أولوياتك كمبتعث


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لا يتوقع أكثر المتفائلين أن يتجاوز عدد الطلاب المبتعثين التسعة ألاف طالب ممن وصل أو يكاد يصل إلى بلده ومكان غربته. وهذا الرقم الكبير تم فقط في أشهر قليلة كانت البعثة حلماً وأملاً للكثيرين تحول بعدها الحلم إلى واقعٍ, ملموس يبصره الطالب في ملبسه ومسكنه ووجوه الناس من حوله من أبناء بني الأصفر

هذا الرقم يبعث على التساؤل حول أولويات الطالب المبتعث وكيفية التعامل مع تلك الأولويات؟

غني ٌعن القول أن طريقة التربية وأسلوب التوجيه في مدارسنا ومنازلنا قد لا يساعد الطالب على معرفة أولوياته وترتيبها والتعامل معها بما يضمن له النجاح في حياته الدراسية والاجتماعية دون أخطاء أو تأخير.

ومن العبث ترتيب تلك الأولويات وتفصيلها لتناسب جميع الأجناس والأذواق..فالناس أطباع..في اختلافهم رحمة وفي تنوعهم ثروة.. ولكن هي مجموعة أولويات على الطالب إعادة ترتيبها حسب احتياجاته ورغباته.

أولاً: دعاء الاستخارة: وهو أمر شرعي مرغوب لمن احتار بين أمرين أو أكثر ولا يدري ما الأفضل.. وتتأكد الاستخارة عند أولئك الذين تترتب على بعثتهم أمور أخرى كالاستقالة من وظيفة أو هجر دراسة.. وللاستخارة دعاء معروف في أحوالٍ, خاصة.

ثانياً: البحث عن المدينة الأمريكية المناسبة في مناخها وموقعها وأحوال الناس فيها.. وكذلك مصاريف المعيشة بها.. حيث تتفاوت الطباع والأخلاق بين الولايات والمدن.. وإجمالاً فإن المدن الجامعية والولايات الغربية أقل تطرفاً وأكثر تقبلاً للطلاب الأجانب.. لكنها ليست قاعدة.

 

ثالثاً: اختيار الجامعة الملائمة للطالب في تخصصاتها وقوانينها ومتطلباتها.. ومن الخطأ البحث عن الجامعات القوية في تصنيفها في الوقت الذي لا يملك فيه الطالب المهارات اللازمة والمواهب الضرورية التي تساعده على التعايش مع متطلبات تلك الجامعات والتأقلم مع قوانينها.

 

رابعاً: تجنّب الولايات النائية والجامعات المغمورة التي لا تملك رصيداً من الشعبية بين الطلاب السعوديين أو العرب بزعم سرعة تعلم وإتقان اللغة الإنجليزية.. فالإنسان السعودي اجتماعي بطبعه ومن الصعب العيش في بيئة معزولة يعيش فيها الطالب لوحده مدفوناً بين كتبه ودفاتره.. فالأمر سنوات وليست أشهراً يجاهدها الإنسان.. كما أن الاختلاط مع الآخرين يساعد على خلق أجواء صحية للتعلم والنجاح.. ومن التجربة فإن المخالط أكثر نجاحاً في دراسته وإتقاناً للغته.

 

خامساً: التسلح بالفهم الصحيح والإدراك السليم للاختلافات العقائدية والتنوعات العرقية والثقافية بين الناس.. وضرورة استيعاب وفهم الأخر والتعايش معه من منطلق إنساني.. واحترام الآراء والأفكار الأخرى المخالفة.

 

سادساً: اختيار الرفقة الصالحة التي تحفظ الإنسان في غربته وتذكره بمهمته وتربطه بمجتمعه ووطنه.. الرفقة التي تكون كالمسك في ريحها وكالبلسم في تأثيرها.

 

سابعاً: العمل على خلق انطباع جيد عن الإنسان المسلم والمواطن السعودي ورسم الصورة الإيجابية والدفاع عنها من خلال الكلمة المخلصة والتعامل الصادق.. فالدين المعاملة.. وتذكر أن فعلاً واحداً قد يُحدث أثراً تتقازم أمامه ألاف الكلمات والخُطب.

 

ثامناً: احترام القوانين والأنظمة وعدم القفز فوقها أو سماع نصائح من توهّم أنه يستطيع تجاوزها.. فالمسلمون على شروطهم.. والكلمة أمانة.. واحترام العهود والمواثيق من أخلاق المسلم.

 

تاسعاً: التواصل مع الأهل والأصدقاء في أرض الوطن.. وتجنّب الهجر والعقوق والنسيان.. (فإن هانوا في عينك فاعلم أنك مازلت كبيراً في نظرهم وغالياً في بورصة معزتهم).

 

عاشراً: وهو أهمها وأجلّها وأعظمها.. وهو تعميق الارتباط مع الله والقرب منه بفعل ما أمر وترك ما نهى عنه وزجر.. واعلم أنك في أرض تموج بالشبهات وتسبح فوق نهر من الشهوات ولا منجى من هذا إلا بالتمسك بالثوابت والقيام بالسنن والفرائض. واعلم أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply