الأهداف أهم من الكتب


بسم الله الرحمن الرحيم

 

تسعى الجهات المعنية بوزارة التربية بشكل دائم نحو تحديث المناهج الدراسية، وغالباً ما يرتكز التحديث نحو تغيير أو تطوير المقررات الدراسية، وهو ما جعل البعض يختزل قضية تحديث المناهج إلى كونها مجرد تطوير المقررات أو الكتب الدراسية. تطوير المقرر الدراسي لاشك يمثل عنصراً رئيسياً في تطوير المنهج، ولكن الإصرار عليه أدى إلى تحويل المعلمين إلى مجرد ملقنين لما يحويه ذلك المنهج، كما أحال قضية التعلم لدى الطالب إلى مجرد إنهاء سطور المقرر المدرسي... وجهة النظر التي اطرحها، وسبق أن طرحتها، تتمثل في استبدال المقرر الدراسي للمرحلة الدراسية بالأهداف التعليمية المراد تحقيقها لكل مرحلة دراسية، بمعنى أن يكون لكل مرحلة دراسية أهداف يجب تحقيقها لكل مادة أو حزمة مواد. فعلى سبيل المثال بدلاً من أن يكون منهج الصف الثالث الابتدائي في القراءة هو إنهاء الكتاب المدرسي ليكن الهدف هو إتقان القراءة والكتابة. حينها ليس بالضرورة أن يجبر المعلم على تعليم كتاب دراسي بذاته وإنما توفر له وزارة التربية والتعليم مصادر مقترحة لتحقيق أهداف المرحلة الدراسية. نحن لا نحفظ المعلم مناهج أثناء دراسته الجامعية ليصبح مدرساً فيها وإنما نعلمه طرق تدريس ونعلمه كيفية تصميم المنهج الدراسي ونعلمه كيفية توفير ونقل المعلومة.. الخ من المهارات التعليمية والتربوية، وبالتالي هو مؤهل، أو هكذا يفترض، ليقوم بمهمة تصميم أو إعداد المنهج المؤدي لأهداف محددة يتم رسمها مسبقاً. بل اعتقد بأن المدرس الجيد سيكون سعيداً بأن يعطى الثقة للإبداع في تطوير المنهج الذي يراه مناسباً للوصول إلى الهدف المنشود. هذا النظام تتبعه الدول المتقدمة، فعلى سبيل المثال من يزر موقع إدارة التعليم الكندية سيجد أن المناهج موضوعة على الانترنت، لكنها ليست مقررات دراسية وإنما أهداف مفصلة لكل مرحلة دراسية، وأنا أرى أن نبدأ في تطبيق مثل هذا المقترح بشكل تجريبي في البداية إما بتطبيقها على بعض المراحل الدراسية أو بعض المواد الدراسية، وليكن المراحل الدراسية الأولية، أو بالسماح لبعض المدارس بتطبيقها، وبالذات بعض المدارس الخاصة المتميزة والتي ستتنافس لتطوير حقائب تعليمية تحقق الأهداف الموضوعة وفي نفس الوقت تضمن لها التميز. سيكون السؤال التالي هو: كيف نضمن تلك الأهداف؟ هذا الأمر يتطلب إيجاد بعض المعايير التقييمية المناسبة، كإيجاد اختبارات تحصيلية من قبل وزارة التربية والتعليم، أو كمرحلة انتقالية يمكن إيجاد لجنة علمية توافق على الخطط أو الحقائب التعليمية قبل البدء في تطبيقها من قبل المدارس المختلفة بحيث يتم التأكد من تحقيقها للأهداف الموضوعة للمرحلة الدراسية..

ملاحظة: القارئة مريم إبراهيم قد ترى في ذلك تعارضاً مع ما طرحته في مقال سابق حول المدارس الأجنبية، حيث أوحى تعقيبها الرافض لتوحيد المناهج بالمدارس الأجنبية، بأنني ارفض التعدد والتنوع، وهنا أجدها فرصة للإيضاح بأنني كذلك لا أطالب بتوحيد المناهج وإنما أطالب بالحد الأدنى الذي يجب توفره وهو الحد الذي لا أحبذ أن يكون عن طريق مقرر بذاته بقدر ما يكون عن طريق هدف بذاته.

ملاحظتي على بعض المدارس الأجنبية كانت حول ادعائها بأنها تدخل مواد اللغة العربية والتاريخ والدين الإسلامي ضمن مقرراتها ولكنها تقدمها بشكل متواضع لا يحقق أهدافاً واضحة ولا يربط تلك المدارس بالمجتمع وهي المدارس التي نود أن تصبح وسيلة تواصل عالمي حضاري ثقافي مع المقيمين ببلادنا.

المدارس الأجنبية ليست جميعها خاضعة للسفارات الأجنبية، وإنما كثير منها مثله مثل المدارس الأهلية الأخرى، باستثناء كونها تتابع وتراقب عن طريق قسم تعليمي مختلف (التعليم الموازي)

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply