الإنترنت في العالم العربي بين العوائق والانتشار


بسم الله الرحمن الرحيم

 

رغم كل الكلام (الاستعراضي) لبعض المصادر العربية عن نمو عدد مستخدمي الإنترنت في بلدانهم، لا يزال العدد الإجمالي دون عتبة الـ15 مليوناً، أي ما يوازي نحو 4 في المائة من سكان المنطقة. وحتى البلدان التي شهدت نمواً في منطقة الخليج العربي لا تزال تحقق معدلات دون المستوى المنطقي مقارنة ببنيتها التحتية الحديثة والمبالغ الكبيرة التي أنفقتها لتشجيع استخدام الإنترنت. لذلك وبعد نحو عقد على بدء انتشار الإنترنت في المنطقة لا يزال الخبراء يصفون معدلات نموها بالخجولة والمتدنية، ويقولون: (إن وضع الإنترنت في المنطقة ليس مفاجئاً بسبب الغياب النسبي للبنى التحتية الجيدة وقلة المنافسة والنقص في المضمون العربي على الإنترنت والحواجز العديدة). لكن من جهة أخرى، لا يزال النمو مستمراً وثمة مبادرات حكومية تشجع على التفاؤل. فما هي أبرز الملاحظات التي يثيرها الخبراء حول هذا القطاع وتطوراته في الأعوام الأخيرة؟ اللغة: أن أحد أوضح عوائق استعمال الإنترنت في العالم العربي هو أن الإنترنت تحلق في فضاء اللغة الإنكليزية. أما اللغات الأخرى مثل العربية التي لا تستعمل الحرف اللاتيني فتحتاج إلى برنامج خاص لعرض الحروف العربية، ونقل النصوص العربية عبر الإنترنت يسبب مشكلة لأن حروفه ليس بتقنية ASCII تقنيات خاصة بالحروف الإلكترونية). وقد بدأت الحلول تظهر مع تبني (برامج التصفح) Browsers والبريد الإلكتروني لمقاييس جديدة للإنترنت، ومع ذلك فإن تطوير مقياس للحروف العربية يجب أن يكون من أولويات المنطقة. التنظيم والرقابة التحدي الثاني للتشجيع على تبنّي الإنترنت في المنطقة يكمن في التنظيم. وفي هذا المجال تطرح التكنولوجيات الجديدة في العالم العربي العديد من الأسئلة السياسية والتنظيمية بخصوص المنافسة، والترخيص، والاستخدام. مثلاً، رغم أن 80 في المائة من أسواق الاتصالات في العالم تسمح بالاتصال عبر الإنترنت VoIP، إلا أن العديد من الدول العربية ليست متلهفة للسماح باستعمالها. وفي معظم البلدان العربية تحتكر المؤسسات الحكومية قطاعي الاتصالات وخدمات الإنترنت وهذا يؤثر كثيراً على تكلفة استخدام الإنترنت ونوعية الاتصالات. ولكن ذلك يتيح من جهة أخرى للحكومات فرصة توجيه اهتمامها إلى المضمون (الحساس) على الإنترنت، أي الذي تريد إخفاءه عن مواطنيها. وتنفذ هذه السياسات من خلال التحكم في رسوم الاشتراك ومراقبة استخدام المعلومات. وفي هذا الوضع تتميز سيطرة كل من الأردن ولبنان ومصر وتونس على الإنترنت بالتساهل والغموض، بينما تملك بلدان الخليج كالمملكة والإمارات قوانين صارمة حول مضمون المعلومات. أما في المغرب فيستطيع المستخدم استعمال الإنترنت بدون حواجز من منزله أو مقر عمله أو من أحد مقاهي الإنترنت. من جهة أخرى، تجدر الإشارة إلى أن الاستخدام التجاري للإنترنت في العالم العربي يبدو أقل إثارة للجدل. وتعتبر مصر والأردن ولبنان والإمارات الدول الأكثر قبولاً لإمكانات التكنولوجيا الجديدة، وقد حققت تقدماً مهماً في هذا المجال. أبرز التجارب كانت في الإمارات التي تتجه إلى تشكيل محور إقليمي لتكنولوجيا المعلومات منذ إنشاء منطقة التجارة التكنولوجية الحرة في دبي. وتُظهر الأرقام تقدماً سريعاً و(انفجاراً) في عدد المستخدمين، ولكن مقارنة بحالات عالمية وبالقدرة الشرائية المرتفعة للإماراتيين لا تزال النسبة منخفضة. وهذا النوع من المقارنة قد يكون مضللاً لأنه لا يأخذ في الاعتبار الفروقات الثقافية والاجتماعية التي تؤدي إلى نسب استخدام مختلفة. وتقول دراسات: (إن التجارة الإلكترونية ستنمو ببطء في بعض هذه الاقتصاديات المحلية بسبب قلة الثقة بأمن الصفقات التجارية عبر الإنترنت ونظراً لقوة التقاليد التجارية في أداء الأعمال والتفاوض الذي يحصل وجهاً لوجه). ويقول تقرير صادر عن Pyramid Research،: (إن العلاقة بين أساليب استعمال الإنترنت والشروط الموضوعة على حجم المعلومات المنقولة هي التي تحدد فرص الأعمال في العالم العربي بالنسبة إلى الاتصالات ومزودي خدمات الإنترنت ومطوري التطبيقات وغيرهم). الفرص لكي يرتفع عدد مستخدمي الإنترنت في العالم العربي بنسب عالية، على الحكومات إطلاق سياسات جديدة متشابهة لما أطلقته بلدان مجلس التعاون الخليجي وأن تبدأ بتنفيذ السياسات لرعاية هذا النمو. فهناك العديد من الإشارات التي تدل على أن نشر تجربة بلدان مجلس التعاون الخليجي في المنطقة ممكن. وبالنسبة إلى المراكز من حيث الاستخدام للإنترنت، يأتي لبنان في المركز الخامس يليه الأردن، حيث تحاول الجهات الرسمية زيادة عدد مشتركي الإنترنت بطرق مختلفة أبرزها توفير المنافسة ورفع مستوى الخدمات وخفض الضرائب والرسوم. ولكن من الصعب أن نرى تجارب متكاملة في كل أنحاء المنطقة، خصوصاً في ضوء وجود بلدان عربية كبرى معزولة سياسياً وعسكرياً واقتصادياً نتيجة عقوبات أميركية سابقة أو حالية ومشكلات أمنية سببها الاحتلال الأميركي الحالي. وهذه البلدان هي العراق واليمن وليبيا والسودان. وتتفاقم أزمة البنية التحتية في المنطقة بسبب تكلفة نقل المعلومات العالية التي يسببها النقص في التنظيم. فأي مشروع معلوماتي حكومي يحتاج إلى تخصيص الأموال لتحديث البنية التحتية، وهذه الأموال لا تملكها بلدان فقيرة مثل السودان والعراق. وعادة تلجأ هذه البلدان إلى منظمات دولية مثل صندوق النقد الدولي لمساعدتها في مشاريعها، لكن التنفيذ يتطلب وقتاً طويلاً. وكذلك، تحتاج الرسوم العالية نتيجة تكلفة البنية التحتية والمنافسة المحدودة إلى حلول إذا أرادت هذه البلدان أن تتبنى خدمات الإنترنت بسرعة تمكنها من نشر الاستخدام الواسع. نسبة الاستخدام ثمة مشكلة في تحديد عدد مستخدمي الإنترنت العرب، تعود إلى عدم تشكيل المنطقة مجالاً استثمارياً مربحاً في الإنترنت ومواقعها sites والتجارة الإلكترونية. فرغم تعدد الدراسات التي قالت عام 2000 أن عدد مستخدمي الإنترنت العرب يناهز 45•3 ملايين وسيرتفع إلى 5 ملايين في نهاية عام 2001 على أن يصبح ضعفي ذلك أي ما بين 10 و12 مليوناً في نهاية 2002، ونحو 20 إلى 25 عام 2004، إلا أن ذلك لم يحصل ولم تصح التوقعات. ونقف اليوم على مشارف نهاية 2004 فيما لا يزال عدد مستخدمي الإنترنت العرب دون 15 مليوناً.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply