قصة مدرس تاجر


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

هذه قصة مدرس تاجر ومن عائلة غنية،، وهو يدرس المرحلة الثانوية وبخاصة ثالث ثانوي،،

وكانت حصصه دائما تبدأ بنقاش وحديث خارج عن المادة التي يدرسها،، فمره يتحدث عن الحرب العالمية الثانية ومره عن أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - وبطولاتهم ومره عن البترول وغيره من المواضيع الشيقة،، بالطبع جميع الطلاب يشتاقون لحصته ويحبونه لاندماجه معهم ومعاملته لهم كصديق، وفي ذات يوم دخل هذا المدرس كعادته على احد فصول الصف الثالث ثانوي وبدأ النقاش والحديث في مواضيع مختلفة وتكلم عن التجارة وأن الرزق والتوفيق بيد الله.

وكان في آخر الفصل طالب اسمه عبد العزيز،، عبد العزيز معروف في المدرسة كلها بجرأته ولا يهمه مدير أو مدرس،،

 

فقال عبد العزيز للمدرس: عندي سؤال يا أستاذ، فقال المدرس: تفضل

 

قال الطالب: كلنا يعرف بأنك رجل غني وتاجر، فلماذا تدرس؟ \" مالك ومال وجع الرأس\". فضحك الطلاب ومعهم المدرس، فقال المدرس: حسنا تعال لأخبرك ولكن قبل ذلك سأسألك بعض الأسئلة بعدها أجيب على سؤالك وأريدك أن تكون أكثر جرأة في إجاباتك.

 

قال الطالب بعد أن خرج أمام الطلاب: تفضل يا أستاذ قال المدرس: كم عمرك وكم تتوقع انك ستعيش في هذه الدنيا؟ قال الطالب بعد أن فكر: عمري تقريبا عشرين، وأتوقع أن أعيش زيادة على العشرين ستون أخرى هذا إذا كنت متفائل، أما إذا كنت متشائم فأتوقع أني أمسي الليلة في القبر.

 

قال المدرس: 80 سنة ستعيش رغم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال \" أعمار أمتي بين الستين والسبعين \" لكن لا بأس، سؤالي هو: ماذا تريد أن تكون بعد عشر سنوات؟! خذ وقتك في التفكير فسنلغي درس اليوم. قال الطالب: أريد بعد عشر سنوات يا أستاذ أن يكون لي بيت وزوجة وسيارة ووظيفة براتب جيد. قال المدرس: أريدك الآن أن تتخيل نفسك قد حصلت على هذه الأشياء قال الطالب بعد وقت قليل: تخيلت يا أستاذ قال المدرس: هل فعلا هذا ما تريده؟ قال الطالب: أكيد، هذه الأشياء كل الناس تتمناه وتعتبر عند الناس أهم شيء لحصول السعادة. قال المدرس: وقعنا في مشكلة، أنت تحدد رغباتك على ما يريده الناس وليس على ما تريده فعلا أنت. أرجوك فلنعيد مره أخرى ولكن قل ما تريده أنت وليس ما ترى أن الناس يريدونه.

 

قال الطالب بعد دقائق: اسمع يا أستاذ سأكون معك صريح وأقول لك: أن البيت والزوجة والسيارة والوظيفة أشياء أريدها وجيده ولكن في الحقيقة أنا من عائلة ميسورة الحال ولله الحمد، ودائما ما أرى أخي الصغير يرغب في شيء بسيط ويراه مع أصدقائه وأقاربه ولا نستطيع شراءه له لقلة المال، فو الله أني ارحمه واحزن عليه، فأريد المال لأجعله لا ينحرم من شيء يكون مع أقرانه،، وأيضا يا أستاذ عندي خالة أرملة ولديها أطفال وبيتها ايجار فيجمع لها أهل الخير لتعيش في ستر، فأريد المال لأعطيها ولا تحتاج لأحد غريب،، ثم قال بعد أن تنهد \" أعطني المال يا أستاذ وأعيش أحلى عيشه\".

 

قال المدرس: واضح أن كلامك يخرج من أعماق قلبك،، إذن هذه أحلى عيشه، الغريب انك تريد المال لغيرك ليس لك، فعندما تسعد أخوك وتحقق رغبته اسعد لك من أن تحقق رغبتك أنت، أليس كذالك؟ قال الطالب: نعم والله قال المدرس: أنت يا عبد العزيز شخصية تجد نفسها في مساعدة الغير،، فهل عندما تخدم أخوك أو أي شخص تنظر إلى جانب الأجر واحتسابه؟ قال الطالب: بصراحة لا احتسب

 

قال المدرس: اسمعوا يا شباب مهما طلبتم وتمنيتم شيء وتحصلون عليه فستبحثون عن أفضل منه فلن تشبعوا من الدنيا إن بحثتوا عنها، فالدنيا فانية فكلنا لا نعلم متى سنموت،، فلابد أن تعرف ما هي شخصيتك وما هي رغباتك واجعلها تعينك على فعل الخير، فمثلا عبد العزيز لو احتسب الأجر في كل خير يعمله في إفراح أخوه أو في إدخال السرور على خالته و سترها لأصبح لديه سعادة الدنيا والآخرة، ويجب أن نعمل للآخرة فأنت تقول يا عبد العزيز سأعيش ستون سنة زيادة على عمرك هذا، فهل ستون سنة من الصبر وتحمل الدنيا يوازي حصولك على الجنة والخلود فيها؟! هل تعرفون معنى الخلود؟

 

وإجابتي على سؤالك: أنا شخصيتي أحب ترأس المجلس وأحب أن يستمع لي الناس واجد المتعة واللذة في ذلك ومن جانب آخر احتسب الأجر في كلامي وفي كل نصيحة،، مثلا انصح طالب واعلمه الأذكار وبعض الذكر، فيكون كل ما ذكر الله يأتيني مثل أجره،، أو اجعل الطلاب يحافظون على الصلاة أو غيره من أمور الخير.

فهل عرفتم لماذا ادرس رغم أني لست بحاجه للمال.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply