ثلاث سنوات على 11 سبتمبر


 

بسم الله الرحمن الرحيم

يبدو أن الولايات المتحدة ستجعل من 11أيلول/ سبتمبر ذكرى عالمية يحتفي بها العالم، ويتذكرها كل عام.

هل كان 11 أيلول حدثاً عالمياً تاريخياً؟

نعم، ولا.

نعمº لأن الولايات المتحدة الأمريكية أرادته مفصلاً تاريخياً تراجع فيه سياساتها ومواقفها العالمية -  وبخاصة في العالم الإسلامي -، وقد احتلت أفغانستان والعراق ضمن تداعيات هذه الأحداث، ولتضغط على العالم الإسلامي سياسياً تحت دعاوى الإصلاح السياسي والاقتصادي.

ولاº لأنه لم يكن سوى عملية عنف لا تختلف كثيراً عن أعمال العنف في التاريخ والجغرافيا، ولا الكوارث الطبيعية التي تجتاح مناطق عدة من العالم، فعدد ضحايا حوادث السيارات على سبيل المثال في الوطن العربي يساوي عشرين ألفاً كل سنة، وفي الولايات المتحدة نفسها يموت سنوياً مثل هذا العدد في حوادث السير.

أوروبا تجاهلت الذكرى تقريباً، فلم تشهد الكثير من الاحتفالاتº إلا أن الصحف الأوروبية خصصت الكثير من صفحاتها ومقالاتها الافتتاحية لهذه الذكرى بنبرة شابهها التشاؤم إلى حدٍّ, ما.

وبعد ثلاث سنوات على هذه الاعتداءات التي أوقعت 2978 قتيلاً بينهم 2749 في نيويورك، لا تزال \"الحرب ضد الارهاب\" متواصلةº ولكن نتائجها متواضعة بحسب المعلقين الصحافيين وبعض القادة الأوروبيين.

وقد أقر الرئيس البولندي الكسندر كفاشنفسكي - حليف الولايات المتحدة - أن الحرب على الإرهاب التي بدأتها الولايات المتحدة قبل ثلاث سنوات بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر على نيويورك وواشنطن فشلت في إعطاء النتائج المرجوة.

ورأت شخصيات دولية شاركت في منتدى نظم في (ستوكهولم) إحياء للذكرى أن عبارة \"الحرب\" على الإرهاب تؤدي إلى نتائج عكسية، وقد تفشل إذا لم يعالج \"سوء الفهم الثقافي\" الذي يغذيها.

وذكّر معلقون أوروبيون بالأخطاء التي ارتكبت، والهوة التي باتت موجودة بين أوروبا والولايات المتحدة بسبب العراق.

ومن ألمانيا إلى إسبانيا إلى إيطاليا مروراً بفرنسا والدول الإسكندنافيةº انتقد الكثير من المعلقين الصحافيين بشدة الحرب في العراق التي أطلقها الرئيس الأمريكي جورج بوش.

فصحيفة \"الإندبندنت\" البريطانية التي تنتقد بشدة الحرب ضد العراق تأخذ على الرئيس الأميركي أنه \" أهدر خلال 18 شهراً كل التعاطف مع الولايات المتحدة \" الذي كان قوياً جداً بعد الاعتداءات على أراضيها.

وكتبت صحيفة \"لو سوار\" البلجيكية الصادر باللغة الفرنسية في مقالة افتتاحية تحت عنوان (كلا، لم نعد جميعنا أمريكيين) أن\"شعور التضامن والتعاطف الكبيرين مع شعب تعرض لضربة في الصميم قد تلاشى\".

واعتبرت صحيفة \"ليبيراسيون\" الفرنسية، أن السبب يعود إلى أن \"هذا النوع من الحروب لا يمكن كسبه بقوة السلاح الأمريكي وحده\".

أعمال العنف التي وقعت وتقع في أي مكان في العالم هي أعمال خاطئة يسعى العقلاء من جميع الأديان والأقطار لمواجهتها، ومن أبشعها ما تقوم به إسرائيل في فلسطين بحق الأطفال والنساء، وما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية في العراق بحق المدنيين والعُزّل، وربما كان أبشع أعمال الإرهاب في التاريخ هو إلقاء قنبلتين نوويتين على مدينتين أُبيد سكانهما، وظلوا يعانون عقوداً متواصلة من آثارها، وإبادة شعب بأكمله هو الهنود الحمر الذين كان عددهم عام 1492 مساوياً لعدد الأوروبيين (50 مليوناً)، وهم اليوم لا يزيدون على الأربعين مليوناً مقابل ألف مليون أوروبي، واستعباد 100 مليون أفريقي قتل أو توفي أكثر من نصفهم في ظروف بالغة القسوة، ويندى لها جبين الإنسانية.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply