حَقِيقَةُ العالِم و آدابُه


 
بسم الله الرحمن الرحيم
حقيقة العالم:

كَثر في هذا الزمان أولئك المتسمٌّون باسمِ الفقيه، أو العالمِ، أو المفتي _ من عامة الناس _º وما ذلك إلا: لأن البصائرَ قد عَشيت, والأفهامَ قد صَدئت, وأُبهمت عن: معنى الفقيه ما هو؟ والفقيه من هو؟ فهم يعوِّلون على الاسم دون المعنى , وعلى المنظرِ دون الجوهر.

 

وحقيقة العالمِ و الفقيه: - الذي يجوز تقليده، والفَـزَع إليه عند المشكلات , والانقيادِ إلى طاعته عند نزول المعضلاتِ , وحلولِ الشبهاتِ\"(1)- قد أبان عنها كثيرٌ من العلماء , ومن أولئك: ابن حمدان الحنبلي - رحمه الله - حيث قال: ((هو من يستقل بإدراكه للأحكام الشرعية من الأدلة الشرعية العامة والخاصة وأحكام الحوادث منها، مع حفظه لأكثر الفقه ولا يقلِّد أحداً، ولا يتقيد بمذهب أحد)).أ هـ

 

وهذا ابن الصلاح الشافعي - رحمه الله - يقول: ((المجتهد المستقل: هو الذي يستقلٌّ بادراك الأحكام الشرعية من الأدلة الشرعية من غير تقليد, وتقيٌّد بمذهب واحد)) (3) ويقول الزركشي الشافعي - رحمه الله -: ((وهو البالغُ العاقلُ ذو ملكةٍ, يقتدرُ بها على استنتاج الأحكامِ من مآخذها ..)) (4)

 

وهو في الحقيقةِ من توفرت فيه شروطٌ - سيأتي ذكرها بعدُ- وسلمت له آلاتُ اجتهادهِ وأدواتُ نظرهِ من العطبِº ولذا يقول ابن عقيل الحنبلي - رحمه الله -:\"وهو من سلمَ من العاهاتِ , وسلمت له آلاتُ اجتهادهِ , وأدواتُ نظرهِ من الآفات ..)) (5)

 

- فائدة:

هل هناك فرقٌ بين الفقيه، والمجتهد، والمفتي؟

 

إن الناظرَ في كتب الفقهاء - رحمهم الله - يرى أنهم يُطلقون اسمَ العالمِ والفقيهِ والمفتي , ويريدون به المجتهدَ المستقلَ على الحقيقة ,

 

 قال ابن الهمام - رحمه الله -: ((إن المفتيَ: هو المجتهدُ, وهو الفقيه))(6).

وقد يتجوزُ الفقهاءُ فيطلقون هذه الألقابَ على من هو أدنى من ذلك: كالمجتهدِ المنتسب , والضابطِ لمذهب إمامه .

ولذلك فإنَّ الإمامَ النووي الشافعي - رحمه الله - لما عدَّ أصنافَ المفتين الخمسة قال: \"وكلُ صنفٍ, منها يُشترط فيه: حفظُ المذهب , وفقه النفس , فمن تصدَّى للفتيا وليس بهذه الصفة , فقد باءَ بأمرٍ, عظيمٍ,)) أ.هـ (7).

 

----------

(1) - اقتباس من كتاب\"إبطال الحيل\"لابن بطه العكبري ص5.

(2) - صفة المفتي والمستفتي ص .

(3) - أدب المفتي والمستفتي ص87 .

(4) - البحر المحيط 6/199 .

(5) - الواضح في أصول الفقه 5/356 .

(6) - التحرير في أصول الفقه ص547 .

(7) - المجموع شرح المهذب 1/74 .

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply