلكأن القرآن دائما قنديل يضيء ظلمته وكوكب دري يوقد من شجرة مباركة يمدها الحق واليقين.

 

وعندما ينتشي العبد الصالح بينما هو يقرأ القرآن نشوة الشعور بقدر النعمة ويتدبره تفيض آثار القرآن على جوارحه عامة.. فهو يرى بالقرآن ويسمع بالقرآن ويتحرك بالقرآن.. لكأنما قرآن يتلى كلما ترك بصمة إيمان وتقوى في كل مكان يحضره.. قال الله تعالى: \" إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون \".

 

حلقات القرآن.. نافذة تجريبية..

ولقد تحولت حلقات تحفيظ القرآن بحمد الله إلى واقع حقيقي نستطيع من خلاله أن نصل إلى مستوى متميز من المرجو تجاه التربية القرآنية الإيمانية لأبنائنا وبناتنا.

ولاشك أن الرقي بمستوى الأداء في تلك الحلقات يحتاج إلى جهود متكاثرة من المتخصصين والعلماء كما يحتاج إلى مشاركات مخلصة من جميع أصحاب الخبرات وكذلك أصحاب التجارب بشتى أنواعها للوقوف على أفضل مستوى للأداء..

 

وقد فتح موقع المسلم نافذة للحوار حول التجارب فيما يخص حلقات القرآن الكريم وشاركت فيه أقلام كثيرة محبة للخير والنفع.. ونحاول في هذه الوقفات أن نمر بإيجاز حول أهم تلك المشاركات والتجارب:

 

* توقيت الخمول..

يرى خالد الحرقوص من السعودية - أن برنامج حلقات تحفيظ القرآن الكريم بالتوقيت بعد الدوام المدرسي يعطي شيئا من الخمول لبعض الطلاب بعد مجهود دراسي خاصة أن بعض الطلاب الصغار ربما يكون مجبر للالتحاق بالحلقات وبالتالي فالبحث عن توقيت آخر للحلقات هو أمر يفرض نفسه.

 

* طريقة تقليدية..

أما صالح غيث من ليبيا -: فيقول: أنا أميل إلى الطريقة التقليدية في حفظ القران من خلال حلقات الحفظ في المساجد والتي هي مستمرة في عملها، وذلك لعدة أسباب منها: - أن أغلب من يقوم بالتحفيظ في المسجد هو على درجة كبيرة من الإتقان والحفظ لملازمته لعمله ولدرايته بما يقوم به، ولإذن شيوخه له بالتحفيظ، وهذا قد لا يكون متوافرا لدى من يقوم بافتتاح مركز حفظ في مدرسة أو جمعية مثلا، وهذا لامسناه في بعض الشباب المتحمسين لتحفيظ الشباب وهو لم يستكمل أدوات كذلك فإنه يرى أن استعمال الأدوات التقليدية في الحفظ أثبت جدارته في ترسيخ المادة أكثر من غيره، ويقول أيضا: أن استحبابنا الحفظ في المسجد هو مراقبة الطالب لشيخه في تعامله وفي صلاته عند حضور الصلاة وتعلم أمور أخرى في جوانب الفقه كالصلاة والطهارة من الشيخ وغيره

 

* فروق فردية..

أما أبو حمد البليهي- السعودية فيرى أنه يجب اعتبار الفروق الفردية أثناء عملية التحفيظ ويرى أن ذلك قد لا يراعيه المحفظ في أحيان كثيرة ويقول: فحبذا أن يكون هناك مراعاة للفوارق الفردية وتصورها قبل الشروع في التحفيظ

 

** شئون التدريس

مشاركة أخرى تشير إلى أهمية معرفة شئون التدريس في عملية الأداء في الحلقات، فيقول خالد صالح بارويس السعودية -: يجب أن تكون على أسس وثوابت لتنظيم العمل (الكادر التدريسي العامل بهذه الحلقات وانتظام الطلاب الدارسين بها كما يجب أن يكون المدرسين العاملين بالحلقات بالإضافة لحفظ القران الكريم بتجويده وأحكامه أن يكون على علم بأساسيات التدريس والتأهيل التربوي لأنه يتعامل مع شريحة كبيرة من أبنائنا الصغار

 

** برامج مصاحبة..

يقول أبو سالم السعودية: هناك نقطة مهمة في اعتقادي وهو التركيز على البرامج المصاحبة لتشمل أهدفا إيمانية وعلمية وتربوية واجتماعية عامة وفصلية تحققها البرامج المطروحة طوال الفصل الدراسي.

ويضيف: إنه من السهل توجيه الشباب ولكن من الصعب إعانتهم على الثبات إلا بإخراجهم من بيئتهم السابقة إلى بيئة صالحة تعينهم على الثبات حتى تثبت أقدامهم على الطريق.

 

* تجربة خاصة وملاحظات عامة..

ويقول عبد العزيز السعودية: في كل سنة يأتينا مدرس جديد ويملي علينا ما يريده هو لاما نريد نحن ثم إننا نعيد الحفظ في أول السنة وفي نهاية السنة أكون قد اقتربت من حفظ 7-9أجزاء ولكن دون مراجعات إلا قليلة لا تكاد تتعدى وجهاً واحداً في اليوم كذلك فإن كثرة عدد الطلاب في الحلقة الواحدة مستوى التركيز والطلاب المشاغبون هم الذين أفسدوا علينا فرصة الحفظ والمراجعة والتفسير، وأخيرا عدم متابعة أولياء الأمور لأبنائهم فهم يكتفون بمجرد سؤالهم عن مجرد الحضور فقط.

 

* * تجربة سلبية ونتيجة إيجابية!

وفي مشاركة أخرى لمحمد من مصر- يقول: تجربتي كانت سلبيه مع حلقات القرآن الكريم حينما كنت صغيرا فكنت أذهب للمسجد في هذه الحلقات، وأحيانا كنت لا أنتظم في الحفظ مع الشيخ، فقام الشيخ بضربي نتيجة لاستهتاري وبعد ذلك تركت المسجد نتيجة لذلك وأنا الآن أحفظ فقط الجزء الذي قمت بحفظة أيام ما كنت أحضر الحلقات مع زيادة طفيفة.

 

* فهم القرآن:

يقول محمد الياقوت مكة -: في اعتقادي بأننا إن لم نركز على دورات فهم القرآن ونبسط علوم القرآن ونضعها ونوزعها في دورات متدرجة يستفيد منها العامة قبل الخاصة فإننا نكون قد قصرنا من الاستفادة من كل هذا النشاط وهذه المعطيات الإيجابية.

 

* الرأس أهم الأجزاء!

ويرى محمد أمين من السودان: بأن أول ما يتوجب علينا ملاحظته هو مشرف الحلقات فإن صلح وكان سليم الفكر والمنهج نوقن تماما بعدها بأن الجميع سيطمئن على فلذات أكبادهم إذا تركوهم بعد صلاة العصر في المسجد.

ثم الأمر الأخر مدرس الحلقة: فكثير من الحلقات تكتفي بأن يكون مدرس الحلقة حافظا فقط بيد أننا يجب أن نحرص على أن يكون مدرس الحلقة مربيا مع حفظه لأن العملية التعليمية هي تربية قبل أن تكون تعليما

 

* شئون مالية..

أما زيد الزعيير السعودية -: فيشير إلى ضرورة الاهتمام بالشأن المالي والإنفاق فيقول: العناية بإنشاء الوقف الإسلامي الذي يدر على تلك الحلقات، ويجعل مسيرتها إن شاء اللـه إلى الأبد وكذلك العناية الفائقة، والتوقف في كل شيء ينفق من الأمور المالية، والنظر إلى مدى الحاجة إليه، وليس تبديد الأموال فيما لا طائل من ورائه بحجة البذل لصالح الحلقة، مع أن هناك أمورا البذل فيها يحتمل التأخير، وأيضاً هناك أمور البذل فيها قد يكون فيه نوع من الإسراف.

 

* الضبط الإداري والقيمي

عبد العزيز الشهري من السعودية يرى أن: هناك تفاوتا كبيرا في مستوى الضبط الإداري والتربوي من منطقة إلى منطقة بل من حي إلى حي يحتاج إلى إعادة نظر وتأمل كما يرى أن التساهل في تعيين غير الثقة أحيانا لتولي أمور الناشئة من الأحداث والشباب الصغار

ألقى بظلال رمادية على نظرة بعض فئات المجتمع المثقفة والمهتمة بتربية أبنائها على القيم حيث وجدت من خاصة أقاربي الفضلاء من منع أبناءه من الذهاب إلى الحلقات بسبب مواقف وإن كانت نادرة لكنها سلبية للغاية لارتباطها بالقرآن الكريم.

 

* تربويات..

وفي مشاركة ركزت على الجانب التربوي قال بدر الإسلام: - السعودية: أولا: تطوير الجانب التربوي في الحلقات: تعرف على مشكلات الطالب من خلال الملاحظة أو السؤال عنه سواء سألت والديه أو إخوانه أو زملائه المصاحبين له ممن يتوقع منهم الفائدة.. كذلك سؤاله المباشر عن أبرز مشاكله التي تعوقه عن الأداء الجيد في الحلقة ولابد أن تعرف لكي تنجح هذه الطريقة لابد أن يكون لديك رصيدا عند الطالب من إشعاره بأنك أخ له بالتعامل طبعا وليس بالكلام وكذلك رصيدا كونته عنده بالسؤال عنه عند غيابه والاهتمام به والإهداء إليه والجلسات الفردية معه التي يكون فيها تنبيه على إيجابياته وحديث عن طموحاته، وينصح بدر الإسلام المحفظ بقوله: لا تنخدع بالأسباب الظاهرية فقد تكون حقيقة إنعكاسات لأسباب خفية ليس يملك كل فرد الشجاعة الكافية لإبدائها، كذلك ينصح بدر الإسلام المربي بقوله: افتح بابا مع الطالب للحوار في الآيات التي يسمعها وذلك عن طريق سؤاله عن معنى الآية وسبب النزول وطلب استخراج فائدة من المقطع، ويرى بدر الإسلام أن من المقولات الهامة قولهم ازرع مفهوما تحصد سلوكا وأن هذه المعلومة عليها مدار التربية في الحلقات وغيرها، فإن أردنا أن ننطلق منها فعلينا أن نحدد في أذهاننا المفاهيم التي ينبغي زرعها في طلاب الحلقات حتى يتحسن سلوكهم ومستواهم وترتقي همتهم

 

** الحماس غير المنضبط

أما أبو معاذ العرجان السعودية فيحذر من الحماس الغير منضبط الذي يجعل الحلقات تظم في بداية العام المئات من الطلاب وفي آخر العام العشرات فقط، وسواء كان ذالك من الطلاب أو من المعلمين والمشرفين أو من الآباء والأمهات فعلينا البحث في تقويم ذلك

 

** استراتيجيات بعيدة المدى..

مشاركة أخرى من أبو أنس من السعودية يتحدث فيها عن أهمية وضع خطط واسترتيجيات بعيدة المدى تضع في الحسبان الفرص المتاحة والعقبات الحالية والتحديات المتوقعة والتصرف المناسب عند وجود ضغوط أو أمور مستقبلية، وكذلك توسيع نطاق العمل المؤسسي بأن يتم العمل تحت إطار منظم قدر المستطاع فالواقع يحكي عزلة مراكز الجمعية كل منطقة على حدة نظاما وهيكلة إدارية بل وللأسف يوجد اختلاف في الفروع المتواجدة في نفس البلد أحيانا مما يؤدي تشتيت الجهود وبعثرة الأعمال و.......

 

** استغلال المتخرجين..

تقول أمل الشقحاء من السعودية -: من تجربتي في مدارس التحفيظ أن العامل الرئيسي للنجاح هو التخطيط الإداري لهذه الفئة لأنها تكون أفضل ممن لم يخرج أو يخرج أهله لدور تحفيظ القران واذكر أهم نقطتين وهما: استغلال من تخرج في حفظ القران مع تطبيقه للقران على ارض الواقع وليس فقط حفظه وكذلك التأثير على من لم يخرج وكسر رهبة الدور من قبل أهل الدور..

 

** فتعلمنا العلم والعمل معا..

وكانت آخر مشاركة قد جاءتنا من عبد الرحمن الدوسري السعودية يبين فيها ضرورة أن يتعلم الطالب من معلمه تفسير كل آية بل كل كلمة قام بحفظها،، حيث نشاهد الآن الكثير من الحفاظ الذين يقرأون في المساجد وغيرها ويجملون أصواتهم، والعجيب أنهم يمرون على آيات تجعل الجبال تتصدع وتخر من عظمتها، ومع ذلك نشعر بوقعها على القارئ!!

 

وأظن والله أعلم بأن هذا العمل يجعل ما تم حفظه من القرآن مفهوم لحافظه، وبذلك تعم الفائدة الكبرى من قراءة وحفظ وفهم لما يقرأ، وعندها سنرى بإذن الله العديد من الحفاظ الذين تقشعر جلودهم أثناء القراءة، وهذا والله هو المكسب الحقيقي من حلقات تحفيظ القرآن، والله أعلى وأعلم.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply